بعد تسريب مسودة قرار قضائي من شأنه أن يلغي الحق في الإجهاض بالولايات المتحدة، اعتبر الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش أن الصحة الجنسية والإنجابية والحقوق المتعلقة بها هي "أساس حياة تقوم على الاختيار والتمكين والمساواة لفتيات وسيدات العالم".
وأحجم المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق عن التعليق مباشرة على مسودة قرار المحكمة العليا الأميركية، لكنه قال إن غوتيريش أبدى مرارًا قلقًا إزاء حدوث "تراجع عالمي" في ما يتعلق بحقوق المرأة، بما في ذلك الحقوق الإنجابية والخدمات الصحية الأساسية.
وأكدت المحكمة العليا الأميركية صحة المسودة التي تقضي بإلغاء قرار "رو ضد ويد" الصادر عام 1973، والذي يجيز الإجهاض في جميع أنحاء البلاد، لكنها قالت إن المسودة لا تمثل القرار النهائي المقرر إعلانه بحلول نهاية يونيو/ حزيران المقبل.
وقانون "رو ضد ويد" يجيز للنساء أن يجهضن بعد مرور ستة أسابيع على حملهن إذا ما كانت هناك دواع طبية محدّدة، لكن هذا الاستثناء لا يشمل الحمل الناجم عن جرائم اغتصاب أو سفاح قربى.
بايدن يحذّر
وحذّر الرئيس الأميركي جو بايدن، الثلاثاء، من أن صدور قرار عن المحكمة العليا بإلغاء "الحق في الإجهاض" من شأنه أن يشرّع الأبواب أمام تغيير الأحكام المتعلقة "بمجموعة كاملة" من القضايا.
وقال بايدن للصحافيين إن "مجموعة كاملة من الحقوق على المحك"، محذّرًا من "تحوّل أساسي" قد يطال أحكامًا تتعلق بزواج المثليين ومنع الحمل والإجهاض وتربية الأطفال.
وسارع حكام ديمقراطيون لولايات بينها كاليفورنيا ونيو مكسيكو وميشيغن إلى الإعلان عن مساع لتكريس الحق في الإجهاض بقوانين حتى في حال ألغته المحكمة العليا.
من جهتها، قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد: "اطلعنا على هذه الوثيقة التي تسربت، والتي تثير قلقنا جميعًا في ما يتعلق بسياساتنا الدولية المتصلة بدعم الصحة الإنجابية للسيدات والفتيات، وسنواصل دعم هذه الجهود".
وفي عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، قادت الولايات المتحدة حملة في المنظمة الدولية ضد تعزيز حقوق المرأة الجنسية والإنجابية وصحتها، معتبرة ذلك بمثابة قانون يجيز الإجهاض. كما عارضت التعبيرات الدولية المتفق عليها منذ فترة طويلة في قرارات الأمم المتحدة.
وعام 2017، أوقف ترمب تمويل صندوق الأمم المتحدة للسكان، حيث قال إنه "يدعم أو يشارك في إدارة برنامج للإجهاض القسري أو التعقيم غير الطوعي".
جدل واسع
وأثار تسريب مسودة القرار الجديدة جدلًا واسعًا، حيث خرجت على إثره مظاهرات مؤيدة وأخرى معارضة.
وتظاهر آلاف الأشخاص في شوارع واشنطن ونيويورك وبوسطن ولوس أنجلس وسياتل للتعبير عن "غضبهم" وخوفهم من "عودة إلى الوراء". وهتف المؤيدون لخيار الإجهاض "جسمي، خياري".
وأفاد معهد غوتماكر، مجموعة الأبحاث المؤيدة لخيار الإجهاض أن 26 ولاية "بالتأكيد أو من المرجح" أن تحظر الإجهاض في حال إلغاء قانون "رو ضد ويد".
وتشهد ولايات عدة في البلد حملات مرتبطة بحقوق الإنجاب. وتسعى الولايات التي يقودها جمهوريون إلى تشديد القيود، وفي بعض الأحيان منع الإجهاض بعد مرور ستة أسابيع على الحمل، أي قبل أن تدرك نساء كثيرات أنهن حوامل.
ومن هذه الولايات، أوكلاهوما (جنوب) التي أعلن حاكمها الجمهوري الثلاثاء أنّه وقّع قانونًا يحظر إجراء أيّ عملية إجهاض بعد ستّة أسابيع من الحمل، في تشريع يُعتبر من الأكثر صرامة في البلاد.
ولم يتقبّل جزء من الشعب الأميركي، خصوصًا في الأوساط الدينية، قرار 1973، وخاض حملات لسنوات لإلغائه، إذ كان نشطاء عاديون يتجمّعون قرب العيادات، فيما يعتمد ممثلوهم في الهيئات التشريعية المحلية آلاف قوانين المناهضة.