الثلاثاء 23 أبريل / أبريل 2024

تفجير مزدوج في القدس.. لماذا تعيش إسرائيل صدمة أمنية؟

تفجير مزدوج في القدس.. لماذا تعيش إسرائيل صدمة أمنية؟

Changed

يناقش "للخبر بقية" ارتدادات التفجير المزدوج الذي ضرب محطة للحافلات في القدس (الصورة: الأناضول)
حذّرت الأوساط العسكرية من احتمال شن مزيد من العمليات مع وجود مقاتلين وعجز تام عن كشف البنية التحتية المسلحة لهم.

توالت سهام الاتهامات الموجهة إلى قادة الأحزاب المنخرطين في تشكيل الحكومة في إسرائيل وصراع قادتها على المناصب بينما يتساقط القتلى والجرحى من المستوطنين. ووقع انفجاران قرب محطة حافلات عند مدخل القدس، وآخر بمستوطنة بين القدس ورام الله. وأسفر عن مقتل إسرائيلي وإصابة نحو 22 آخرين.

في المقابل، طالب بنيامين نتنياهو المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة بتعزيز وجود قوات الاحتلال في الميدان، بينما فضّل بتسلإيل سموتريش زعيم حزب "الصهيونية الدينية" تذكير مواطنيه بمشاهد الانتفاضة الفلسطينية.

أمّا إيتمار بن غفير زعيم حزب "القوة اليهودية" أو المرشح لوزارة الأمن الداخلي فرأى أن الوقت حان لاتخاذ إجراءات مشدّدة ضد من وصفهم بالمسلحين. 

إرباك أمني 

كما حذّرت الأوساط العسكرية من احتمال شن مزيد من العمليات مع وجود مقاتلين وعجز تام عن كشف البنية التحتية المسلحة لهم. 

كل هذا الحديث عن تشديد القبضة الأمنية أكثر والدفع بمزيد من الأرتال العسكرية، لم يمنع خروج أصوات داخل إسرائيل تذكّر بالأسباب الكامنة وراء إصرار الفلسطينيين على مواصلة العمل المسلح بل ابتكار تكتيكات جديدة ومعقدة، ألا وهو ما يفعله الاحتلال بالفلسطينيين، آخر ذلك قتل صبي بنيران جيش الاحتلال في نابلس واعتقال أطفال وعنف المستوطنين والمواظبة على اختطاف الجثامين الفلسطينية.

وفي الجانب الآخر، باركت الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها حركة حماس عمليات القدس، معتبرة إياها ردّ فعل طبيعيا على تصاعد القمع ضد الشعب الفلسطيني. 

أمّا مجموعة عرين الأسود وتنسب إليها الكثير من العمليات التي استهدفت الجيش الإسرائيلي أخيرًا، فقالت من غير إشارة تبنّ واضحة لما جرى اليوم: "إن الدم بالدم والقتل بالقتل والتفجير بالتفجير والرأس تقابله رؤوس". 

عدم تبني عمليات المقاومة

واعتبر الكاتب السياسي مصطفى الصواف أن ما قامت به قوى المقاومة بعدم تبني هذه العمليات هو عمل جيد وسليم من الناحية الأمنية لأنه يعطّل على الاحتلال الوصول إلى الجهة التي تقف خلف هذه العمليات.

وقال في حديث إلى "العربي" من غزة: "أعتقد أن هذه السمة يجب أن تتكرر في كل عمليات المقاومة في الضفة الغربية وأن لا تعلن أي جهة فلسطينية مسؤوليتها عنها حتى لا تكون هدفًا للإرهاب الصهيوني الذي مازال مستمرًا في الضفة الغربية وفي غزة". 

وأشار الصواف إلى أن الذي نفّذ العملية فلسطيني، معتبرًا أن هذا يكفي بحد ذاته أن يعلن أمام الجميع بأن المقاومة فلسطينية وأن الاحتلال سيواجه بهذه المقاومة طالما هو متواجد على الأرض الفلسطينية.  

