تتسارع الأحداث في تونس منذ أن بدأ رئيسها قيس سعيّد الاستئثار بالسلطة، حيث أحدث قراره الأخير بتعيين أعضاء هيئة الانتخابات، جدلًا واسعًا في البلاد.
فقد أصدر الرئيس التونسي قرارًا يقضي بموجبه بتعيين أعضاء جدد في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، حيث وصفت هذه الأخيرة بأنها أصبحت بعد التعديل الجديد "هيئة للرئيس".
أمر واقع
رأى التونسيون بعد الثورة أن الانتخابات هي الحل للوصول إلى الطريق الديمقراطي في البلاد، إلى أن وصل قيس سعيد إلى رئاسة الجمهورية، وبدأ شكل المرحلة السياسية في تونس يتغيّر.
علّق عمل البرلمان وأقال رئيس الحكومة ووضع السلطة القضائية في يده، قبل أن يقرر مؤخرًا حل الهيئة العليات للانتخابات وتعيين أعضاء جدد لها. وقد أدّت إجراءات سعيد هذه، إلى وضع علامات استفهام حول رؤيته المستقبلية للبلاد.
وبعد كل ما سبق، بات رئيس الجمهورية يحكم كل السلطات، ويفرض أمرًا واقعًا جديدًا في تونس.
ويرى معارضو الرئيس أن سعيّد لا يريد رقيبًا ولا حسيبًا ولا شريكًا في السلطة، فهو يُمعن في الحكم حتى أصبح الحاكم الفعلي لكل مؤسسات الدولة.
خطوة إيجابية
في هذا السياق، يرى المحلل السياسي بلحسن اليحياوي أن "الإشراف على الانتخابات كان محط تساؤل في الفترة الماضية، وحسم الرئيس الجدل وأكد أن الهيئة العليا هي التي ستلعب هذا الدور".
ويدافع اليحياوي عن قرار سعيد، ويعتبر، في حديث إلى "العربي" من تونس، أن "هذه الخطوة تحمل معها خطوات إيجابية لم تكن موجودة في السابق"، مشددًا على أن هذه التعيينات "تجري وفق أسس ومعايير واضحة".
ويقول: "قانون الرئيس الجديد يضمن حدًا لا بأس به من الاستقلالية للهيئة، وسعيد لا يمكنه عزل أحد الأعضاء كما يُشاع، بل هو قام بتعديلات طفيفة عليها".
ويذكّر اليحياوي بأن "حركة النهضة قامت بالإجراء نفسه عام 2019، عندما عيّنت أعضاء جددًا في الهيئة من خلال البرلمان".
إمبراطور في تونس
في المقابل، يرى منسق مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" جوهر بن مبارك أن "سعيد حاول بهذه الخطوة إيهام الرأي العام الغربي بأن الهيئة هي التي ستشرف على الانتخابات، لكنه فعليًا هو من سيقوم بهذا الدور بعد تعييناته الجديدة".
ويشير بن مبارك، في حديث إلى "العربي" من تونس، إلى أن "سعيّد يريد الاستئثار بالسلطة كما فعل بباقي السلطات في البلاد".
ويقول: "قيس سعيد هو اليوم إمبراطور في تونس، ويريد التحكم في البلاد كما يريد".
ويضيف: "كنا ننتظر خبرًا سيئًا بأن تتولى وزارة الداخلية الإشراف على الانتخابات، لكن جاءنا الخبر الأسوأ بأن تشرف هيئة مفرغة من محتواها على هذا الاستحقاق".
هيئة الرئيس
من جهته، يشدد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بفون على أن "الهيئة لم تعد مستقلة، لأنها تستمد شرعيتها عن طريق انتخابها وليس من تعيينات تأتي من قبل الرئيس، تحجب عنها حرية العمل".
ويؤكد بفون، في حديث إلى "العربي" من تونس، أنه "بعد التعيينات الأخيرة، باتت الهيئة تخضع لسلطة رئيس الجمهورية".
ويقول: "الأفضل اليوم أن نسمي هذه الهيئة بأنها هيئة رئيس الجمهورية التي تُدار من قصر قرطاج".
ويضيف: "لا يمكن تغيير القوانين الانتخابية في محطات قريبة من موعد الانتخابات، واليوم نحن في وضع محرج محليًا وخارجيًا".