الإثنين 16 حزيران / يونيو 2025
Close

تصعيد واتهامات.. ما مآلات الحرب بين الجيش السوداني والدعم السريع؟

تصعيد واتهامات.. ما مآلات الحرب بين الجيش السوداني والدعم السريع؟

شارك القصة

تصعيد متواصل في الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع - غيتي
تصعيد متواصل في الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع - غيتي
الخط
يعيد قائد مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان ترديد لاءاته، فلا مفاوضات مع قوات حميدتي ولا سلام ولا وقف لإطلاق النار.

للشهر الرابع عشر على التوالي، تتواصل المعارك في مواجهة مفتوحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في السودان.

فهذا النزاع الذي بدأ في 15 أبريل/ نيسان الماضي، اندلع في نقاط ساخنة ومناطق صراع عدة في العاصمة الخرطوم وغيرها من الولايات، ربما تكون أبرزها ولاية شمال دارفور التي أعلن الجيش السوداني فيها اليوم مقتل قائد ميداني كبير من قوات الدعم السريع أثناء معارك الفاشر غربي البلاد.

وأمام هذا الوضع، يعيد قائد مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ترديد لاءاته، فلا مفاوضات مع قوات حميدتي ولا سلام ولا وقف لإطلاق النار، إذ إن فاتورة الحرب بين العسكر يدفع ثمنها الأكبر المدنيون والبنية التحتية في السودان.

إلى ذلك، لا تكترث قوات الدعم السريع بالضغوط الدولية والمطالبات بوقف عمليات القتل المستمرة، آخرها في ولاية سنار جنوبي الخرطوم، حيث وقعت مجزرة جديدة راح ضحيتها أكثر من 20 مدنيًا في قرية الشيخ السماني، بعد أسبوع واحد من مجزرة ود النورة التي أسفرت عن مقتل نحو 100 مدني.

ومع توقف أو تعثر مسار المفاوضات في منبر جدة، طالب مجلس الأمن الدولي في اجتماعه أمس قوات الدعم السريع بإنهاء حصار مدينة الفاشر التي تمثل مركزًا أساسيًا للدعم الإنساني، وتستضيف مئات آلاف النازحين.

ويترافق هذا مع غياب تام لسيناريوهات الحل، أو خطة دولية لإخراج السودان من مستنقع المواجهة الأهلية التي بدأت شرارتها بين العسكر، وأدت إلى إحدى أكبر الأزمات الإنسانية، وفق شهادات منظمات أممية.

كيف يمكن للحرب أن تنتهي في السودان؟

وفي هذا الصدد، شددت عضو الشبكة السودانية لحقوق الإنسان هاجر سيد أحمد على وجوب أن ينظر العالم إلى قوات الدعم السريع على أنها ميليشيا، وليست قوات نظامية، وسبب وجودها الأساسي هو الدفاع عن نظام الرئيس السابق عمر البشير، مشيرة إلى أن الجيش السوداني كان في يوم من الأيام حاضنًا لهذه القوات.

وفيما لفتت إلى أنه من الصعب التفريق بين الجيش والدعم السريع، رأت أن العالم يمكنه أن يحاور ويفرض عقوبات على الجيش، وعلى شخصيات من النظام، لكن لا يمكنه أن يفرض عقوبات على ميليشيا هدفها الأساسي هو القتل.

وفي حديث لـ"العربي" من بنسلفانيا، استبعدت هاجر أن تنتهي الحرب في السودان، إذا لم يتم التدخل بشكل حاسم وفرض عقوبات واضحة وليس قرارات كلامية فقط، لأن البرهان يرفض التفاوض، كما أن قوات الدعم السريع هي جهات غير قانونية، ولا تتبع أي التزامات.

وأضافت أن حرب السودان نشأت من أجل الحكم والسلطة فقط، مشيرة إلى أن جرائم الدعم السريع لا تنفي أن الجيش متورط أيضًا هو الآخر، كما أنه ما يزال يضم بعض الميليشيات.

وقالت هاجر: "قبل أن نطالب المجتمع الدولي بمحاسبة المجرمين، علينا أن نحاسب المجرمين أنفسنا، وعلينا أن نكون واضحين عندما نلقي المسؤولية".

وتابعت هاجر سيد أحمد أن طرفي الصراع بالسودان في موقعين متباينين، كما أنهما فشلا في الحفاظ على الأمن في البلاد.

