الخميس 25 أبريل / أبريل 2024

تصاعد القلق مع ازدياد الهجمات الدامية.. مسار عنصري يهدد أمن الأميركيين

تصاعد القلق مع ازدياد الهجمات الدامية.. مسار عنصري يهدد أمن الأميركيين

Changed

تقرير عن هجوم على محطة مترو في حي بروكلين في نيويورك (الصورة: تويتر)
يواجه غندرون تهمًا بإطلاق النار على 10 أشخاص من أصول إفريقية، مما أدى إلى مقتلهم، وقد يواجه اتهامات فيدرالية بارتكاب جرائم كراهية في الأيام المقبلة.

ندّد الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم الثلاثاء، بالهجوم "القاتل والعنصري" الذي أدى إلى مقتل عشرة أميركيين من ذوي البشرة السمراء، في مدينة بافالو الأميركية، ووصفه بـ "الإرهاب المحلي".

والسبت، توفي عشرة أشخاص، معظمهم أميركيّون من أصول إفريقية، بعدما أطلق بايتون غندرون النار داخل سوبر ماركت في بوفالو في ولاية نيويورك، في حادثة قالت الشرطة إنها "مجزرة ذات طابع عنصري".

وأشار بايدن إلى أن الأيديولوجية المتعصّبة لا مكان لها في الحياة الأميركية، وقال: "هذا إرهاب صريح ومباشر. إنه إرهاب داخلي".

وقال بايدن إن "تفوّق العرق الأبيض سُمّ يسري في عروق نظامنا السياسي، وقد سُمح له بأن يتفاقم أمام أعيننا"، منددًا "بأولئك الذين ينشرون الكذب من أجل السلطة والمكاسب السياسية والربح".

رجل أبيض غارق في مؤامرات

وذكرت السلطات أن المهاجم كان يصرخ بعبارات عنصرية، وأنه كان يرتدي زيًا عسكريًا ويثبّت كاميرا وثقت فعلته عندما خرج من سيارته، متوجهًا إلى أحد المحال التجارية، وبدأ بإطلاق النار على ضحاياه.

وأوضحت وكالة "أسوشييتد برس" أن "المسلّح البالغ من العمر 18 عامًا، يتناسب مع "ملف تعريفي مألوف: رجل أبيض غارق في مؤامرات مليئة بالكراهية عبر الإنترنت، ويستلهم من مذابح متطرفة أخرى".

وأضافت أن بايتون غندرون الذي يقطن في كونكلين نيويورك، نفّذ الاعتداء بعد عامين تقريبًا من بدء تلقيه "التلقين الراديكالي"، مما يدل على مدى سرعة وسهولة حدوث اعتداءات قاتلة على الإنترنت، حيث لا حاجة إلى تدريب تكتيكي أو مساعدة تنظيمية.

وأكدت أنه في حين أن مسؤولي إنفاذ القانون الأميركيين أصبحوا بارعين منذ هجمات 11 سبتمبر/ أيلول في تعطيل المؤامرات المنظّمة تنظيمًا جيدًا، إلا أنهم يُواجهون تحديًا أصعب بكثير يتمثّل في اعتراض الشباب المتطرفين الذين يمتصون دعايات المنظمات العنصرية على وسائل التواصل الاجتماعي ويخططون لارتكاب أعمال عنف بأنفسهم.

وقال كريستوفر كوستا، المدير الأول السابق لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي في إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب: "هذا هو السبب في أن الجميع قلقون للغاية، إذا كان لديك بندقية، فلن تحتاج إلى خطة كبيرة"، مضيفًا أن "ما تغيّر هو الإنترنت".

ويواجه غندرون تهمًا بإطلاق النار على 10 أشخاص من أصول افريقية، مما أدى إلى مقتلهم، وقد يواجه اتهامات فيدرالية بارتكاب جرائم كراهية في الأيام المقبلة. ويُزعم أنه ترك وراءه خطابًا مؤلفًا من 180 صفحة قال فيه إنه "كان يهدف إلى إرهاب الأشخاص غير البيض وحملهم على مغادرة البلاد".

واعتبرت الوكالة أن غندرون ردّد هذه الأفكار التي خلّفها قتلة بيض آخرون، كان قد بحث في مذابحهم على نطاق واسع عبر الإنترنت.

تهديد متطور

وأكدت أن الأدلة الحالية دليل على التهديد المتطور الذي يواجه مؤسسات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة.

وفي السنوات الأولى بعد هجمات 11 سبتمبر، كان المسؤولون الأميركيون مشغولين بإمكانية قيام خلايا إرهابية منظّمة بتعبئة أتباعها لشنّ هجمات جديدة. وفي وقت لاحق، تحوّل القلق إلى احتمال أن يتصرّف متطرفون من خارج الولايات المتحدة من تلقاء أنفسهم، في ما كان يعرف بهجمات "الذئاب المنفردة". والآن، برز المتعصّبون البيض بصفتهم محور تركيز أمامي ومركزي.

والعام الماضي، وصف مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي التهديد الإرهابي المحلي بأنه "ينتشر".

وكان المتطرفون ذوو الدوافع العنصرية مسؤولين عن معظم الهجمات الأكثر دموية على الأراضي الأميركية في السنوات الخمس الماضية، بما في ذلك إطلاق النار عام 2018 داخل كنيس يهودي في بيتسبرغ، وهجوم في العام التالي، حيث قتل مسلح يستهدف ذوي الأصول اللاتينية، 22 شخصًا داخل وول مارت في تكساس.

