الخميس 28 مارس / مارس 2024

تعرّفوا إلى "الباسيج".. وسيلة النظام الإيراني لسحق الاحتجاجات

تعرّفوا إلى "الباسيج".. وسيلة النظام الإيراني لسحق الاحتجاجات

Changed

تقرير يرصد الاحتجاجات الأخيرة في إيران (الصورة: غيتي)
مع اندلاع أول شرارة احتجاج ما في إيران، تتجوّل قوات "الباسيج" بملابسها السوداء على دراجات نارية حاملين البنادق والهراوات لتبدأ عملية قمع ممنهجة ضد المتظاهرين.

خلال الاحتجاجات الأخيرة التي عمّت المدن الإيرانية احتجاجًا على وفاة الشابة مهسا أميني الشهر الماضي، انتشرت قوات "الباسيج" في المدن الكبرى، وهاجمت واحتجزت المتظاهرين.

وذكرت وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية أنه مع اندلاع أول شرارة احتجاج ما في إيران، يظهر رجال بملابس سوداء ويتجوّلون على دراجات نارية حاملين البنادق والهراوات أحيانًا، لتبدأ عملية القمع الممنهجة ضد المتظاهرين. إنهم قوات "الباسيج".

من هم "الباسيج"؟

تتألف قوات "الباسيج" من متطوّعين شبه عسكريين موالين بشدة للجمهورية الإسلامية.

بعد فترة وجيزة من الثورة الإسلامية عام 1979، أسّس آية الله روح الله الخميني جماعة "الباسيج"، التي يُترجم اسمها الرسمي إلى منظمة "تعبئة المستضعفين"، لأسلمة المجتمع الإيراني ومحاربة "الأعداء" من الداخل.

خلال الحرب العراقية-الإيرانية في الثمانينيات، قادت "الباسيج" هجمات "الموجات البشرية" سيئة السمعة ضد الجيش العراقي، حيث لقي عدد كبير من المقاتلين ذوي التسليح السيئ، وكثير منهم من المراهقين، حتفهم في أثناء اندفاعهم عبر حقول الألغام وأمام نيران المدفعية.

ومع بداية الثورات الطلابية في إيران أواخر التسعينيات، تولّت "الباسيج" دورًا محليًا يُشبه إلى حد كبير دور أي حزب حاكم في أي دولة استبدادية.

تخضع قوات "الباسيج" لقيادة الحرس الثوري الإيراني، وهي موالية بشدة للمرشد الأعلى علي خامنئي، الذي يمتدحها بشكل روتيني، باعتبارها أحد أعمدة الجمهورية الإسلامية.

الأجهزة والعديد

أنشأت "الباسيج" فروعًا لها في جميع أنحاء البلاد، بالإضافة إلى منظمات طلابية ونقابات تجارية وكليات طبية.

وفرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على ما تقول إنها "شبكة من الشركات تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، تُديرها "الباسيج".

تشمل الأجهزة الأمنية لـ "الباسيج" كتائب مسلحة، وقوات مكافحة الشغب، وشبكة واسعة من المخبرين الذين يتجسّسون على جيرانهم.

ويقدّر سعيد جولكار، الباحث الإيراني بجامعة تينيسي تشاتانوغا الذي كتب مؤلفًا عن "الباسيج"، أن إجمالي عدد أعضائها يبلغ حوالي مليون شخص، كما يبلغ عدد قوات الأمن عشرات الآلاف.

وأضاف: "لأنهم إيرانيون عاديون لا يرتدون الزي الرسمي للقوات الأمنية، فإن الجمهورية الإسلامية تعتبرهم من المؤيدين للنظام"، في إشارة إلى أولئك الذين يواجهون المتظاهرين.

لكن، في الوقت نفسه، يتلقّى معظم هؤلاء رواتب من الجمهورية الإسلامية.

ويقول عدد من الخبراء: إن العديد من الذين ينضمون إلى "الباسيج" يفعلون ذلك بسبب المنافع التي يتلقونها، حيث توفّر لهم العضوية ميزة في القبول بالجامعات والتوظيف في القطاع العام.

الإعداد العسكري والإيديولوجي

ويخضع المجندون لعمليات إعداد مكثّفة، يتضمّن 45 يومًا من التدريب العسكري والإيديولوجي.

"وذكرت "أسوشييتد برس" أن هؤلاء "تعلّموا أن الثورة الإسلامية هي صراع إلهي ضد الظلم، صراع يُهدّده عدد كبير من الأعداء- من الولايات المتحدة، وإسرائيل، إلى جماعات المعارضة الإيرانية المنفية، وحتى الثقافة الغربية نفسها".

وفي هذا الإطار، قال جولكار إنه حتى لو كان المجندون الجدد مدفوعين في البداية بمكاسب شخصية، فإن "الإعداد يمكن أن يساعد في تعديل هذه الدوافع".

