"تطهير الدولة".. ما هي تداعيات سياسة الاعتقالات المتزايدة في تونس؟
في تأكيد جديد على مواصلة السلطات التونسية حملات التضييق السياسي، أقدمت قوات الأمن على اعتقال رئيس الوزراء الأسبق والأمين العام السابق لحركة النهضة حمادي الجبالي، ونقلته إلى ثكنة الحرس الوطني في منطقة العوينة.
ومن دون تحديد سبب الاعتقال، أكدت عائلة المُعتقل أن نحو 20 شرطيًا أحاطوا به قبل إلقاء القبض عليه، مكتفية بالقول إن النيابة العمومية أذنت بذلك.
"تطهير الدولة"
بدوره، يواصل الرئيس التونسي تهديداته بـ"تطهير الدولة ممن تسلل إليها بغير حق"، في خطوة تثير خشية لدى المعارضين من استهداف فئات واسعة من الموظفين.
في المقابل، تسعى السلطة التنفيذية لوضع المزيد من التعقيدات أمام القضاء، بحسب جمعية القضاة التي اعتبرت أن الحركة القضائية الأخيرة كانت لإحكام الحكومة القبضة على هذه السلطة.
ومنذ أشهر لم تتوقف السلطات التونسية عن حملتها التي تستهدف قادة وناشطين في المعارضة، وهو ما يعده مسؤولون تأسيسًا لمرحلة جديدة من الحكم الفردي في البلاد.
ويدافع الرئيس سعيد عن هذه الإجراءات بمحاولة الوقوف في وجه من يصفهم بالمتآمرين على أمن الدولة والمتسللين في أزمات سياسية واقتصادية، وهو ما تنفيه المعارضة.
استهداف للحريات
في هذا السياق، يرى عضو مجلس الشورى في حركة النهضة سابقًا جلال الورغي أن "الاعتقال التعسفي بحق حمادي الجبالي يمثل مسار الانقلاب والتفرد بالسلطة والدوس على القانون الذي انتهجه سعيد منذ عام 2021".
ويشير الورغي، في حديث إلى "العربي" من لندن، إلى أن "سعيد احتجز مجموعة من أبرز المعارضين السياسيين من دون تهم حقيقية".
ويشدد على أن "ما يحصل اليوم في البلاد هو استهداف للحريات وللقوى السياسية الموجودة في البلاد".
ويقول الورغي: "قيس سعيد لوّث تاريخ تونس وصورتها في العالم. كانت البلاد تحتفي بها الديمقراطيات في العالم، وباتت اليوم تحت نظام انقلابي داس على مؤسسات البلاد".
"تقاسم السلطة"
من جهته، يعتبر رئيس حزب "التحالف من أجل تونس" سرحان الناصري أنه "لا يوجد أحد فوق القانون، والجميع معرض للمحاكمة في حال أخطأ".
ويؤكد الناصري، في حديث إلى "العربي" من تونس، أن "إيقاف الجبالي جاء بإذن من النيابة العمومية وهو حق لها".
ويقول: "هناك شخصيات سياسية أفسدت في البلاد والدولة ودمرت النسيج الاقتصادي في السنوات الماضية".
ويضيف: "الأزمات التي نعيشها اليوم هي نتيجة سرقات ونهب ثروات الشعب التونسي وتقاسم الحكم بين حركة النهضة وحلفائها".
ويتابع قائلًا: "نرفض المس بهيبة رئيس الدولة، وهناك حريات كثيرة في تونس ويمكن انتقاد الرئيس بعيدًا عن الإهانة".
"الحاجة إلى العدو"
بدوره، يرى المدير العام السابق للمعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية طارق الكحلاوي أن "هناك أزمة مزدوجة في تونس تحول دون الوصول إلى الحل".
ويشير الكحلاوي، في حديث إلى "العربي" من تونس، إلى أن "المشكلة الأولى تكمن في صفوف المعارضة وتحديدًا عند حركة النهضة الغائبة كليًا عن الحلول".
ويلفت إلى أن "الأزمة الثانية هي عند الرئيس سعيد بسبب الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس".
ويقول: "المؤامرات التي تحدث عنها سعيد لم يثبتها حتى الآن، لكن الأكيد أنه بحاجة دائمًا إلى القول إن هناك عدوًا يهدد البلاد".