استنكر زعيم حزب "الديمقراطيين" الإسرائيلي يائير غولان ما وصفها بـ"الممارسات" التي ترتكبها تل أبيب في قطاع غزة، معتبرًا أن "الدولة العاقلة لا تشن حربًا على المدنيين ولا تقتل الأطفال كهواية ولا تنتهج سياسة التهجير".
تصريحات غولان جاءت خلال مقابلة أجرتها معه هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، وأثارت موجة انتقادات له من جانب أصوات في الحكومة والمعارضة.
وتأتي هذه التصريحات، فيما ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة، أسفرت عن أكثر من 174 ألف بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.
ولليوم الـ80 تواصل إسرائيل سياسة تجويع ممنهج لنحو 2.4 مليون فلسطيني بغزة، عبر إغلاق المعابر بوجه المساعدات المتكدسة على الحدود، ما أدخل القطاع مرحلة المجاعة وأودى بحياة كثيرين.
زعيم حزب إسرائيلي يستنكر قتل أطفال غزة كهواية
وقال غولان، وهو نائب أسبق لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي: "الدولة العاقلة لا تشن حربًا على المدنيين، ولا تقتل الأطفال كهواية، ولا تضع لنفسها أهدافًا مثل تهجير السكان".
وأضاف محذرًا: "إسرائيل في طريقها لأن تصبح دولة منبوذة بين الأمم.. مثل جنوب إفريقيا في الماضي إذا لم تعد وتعمل كبلد عاقل".
وأعرب عن صدمته، قائلًا: "ما يحدث صادم بكل بساطة. لا يمكن أن نكون نحن، الشعب اليهودي الذي عانى الاضطهاد والمذابح والإبادة عبر تاريخه، من نتخذ خطوات غير مقبولة على الإطلاق"، حسب قوله.
وحمّل غولان حكومة بنيامين نتنياهو مسؤولية ما يجري في غزة، داعيًا إلى تغييرها.

وتابع: "هذه حكومة تضم أفرادًا لا علاقة لهم بالقيم اليهودية؛ أشخاصًا من أتباع كاهانا، يفتقرون إلى الذكاء والأخلاق والقدرة على إدارة الدولة في أوقات الطوارئ. وجودهم يشكل خطرا على بقائنا".
ومئير كاهانا، حاخام أميركي ـ إسرائيلي أسس حركة كاخ اليمينية المتطرفة في إسرائيل، التي تدعو إلى تهويد الدولة بالكامل وطرد العرب مما تسميه "أرض إسرائيل الكبرى".
وأردف غولان: "لذا، فقد حان الوقت لاستبدال هذه الحكومة في أقرب وقت حتى تنتهي هذه الحرب أيضًا".
ردود فعل غاضبة على تصريحات يائير غولان
وقوبلت تصريحات غولان بردود فعل غاضبة من أوساط الحكومة والمعارضة، إذ وصف نتنياهو تصريحات زعيم حزب "الديمقراطيين" الإسرائيلي بأنها "تحريض على جنود الجيش ودولة إسرائيل".
وقال في منشور على منصة إكس: "غولان، الذي يشجع على رفض الخدمة العسكرية، والذي سبق أن قارن إسرائيل بالنازيين وهو يرتدي الزي العسكري، وصل الآن إلى مستوى جديد من الانحدار بادعائه أن إسرائيل تقتل الأطفال كهواية"، حسب تعبيره.
على النحو ذاته، وصف وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر تصريحات غولان بأنها "تشهير دموي" بحق "دولة إسرائيل، وجيشها لن يُغفر له"، وادعى ساعر في منشور على منصة إكس، أن تلك التصريحات "من شأنها أن تؤجج معاداة السامية في العالم".
بدوره، دعا وزير الأمن السابق زعيم حزب "معسكر الدولة" المعارض بيني غانتس، غولان إلى "التراجع والاعتذار لجنود الجيش الإسرائيلي عن تصريحاته" التي زعم أنها "متطرفة وكاذبة".
وأضاف عبر منصة إكس زاعمًا: "لا يمارس جنودنا هواية قتل الأطفال. هذه التصريحات ليست فقط فظيعة وكاذبة، بل تشكّل أيضًا خطرًا على حرية جنودنا أمام القانون الدولي".
وختم غانتس بالقول: "عد إلى رشدك يا يائير، لم يفت الأوان بعد".
الحرب تُجسد أوهام بن غفير وسموتريتش
على النحو ذاته، أدان زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني أفيغدور ليبرمان تصريحات غولان، زاعمًا أنها "كاذبة" و"تضر بجنودنا وبأمن الدولة".
كما زعم ليبرمان عبر منصة إكس، أن الجيش الإسرائيلي هو "الأكثر أخلاقية في العالم"، حسب قوله.
على المنوال نفسه، أدان زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، تصريحات غولان، وقال زاعمًا: "جنودنا هم الأبطال ويحمون حياتنا. القول بأنهم يقتلون الأطفال كهواية هو تصريح خاطئ ويشكّل هدية لأعدائنا. أؤيد الجيش الإسرائيلي وجنوده، وأدين هذا التصريح".
من جهته، رد غولان على موجة الانتقادات الموجهة إليه في منشور لاحق على منصة إكس دافع فيه عن تصريحاته.
وقال: "جرّبنا بالفعل طريقة غانتس في الإطراء على نتنياهو، و(وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل) سموتريتش، و(وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار) بن غفير، لكنها فشلت".
وأضاف غولان: "كان معنى كلامي واضحًا: هذه الحرب تُجسد أوهام بن غفير وسموتريتش، وإذا سمحنا لهم بتحقيقها، فإننا سنصبح دولة منبوذة".
وتابع: "يجب أن ندافع عن قيمنا كدولة صهيونية، يهودية وديمقراطية. جنود الجيش الإسرائيلي هم أبطال، لكن وزراء الحكومة فاسدون. الجيش الإسرائيلي أخلاقي، والشعب مستقيم، أما الحكومة فهي فاسدة"، وفق ادعائه.
وختم بالقول: "يجب أن تنتهي هذه الحرب، ويُعاد المختطفون (الأسرى الإسرائيليون بغزة)، وتعود إسرائيل إلى طبيعتها".