ينظر "الباسيج" إلى الحجاب الإسلامي على أنه "حصن ضد الاختلاط بين الجنسين، والزنا، والفساد، وأن إزالته دليل على الثقافة الغربية المنحلة".

 وبينما وصف قادة إيران الاحتجاجات الأخيرة بأنها "جزء من مؤامرة أجنبية لإثارة الاضطرابات"، يرفض المتظاهرون الإيرانيون هذا التوصيف، معتبرين أن مظاهراتهم هي "تدفّق عفوي للغضب من الحكم القمعي والحكم السيئ والعزلة الدولية المستمرة منذ عقود".

إستراتيجية المراقبة

يكثّف النظام  مراقبة المعارضة في الداخل. وتتمّ معظم عمليات المراقبة من قبل "الباسيج"، الذين لهم وجود في كل مؤسسة عامة تقريبًا.

كما تقيّد إيران الوصول إلى الإنترنت، خاصة عند الاحتجاجات. ويمتلك "الباسيج" قسمًا إلكترونيًا مخصصًا لاختراق الأعداء المتصوَّرين.

وقال سنام وكيل، الخبير في الشؤون الإيرانية في مركز أبحاث تشاتام هاوس في لندن: "هناك إستراتيجيات مختلفة. والأكثر وضوحًا هو العنف".

وعندما تندلع الاحتجاجات، يركب عناصر "الباسيج"، الذين يرتدون زيًا أسود شبيهًا بزي الكوماندوز، دراجات نارية؛ وأحيانًا يهاجمون المتظاهرين مباشرة لتفريقهم.

كما يعملون جنبًا إلى جنب مع الشرطة النظامية والحرس الثوري الإيراني، الذين يشاركون أيضًا في حملة القمع.

وقال وكيل: "كانوا يطاردون المتظاهرين، ويضربونهم بالهراوات، ويُطلقون النار عليهم، ويحاولون اعتقالهم وضربهم ورميهم في شاحنات لنقلهم إلى مراكز الاحتجاز، حيث يتعرض المتظاهرون للعنف والضغط".

كما ينتشر عناصر من "الباسيج" بين المتظاهرين أنفسهم، بصفة مخبرين يحاولون التعرف على قادة الاحتجاج.

والشهر الماضي، رجّحت منظمة العفو الدولية مقتل أربعة أفراد، حدّدتهم السلطات الإيرانية على أنهم من "الباسيج"، بالرصاص على أيدي قوات الأمن أثناء اختلاطهم بالمحتجين.

هل ينجح "الباسيج" في إخماد التحركات الأخيرة؟

على مر السنين، أخمدت إيران عدة موجات من الاحتجاجات، بما في ذلك "الحركة الخضراء" عام 2009، عندما خرج الملايين إلى الشوارع بعد انتخابات رئاسية متنازع عليها.

كما قُتل المئات في عام 2019، عندما أخمدت طهران احتجاجات على الأزمة الاقتصادية التي طال أمدها في الدولة التي تخضع لعقوبات شديدة.

لكن "أسوشييتد برس" تعتبر أن الاحتجاجات الأخيرة لها "طابع مختلف، مما قد يجعل إخمادها أكثر صعوبة".

وأضافت الوكالة أن هذه المظاهرات تقودها شابات ضقن ذرعًا بالتطبيق الصارم لقواعد اللباس الإسلامي المحافظ في البلاد؛ لكنهنّ يستمدن الدعم من قطاع أوسع بكثير من المجتمع، بما في ذلك الأقليات العرقية وحتى بعض العاملين في صناعة النفط الإيرانية المهمة.

كما يتّهم المحتجون شرطة الآداب الإيرانية بضرب مهسا أميني حتى الموت لارتدائها الحجاب بشكل "غير لائق" حسب نظر السلطة.

 لكن السلطات نفت أن تكون قد تعرّضت لسوء المعاملة، قائلة إنها توفيت بنوبة قلبية مرتبطة بحالة صحية، وهو تصريح عارضته عائلتها.

وتُظهر مقاطع فيديو للاحتجاجات الأخيرة، شابات يرمين حجابهن في الهواء، ويقصصن شعرهن، بينما يهتف متظاهرون "الموت للديكتاتور"، إلى جانب شعارات أخرى.

وعند وصول "الباسيج"، يمكن رؤية المتظاهرين وهم يقاومون، وينجحون أحيانًا في طرد عناصر "الباسيج".

لكن الوكالة أشارت إلى أن "لا أحد يتوقّع أن تتراجع السلطات الإيرانية قريبًا".

وفي هذا الإطار، قال وكيل: "مع مستوى الرقابة على الإنترنت، من المبكر أن نتحدث عمّا يحصل بالضبط في الداخل، لكنني أعتقد أن أمل الحكومة في البداية كان أن الاحتجاجات سوف تتلاشى، إلا أن العكس يحدث الآن".

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close