تستنزف المياه والطبيعة.. تحذيرات من التداعيات البيئية لصناعة الملابس
تستهلك الملابس وقتًا وجهدًا في البحث والاختيار، كما تكلّف المولعين بتجديدها جزءًا مهمًا من مداخيلهم المالية.
فللملابس الجديدة متطلبات لا تقل قيمة استهلاكها عن الأكل والشرب، فهي حاجة أساسية ذات تكلفة مادية عالية دون التدقيق في ما تحتاجه من موارد طبيعية خلال عملية الإنتاج.
ووفق تقرير أممي، تحتاج صناعة سروال واحد فقط من الجينز ما بين 7 آلاف و10 آلاف لتر من المياه بدءًا من إنتاج القطن وحتى تسليم المنتج النهائي إلى المتجر.
الذهب الأبيض
فالقطن يعد المكوّن الرئيسي لألياف النسيج ويتربع على عرش الاستهلاك العالمي لصناعة الأقمشة، إذ يتوجه المحصول العالمي من إنتاج هذه المادة الطبيعية إلى تزويد مصانع الأزياء والأقمشة.
وتمر صناعته بخمس مراحل من زراعته وحصاده وغزله ونسجه وصولًا إلى مرحلة تقديم المنتج النهائي.
وجعلت التجارة من هذه المادة الأولية توصف بالذهب الأبيض، إذ تحتل صناعة القطن أكثر من 2% من المساحة العالمية المزروعة، وبلغت كمية إنتاجه عام 2021 نحو 25 مليون طن.
وفي المقابل، قدّرت تقارير دولية أن صناعة الأزياء تُفرز نحو 10% من الإجمالي العالمي للانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، لأن عملية الإنتاج الكاملة تستهلك طاقة قُدرت بما يفوق احتياجات قطاعي الطيران والنقل البحري مجتمعين.
تكلفة بيئية
وتتحمل الدول النامية التكلفة البيئية لهذه الصناعة إذ تتمركز مصانعها في الدول الآسيوية والإفريقية ومنها دول عربية لا سيما مصر، إلى جانب انتشار مصانع عالمية للأزياء الجاهزة في الدول الفقيرة والنامية حيث تتوافر اليد العاملة الرخيصة إلى جانب التكلفة البيئية من انبعاثات غازية واستهلاك كبير للمياه.
وأصبح الاستثمار في صناعة الأزياء للحد من البطالة في هذه البلدان يرهق كاهلها بيئيًا وينذر بنفاد مواردها الطبيعية، في وقت تتحمل فيه الدول الكبرى تكلفته المادية والبيئية كاملة.
تضاعف الإنتاج
في هذا السياق، يشير المهندس في البيئة وعلوم البحار حمدي حشاد إلى أن صناعة الألبسة تستهلك كميات كبيرة جدًا من المياه والموارد الطبيعية.
ويلفت إلى أن بعض الدراسات أشارت إلى أن إنتاج سروال جينز واحد يحتاج إلى ألف ليتر من المياه.
كما يذكر حشاد في حديث إلى "العربي" من تونس إلى أن إنتاج الملابس تضاعف منذ عام 2000.
ويقول: " إن صناعة الملابس تعتبر من أكثر الصناعات بعد النفط تلويثًا على وجه الأرض. وتستهلك هذه الصناعة 94 مليار متر مكعب من المياه ونحو 70 مليون برميل من النفط".
تداعيات بيئية
ويذكر أن 75% من الألياف المستعملة في صناعة الملابس باتت أليافًا كربونية تأتي من البترول، وهي كيميائية وليست طبيعية وتتفكك في الطبيعة بصعوبة.
كما يستخدم لصباغة طن واحد من الملابس نحو 200 طن من الماء، وتعد المواد المستخدمة لصباغة ومعالجة الملابس شديدة السميّة.
وتعتمد الدول المصنعة للملابس مثل الهند وبنغلاديش وفيتنام وإثيوبيا على الطاقة من حرق الفحم.
وتلجأ شركات الملابس إلى الدول التي لا تمتلك ترسانة قانونية ورقابة بيئية للحد من التداعيات السلبية لهذه الصناعة، حسب حشاد.