على مدى 400 يوم من العدوان على غزة، تصدّر الشاب الغزّي محمود المدهون المشهد الإنساني، حيث أصرّ على البقاء بين أهله في بيت لاهيا في مواجهة التطهير العرقي شمال القطاع.
لكنّ المدهون استشهد السبت الماضي في غارة للاحتلال الإسرائيلي استهدفت مركبة تابعة لمنظمة "المطبخ المركزي العالمي"، تاركًا وراءه 7 أطفال، بينهم رضيعة لا يتجاوز عمرها الأسبوعين، والأهم بصمة لا يمكن أن يمحوها صاروخ إسرائيلي.
كان المدهون وهو في الثلاثينيات من عمره، مصدر أمل للغزيّين، حيث كرّس كل إمكانياته لمساعدة أهل منطقته، من خلال مبادرة فردية في ظل القتل والحصار الإسرائيلي.

فخلال حرب الإبادة، ساهم محمود المدهون في إعداد وجبات الطعام عبر "تكية الشمال" التي كان يُشرف عليها.
وبعد أن قطع الاحتلال خطوط الاتصال والإنترنت عن شمال غزة، وفّر المدهون وسائل اتصال للمُحاصرين للتواصل مع ذويهم خارج شمال غزة، والإنترنت لعدد من النشطاء في شمال غزة لنقل الإبادة للعالم؛ وكان منزله مأوى لهم لتوثيق الجرائم الإسرائيلية عبر الصور والفيديوهات.
ومن أبرز مساهمات المدهون، النقطة الطبية في "مشروع بيت لاهيا" لاستقبال الحالات الطارئة، في وقت كانت جميع المستشفيات والمرافق الطبية خارج الخدمة.
وكان محمود المدهون يخدم الطواقم الطبية والمرضى بكل إمكانياته، لتعزيز صمودهم في مواجهة العدوان الإسرائيلي.
"محمود المدهون رجل الخير والعطاء"
ونعت منصات التواصل الاجتماعي الشهيد محمود المدهون، حيث أشاد النشطاء برجل الخير والعطاء الذي لا يردّ محتاجًا، ونذر نفسه وماله لخدمة الناس.

ونشر عباس حميدة، وهو أحد أصدقاء المدهون، على صفحته فيديو يعود إلى شهر رمضان الماضي أرفقه بتعليق: "أرسل لي أبو عمر الشيف محمود هذا الفيديو في رمضان الماضي، يُشيد فيه بالإمدادات التي وصلت إلى مطبخ حساء غزة من الأميركيين".
وأضاف: "اليوم تبرّعت واشنطن للاحتلال الإسرائيلي بالرصاصة التي اغتالته. لقد كانت جريمته إطعام الأطفال الفلسطينيين الأبرياء أثناء الإبادة الجماعية والمجاعة".
بدوره، كتب معز قنديل على "إكس": "سخّر أبو عمر الذي يطلق على نفسه اسم أسد الشمال، وقته لمساعدة الغزيين، وكتب قبل استشهاده:نستمر في إطعام أهلنا، أسد الشمال لديكم لا خوف عليكم".
ودوّن تيموثي فوست: "بمجرد وجودهم، يتحدّى الفلسطينيون بشجاعة العالم. واستشهادهم توبيخ للمشروع الصهيوني الذي يسعى جاهدًا إلى إبادتهم. لكنّ محمود المدهون عملاق. المجد للشهيد".
من جهتها، كتبت مي السدني: "من المفجع أن تعلم أن طائرة إسرائيلية بدون طيار استهدفت واغتالت محمود المدهون، أحد مؤسسي وطهاة مطعم غزة للحساء. ما بدأ كأربعة أوعية ومكوّنات أساسية في بيت لاهيا تطور ليصبح جهدًا رائعًا لإطعام 3000 شخص يوميًا".
أما مصطفى عاشور، فقال: "أمس قصفوا وأوقفوا المطبخ العالمي والآن محمود المدهون صاحب تكية الشمال لتقديم الطعام. يمنعون الغذاء ويقتلون من يقدم الطعام. الصهاينة تجاوزوا كل مدى مجرم في هذا العالم".