قبيل الجولة السادسة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة في مسقط، أعلن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن بلاده ستمضي في تخصيب اليورانيوم رغم قرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي اتهمت بلاده بعدم الامتثال لالتزاماتها النووية.
ففي طهران، لا تراجع أمام ارتفاع وتيرة التهديدات، بل تشغيل لأجهزة الطرد الجديدة، وفتح لمنشأة ثالثة للتخصيب، بينما يقول فيلق القدس إنه على أهبة الاستعداد لضربة تقول أوساط إسرائيل إنها قادمة.
ومن تل أبيب، تقرع أجراس الإنذار على وقع أجهزة طرد مركزي إيرانية من الجيل السادس، إذ قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية: إن "التهديد بات وجوديًا"، مستندة في ذلك إلى قرار الوكالة الدولية لتطالب بخطوات حازمة.
ضربة إسرائيلية محتملة لإيران
وفي نظر تل أبيب، كل ساعة تقرب طهران من القنبلة هي ساعة مسروقة من أمنها، حيث تستنفر أذرعها السياسية والأمنية، ويلتقي مسؤولوها مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف قبيل ذهابه إلى عمان.
أما الرئيس الأميركي دونالد ترمب، فقد أشار إلى أن الضربة قد لا تكون وشيكة، لكن من المرجح جدًا أن تحدث، داعيًا طهران إلى تقديم تنازلات، ومعربًا في الوقت نفسه عن رغبته بتجنب الصراع معها.
من جهته، نقل موقع "أكسيوس" عن ستيف ويتكوف تحذيره لكبار أعضاء الكونغرس بأن الضربة الإسرائيلية المحتملة لإيران قد توقع عددًا كبيرًا من الضحايا.
أما العواصم الأوروبية فتكشف عن قلقها من الموقف الإيراني وتتقاطع مع تل أبيب وواشنطن برفضها امتلاك طهران سلاح الدمار الشامل.
في غضون ذلك، تتجه الأنظار إلى مسقط يوم الأحد، حيث تعقد جولة المباحثات السادسة على أمل كبح جماح التورط في صراع مفتوح ضمن منطق الرد والرد المضاد.
كيف تتعامل طهران مع التهديدات؟
يشير الدبلوماسي الإيراني السابق عباس خاميار، إلى أن طهران اعتادت هذه التهديدات، خاصة في الفترة الأخيرة، وتحديدًا عشية كل جولة تفاوضية بشأن النووي، إما من خلال العقوبات الإضافية، أو التهديد الإسرائيلي، أو من خلال الوكالة الذرية.
وفي حديث للتلفزيون العربي من طهران، يضيف خاميار أن إيران تأخذ هذه التهديدات على محمل الجد، لا سيما في المجال الأمني والعسكري، ولكن الجانب السياسي يرى في الوقت نفسه أن هذه التهديدات تأتي في سياق الضغط ورفع السقف في مفاوضات الجولة السادسة.

وفيما يلفت إلى أن الاستعداد الإيراني واضح في المجالات كافة، يشير خاميار إلى أن لا أحد في طهران يريد قلب الطاولة، أو يريد وقف المفاوضات، مؤكدًا أن الجميع يتبع معادلة الربح الربح، وهذه السياسة تنقذ المنطقة.
ويشدد على أن التعامل بالعنف والتهديد سياسة لا تجدي نفعًا، وأن إيران تصل إلى مرحلة سيضطر فيها الطرف الآخر إلى تقديم التنازل.
ما مدى جدية تل أبيب بتوجيه ضربة عسكرية لإيران؟
من جهته، يلفت الخبير في الشأن الإسرائيلي جاكي خوري إلى أن هناك تحركًا جديًا في إسرائيل وتهيئة للرأي العام على أن الأمور قد تذهب نحو التصعيد العسكري.
وفي حديث للتلفزيون العربي من الناصرة، يضيف خوري أن التهديدات الإسرائيلية تأتي في إطار المناورة السياسية، مشيرًا إلى أن ما حدث في الساعات الأخيرة جزء من المفاوضات ليستوضح كل طرف ما هي الخطوط الحمراء لدى الطرف الآخر.
ويقول إن الموقف الأميركي يذهب باتجاه التفاوض والمسار الدبلوماسي، لكنه يلوح بالعصا من خلال إسرائيل في إطار هذه المفاوضات.
وفيما يلفت إلى أن الحديث يدور الآن عن ضربة إسرائيلية من دون ضوء أخضر أو تنسيق أميركي، يرى خوري أن نتنياهو مستعد لأن ينفذ ضربة عسكرية ضد المنشآت الإيرانية النووية.
ويقول إن الأمور في المنطقة تغيرت بشكل كبير، فلا تخوف من رد فعل حزب الله أو جهة أخرى.
هل تمنح أميركا الضوء الأخضر لإسرائيل؟
يعرب أستاذ الأمن الدولي في جامعة "جورج واشنطن" بنجامين فريدمان، عن اعتقاده بأنه من المرجح أن يكون هناك تهديد بضربة واقعية، مشيرًا إلى أن هذا الأمر منسق بين ترمب ونتنياهو لفرض ضغوط على إيران.
وفي حديث للتلفزيون العربي من واشنطن، ينبه فريدمان إلى أن الهجوم على إيران سيكون سيئ للأمن الإقليمي وللولايات المتحدة الأميركية.
ويضيف أن ترمب قد يمنح ضوءًا أصفر لإسرائيل، للقول إن بإمكانهم المهاجمة بالطريقة التي يرونها مناسبة، وربما قد تكون الآن.
وفيما يذكر بأن الإدارة الأميركية وترمب قالا إن الفشل في التوصل إلى اتفاق مع واشنطن سيؤدي إلى ضربات عسكرية، يشير إلى أن الرد الإيراني قد يأتي بطرق وأماكن مختلفة ضد منشآت أميركية في المنطقة.