تحوّل تقني في العمليات الفلسطينية

من جهته، رأى مدير عام مركز الكرمل للأبحاث مهند مصطفى أن ما يجعل عمليات القدس تقرع الأجراس بالنسبة إلى إسرائيل هو التخطيط أو البنية التنظيمية.

وأوضح أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية كانت دائمًا تنطلق من منطلق استخباراتي أن من السهل الكشف عن تنظيمات فلسطينية أو خلايا فلسطينية منظمة، بينما من الصعب الكشف عن عمليات يقوم بها أفراد. 

وقال مصطفى في حديث إلى "العربي" من حيفا: "إن هذه العملية تمثل تحوّلاً تقنيًا عاليا جدًا في العمليات الفلسطينية"، بمعنى أن الكثير من التحضيرات التنظيمية واللوجستية أجريت من أجل تنفيذ هذه العملية دون أن تعرف الاستخبارات الإسرائيلية. 

كما اعتبر مصطفى أن هذه العملية كانت صدمة بالنسبة إلى إسرائيل التي تعوّدت في السنوات الأخيرة على نمط معيّن من المقاومة الفلسطينية والذي يتمثل بقيام أفراد بعمليات مسلحة، لكن هذه العملية هي انتقالة نوعية حيث لم يقم بها أي شخص وتم تنفيذها عن بعد وهو تطور صادم بالنسبة لإسرائيل، لا سيما وأن عمليتين متزامنتين نفذتا في القدس وهي منطقة مزروعة بالكاميرات.  

وأكد أن هذه الأسباب جعلت إسرائيل تنظر لهذه العملية بخطورة كبيرة، وستحاول أن تعرف من هو المسؤول عنها، معتبرًا أن عدم إعلان المنظمات الفلسطينية مسؤوليتها سوف يزيد من الإرباك الإسرائيلي على المستويين الأمني والسياسي.

وقال مصطفى: "إنه على ما يبدو أن هذه العملية لا تزال غامضة بالنسبة إلى الاستخبارات الإسرائيلية"، مضيفًا أن هذه العملية تضرب المنطق الإسرائيلي الذي يفاخر بأنها قادرة على كشف العمليات الفلسطينية وتعقب منفذيها فورًا. 

وأضاف: "هذا يزيد من حالة انعدام الأمن الشخصي للإسرائيلي". 

الاحتلال دفع بتطور نوعي لعمليات المقاومة 

من جهته، أكّد مدير المركز الفلسطيني للدراسات الإستراتيجية محمد المصري أن عملية القدس تمثّل تحوّل جديد في العمل الفلسطيني المقاوم. وأشار إلى أن رموزًا فلسطينية من الشباب قامت بعمليات في الأشهر الستة الماضية أرعبت الاحتلال وأوقعت الخسائر. 

وقال في حديثه إلى "العربي"، من رام الله: "إن العمليات السابقة كانت ذات طابع فردي، لكن عملية اليوم لا يمكن أن يقوم بها شخص واحد حيث تتطلب عملية استطلاع مسبق ومراقبة للمكان وزرع العبوة ونقلها من مكان إلى آخر، ولا سيما أنه تم تنفيذ عمليتين بنفس التوقيت تقريبًا". 

وأشار المصري إلى أن هذا يمثل تطورًا نوعيًا، وأن الاحتلال دفع بالمقاومة لاتخاذ هذا المنحى، مؤكدًا أن الفلسطينيين يملكون المهارات والقدرات التي تجعلهم قادرين عل تنفيذ عمليات تفجير عن بعد. 

كما لفت إلى العدد الكبير من الجرحى والشهداء من الفلسطينيين في الأيام الماضية والذي لا يتم الحديث عنهم، بل يتم الحديث عن العدد المرتفع من القتلى الإسرائيليين. 

وأضاف المصري: "إذا لن يكون هناك أمن للفلسطيني فلن يكون هناك أمن للإسرائيلي"، لافتًا إلى أن الانتخابات الإسرائيلية وعدت الفلسطينيين بمزيد من القمع والاعتقالات والإعدامات.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close