السبت 13 أبريل / أبريل 2024

تكنولوجيا وعصابات.. أي رادع لظاهرة الغش بالامتحانات في المجتمعات العربية؟

تكنولوجيا وعصابات.. أي رادع لظاهرة الغش بالامتحانات في المجتمعات العربية؟

Changed

"العربي" يسلط الضوء على ظاهرة الغش في الامتحانات (الصورة: الأناضول)
تتغلغل ظاهرة الغش أكثر من أي وقت مضى في المجتمعات العربية، مع بروز وسائل إلكترونية تسهلها إلى جانب ترويجها من قبل عصابات منظمة.

مع انطلاق امتحانات نهاية العام الدراسي في المدارس والجامعات في معظم الدول العربية، تتفشى ظاهرة الغش في ظل تطور وتنوع الوسائل التي ينتهجها التلاميذ.

وفي وقت عززت دول عربية عدة من إجراءاتها الرقابية والعقابية في محاولة لتجاوز هذه المشكلة، طرحت هذه الظاهرة أسئلة كثيرة حول أسباب إلحاح الطلاب على الغش، وصلته بعوامل تربوية ومجتمعية وليس فقط برغبة الطلاب على ضمان النجاح.

السجن "للغشاشين" ومسهليه

فعلى سبيل المثال، فوجئ الجزائريون بانقطاع شبكة إنترنت الهواتف المحمولة مع إبقاء الإنترنت المنزلي، في حين فرض وقف تطبيق فيسبوك خلال ساعات امتحان البكالوريا، تفاديًا لتسريب الأسئلة واستعماله في محاولة الغش التي تكررت في الأيام الأخيرة.

كما أمرت السلطات بسجن نائب في البرلمان بالجزائر بعدما حاول مساعدة ابنته على الغش في امتحانات شهادات التعليم المتوسط التي أجربت الأسبوع الماضي، بمساهمة شرطي.

فقد قام النائب عبد الناصر عرجون عن حزب "جبهة التحرير الوطني" بتكليف قائد فرقة الدرك الوطنية المكلفة تأمين الحماية في مركز الامتحانات بإيصال ورقة الإجابة لابنته، إلا أن الأستاذ المسؤول عن مراقبة الامتحانات انتبه لذلك وتقدم بشكوى على النائب والعسكري.

قبل هذه الحادثة، سجنت أيضًا معلمة جزائرية بولاية ماسكرا جنوب البلاد، إثر نشرها أسئلة مادة العلوم الطبيعية بواسطة هاتفها.

كذلك قضت محكمة الشلف بالجزائر بسجن فتاة 18 شهرًا بسبب مساعدتها تلميذًا على الغش في مادة اللغة الفرنسية، بينما تنتظر فتاة أخرى المحاكمة بعد ضبطها وهي تساعد مترشحة بواسطة الهاتف.

وكانت الحكومة الجزائرية قد شددت منذ عام 2020 العقوبات على الغش في امتحانات شهادات التعليم المتوسط أو البكالوريا، لتصل إلى السجن من 3 إلى 15 عامًا بحال التسبب بإلغاء الامتحان أو إعادته.

تنوع وسائل الغش

أما في تونس المجاورة، فأكد وزير التربية فتحي السلاوتي تورط بعض الأطباء في وضع سماعات في أذن تلاميذ قصد تسهيل الغش، إلى جانب انتشار صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تسوق وتبيع وسائل إلكترونية كالسماعات والأقلام وغيرها لمساعدة طلاب الثانوية العامة على الغش.

 وكانت قوى الأمن التونسية قد ألقت بدورها القبض في وقت سابق على عصابات تعمل في بيع وترويج مثل هذه الوسائل، وقد نشر امتحان الفلسفة بعد 5 دقائق فقط من انطلاقه ما أثار جدلًا واسعًا وسط دعوات لاستقالة الوزير.

وهذه الأجهزة نفسها التي راجت في تونس، وصلت إلى المغرب حيث رصدت السلطات عشرات الأشخاص أنشأوا حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي بغرض تسهيل الغش في امتحانات البكالوريا.

وأوقفت الشرطة المغربية الأسبوع الماضي، طالبًا في العشرينيات من عمره بمدينة وجدة شرق البلاد لتورطه في حيازة أجهزة إلكترونية تستعمل لأغراض الاحتيال بالامتحانات المدرسية.

تزامن هذا مع مقطع فيديو على تطبيق "تيك توك" يدعو التلاميذ المقبلين على الامتحانات الرسمية، إلى اعتماد تقنية حديثة تيسّر عملية الغش بشكل آمن، ما شكل موجة غضب وصلت إلى البرلمان المغربي.

 مسؤولية المناهج التعليمية

ويعتبر الخبير التربوي والتعليمي بوشعيب حمراوي أن رغبة بعض الطلبة الشديدة بالغش، تتحكم بها عدة عوامل أبرزها آمال الطالب المستقبلية، إذ قد يربط المتعلم الحصول على الشهادة الرسمية بضمان وظيفة مستقبلًا.

ويؤكد حمراوي في حديث إلى "العربي"، من الرباط، وجود نوع من تواطؤ خارجي من قبل مجموعات وأشخاص "يتاجرون بمستقبل التلاميذ ويعدون عدة الغش ويعرضونها للبيع"، وما يسهل هذا الواقع هو غياب القوانين الصارمة التي تضع رادعًا له خصوصًا على المستوى الإعدادي.

ويشرح الخبير التربوي في هذا الإطار أنه على سبيل المثال تقبل بعض محلات نسخ الكتب، بنسخ أوراق الغش حيث تقوم على طبع المواد بنسخة صغيرة يسهل إدخالها وإخفائها في قاعة الامتحانات وغيرها العديد من التطبيقات والبرامج التي تسهل هذه العملية.

 أما عن دور التطور التكنولوجي في ترسيخ هذه الأزمة، فيرى حمراوي أن منظمي هذه الأساليب سيلجؤون إلى جميع الآليات المتاحة لتسهيل الغش سواء بطرق تقليدية أو متطورة.

ويبقى الرادع الأساسي لهذه المشكلة إيجاد طرق فعالة لحث التلاميذ على التخلي عن هذه العمليات الاحتيالية، عبر تقديم ضمانات طيلة العام الدراسي أبرزها تتبع وضع الطالب بشكل متواصل لتتأكد من مراجعته وفهمه لجميع الدروس وعدم تراكمها عليه، على حد تعبير حمراوي.

كذلك يعتقد الخبير التربوي المغربي أن المنهج التعليمي ككل لا يجب أن يركز فقط على الشق التدريسي، بل هناك ضرورة للإضاءة على إبداعات ومهارات التلاميذ المختلفة ليشعر بالراحة والترحيب، الأمر الذي سيبدل اهتمامه عن الرغبة بالغش.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close