ما هي أهداف قوات الدعم السريع؟

من جهته، رأى عضو المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع عمران عبد الله حسن، أن الجيش السوداني ليس جيشًا نظاميًا، بل هو ميليشيا مؤدلجة بحد ذاته، حيث ارتكب كل الانتهاكات والجرائم بحق الشعب السوداني، التي يمكن أن ترقى إلى جرائم الحرب والإبادة الجماعية، حسب قوله.

وفي حديث لـ"العربي" من لندن، نفى حسن أن تكون قوات الدعم السريع قد حاصرت مدينة الفاشر، لأنها جزء من هذه المدينة، مشيرًا إلى صدام وقع في اليوم الأول من اندلاع الحرب، حتى تدخل والي المدينة السابق وعزل بين الطرفين، وأعطى الجهة الشرقية لقوات الدعم السريع، والغربية للجيش.

يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربًا منذ 15 أبريل الماضي
يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربًا منذ 15 أبريل الماضي - غيتي/ أرشيف

وتابع أن القيادات المسلحة وبعد خروجها من الحياد، أعلنوا الحرب ضد قوات الدعم السريع، موضحًا أن القوات تهاجم الحامية العسكرية وليس مدينة الفاشر.

وقال حسن: إن "قوات الدعم السريع لم تبدأ هذه الحرب، بل هي تريد الدفاع عن نفسها، وتريد حماية الشعب السوداني الذي فقد الأمل بالجيش الذي قتلهم في اعتصام القيادة العامة".

ما أسباب اندلاع حرب السودان؟

رئيس تحرير صحيفة "التيار" السودانية عثمان الميرغني، أوضح من جهته، أن هناك أرضية واسعة جدًا لإيقاف هذه الحرب، لكن في المقابل هناك أطماع سياسية، مشيرًا إلى أن هذه الحرب بكل بشاعتها تُختصر في كلمة واحدة وهي البحث عن السلطة.

وفي حديث لـ"العربي" من القاهرة، أضاف الميرغني أن الحرب في السودان ليست ذات أجندة سياسية، تتعلق بنهضة الوطن أو بالمصالح العليا للبلاد، بل هي فقط حرب "كرسي السلطة".

وأضاف أنه بعد مرور 14 شهرًا، بات واضحًا أن هذه الحرب لم تحقق السلطة لأحد، بل هي تحقق دمار البلاد، مشيرًا إلى أن المتحاربين لن يجدوا وطنًا ليتقاتلوا عليها إذا ما استمر النزاع أكثر من ذلك.

وفيما لفت إلى أن البعض يروج لتقسيم البلاد إلى دويلات، أكد الميرغني أن هذه الفكرة لن تحقق السلام، بل ستكون هناك حرب بشكل مختلف.

وتابع الميرغني أن حرب السودان لم تنشأ فجأة في 15 أبريل الماضي، بل كانت لها الكثير من الإرهاصات والتشكيلات والتراكمات التي أدت إليها، ولم يُدهش السودانيون حينما بدأت هذه الحرب، وذلك بسبب السجال الخطابي بين الطرفين، وقبل ذلك كانت هناك خلافات بين القوى السياسية حول الاتفاق الإطاري، وخلاف حول وثيقة المحامين، والانقلاب.

وفيما لفت الميرغني إلى أن الصراع في السودان لا يمكن اختصاره بين رجلين، أشار إلى أنه صراع سياسي، مضيفًا في الوقت نفسه أن هناك من يحاول أن يجر هذا الصراع نحو القبلية والجهوية.

وفي هذا الإطار، نبه الميرغني أنه لا أحد يمكنه إيقاف الحرب إذا ما انزلقت إلى القبلية لأن شرارتها ستنطلق في كل الاتجاهات.

ورأى الميرغني أن الحل يكمن في جمع الساسة لخلافاتهم، وأن يتحدوا في كلمتهم ضد هذه الحرب، حينها يمكن لهذه الحرب أن تقف في 24 ساعة، لكن القوى العسكرية لدى الطرفين لن تستطع إيقافها، لأن العقلية العسكرية تقوم على النصر، وليس على التسوية.

وتابع أن الجانب السياسي الآن هو محرض للطرفين على الاستمرار الحرب، مشيرًا إلى أنه كلما استمرت الحرب صعب الخروج من نفقها.

وخلص إلى أن قوات الدعم السريع فقدت شرعيتها بمجرد تمردها على الجيش، لأنها هي بالأساس قوات لدعم هذا الجيش، مشيرًا إلى أن الحرب كان هدفها استيلاء الدعم السريع على السلطة.

تابع القراءة

المصادر

العربي
تغطية خاصة