والعام الماضي، حذّر تقرير غير سري من مجتمع الاستخبارات الأميركية من أن المتطرفين العنيفين بدافع المظالم السياسية والكراهية العنصرية يشكلون تهديدًا "متزايدًا" على البلاد.

واعترافًا بالمشكلة، قال البيت الأبيض في مارس/ آذار الماضي، إن ميزانيته الأخيرة زوّدت مكتب التحقيقات الفيدرالي بزيادة قدرها 33 مليون دولار للتحقيقات المحلية في الإرهاب. وعام 2019، جمع مكتب التحقيقات الفدرالي عملاء متخصصين في مكافحة جرائم الكراهية مع أولئك الذين يركزون على أعمال الإرهاب المحلي، في إشارة إلى الطبيعة المتداخلة للتهديدات.

محاكمات سابقة

وفي السنوات الأخيرة، حاكمت السلطات الفيدرالية أعضاء جماعات تفوّق العرق الأبيض والنازيين الجدد، والتي تبنّت فلسفة هامشية تُعرف باسم "التسارع"، والتي تروّج للعنف الجماعي لتأجيج انهيار المجتمع، أو إشعال حرب عرقية، أو الإطاحة بالحكومة الأميركية.

ويؤمن بعض هؤلاء بأفكار من قبيل نظرية "الاستبدال العظيم"، وهي مؤامرة لا أساس لها تقول إن هناك مؤامرة لتقليل تأثير الأشخاص البيض.

وقالت شانون فولي مارتينيز، وهي متطرّفة سابقة تعمل الآن على توجيه الأشخاص الذين يحاولون مغادرة الجماعات العنصرية، إن الانترنت يمنح حرية تبادل هذه الأفكار بشكل أكبر بكثير مما مضى.

ولطالما كان هناك جدل داخل نظام العدالة الجنائية حول القدرة على إعادة تأهيل المتطرفين ذوي الدوافع العنصرية أو الإثنية. وبمجرد توجيه الاتهام لهم، سعى العديد من المتهمين إلى التخلي عن أيديولوجياتهم، مشيرين إلى عوامل مخففة في حياتهم قالوا إنها شوهت حكمهم وأدت إلى مجموعة مسمومة من المعتقدات.

عام 2020، اتهمت وزارة العدل الأميركية أربعة من أعضاء "اتوموافن" (Atomwaffen) في سياتل بالاشتراك في حملة لترهيب الصحافيين وغيرهم بملصقات تهديد على منازلهم. عندها سعى محامو الدفاع إلى إظهار أوجه التشابه بين خلفيات عملائهم ومسارات التطرف: لقد تعرّضوا للتنمر، ليس لديهم أصدقاء، منبوذون، يتوقون إلى مجتمع، وجدوا بعضهم البعض على الإنترنت.

وكان كاميرون شيا، مؤسس "اتوموافن" مدمنًا على المواد الأفيونية ويعيش في سيارته عندما أسس الجماعة. وكتب في رسالة موجّهة إلى القاضي الذي حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات إنه "كان ضائعًا وحزينًا وغاضبًا من العالم"، مضيفًا: "كان اختيار الهجوم والشعور بالغضب من كل شيء أسهل من معالجة الحزن".

وقال محاميه بيتر مازون: "انجذب تايلور آشلي باركر-ديبيب، الذي كان يبلغ من العمر 21 عامًا عند إصدار الحكم، إلى خلية اتوموافن بعد أن تمّ نبذه من قبل أقرانه، وكثيرًا ما تعرض للتنمّر في مدرسته الثانوية في نيو جيرسي على خلفية تحوّله الجنسي".

استلهم من أعمال عنصرية أخرى

وتُشبه هذه التحولات تحولات غندرون، الذي يشير البيان الذي نشره على الإنترنت، إلى أنه استلهم من أعمال عنصرية أخرى، مثل تلك التي قام بها رجل أبيض قتل 51 شخصًا في مسجدين في كرايستشيرش بنيوزيلندا عام 2019.

وفي الوثيقة، قال غندرون إنه كان يعاني من "الملل الشديد" مع تقدم جائحة كوفيد-19، وأنه في مايو/ أيار 2020 بدأ بتصفّح 4chan، وهو موقع مراسلة خارج عن القانون يحظى بشعبية ويقوم بنشر منشورات مجهولة الهوية، وغالبًا ما تكون عنيفة أو مضللة.

وأشار غندرون إلى أنه تصفّح لأول مرة لوحة الرسائل الخاصّة بالأسلحة النارية في الموقع، لكنه سرعان ما عثر على مواقع إلكترونية للنازيين الجدد نشرت على الموقع، ثم على نسخة من فيديو البث المباشر لإطلاق النار على مسجدي نيوزيلندا.

وقالت صوفي بيورك جيمس، الأستاذة المساعدة في جامعة فاندربيلت التي تبحث في الحركة القومية البيضاء وجرائم الكراهية: "توضح هذه الوثيقة مسارًا واضحًا للغاية من التطرف عبر الإنترنت إلى الإرهاب المحلي والتطرف".

وشارك غندرون لقطات من الميمات وعناوين الأخبار المحافظة التي ساعدته في صياغة معتقداته المتطرفة في البيان.

ولم يقم موقع "فيسبوك" بإزالة البث المباشر لمجزرة مسجد نيوزيلندا إلا بعد 17 دقيقة من بثه، تاركًا نسخًا من الفيديو ليتمّ تداولها إلى أجل غير مسمى على مواقع صغرى. كما انتشر فيديو البث المباشر لغندرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويمكن استخدامه لتلقين المزيد من المستخدمين.

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close