تلويح بالتصعيد ووعيد بالعقوبات.. ما مآلات المواجهة بين إيران وإسرائيل؟
مع استمرار موجة التصريحات، تعمل مراكز صنع القرار الإيراني على تصدير خطابها في خضم المواجهة مع إسرائيل وفق مسارين، أولهما قائم على التهدئة والإشارة إلى عدم نيتها الذهاب في اتجاه تصعيدي بينما يُصعّد الحرس الثوري الإيراني نبرته ويؤكد استعداد القوى الجوية للردّ على أي محاولة لضرب المنشآت النووية بأسلحة متطوّرة قد تُصيب أهدافًا مُحدّدة في إسرائيل خلافًا للضربة الأخيرة التي لم يستخدم بها سوى أسلحة قديمة.
وفي إسرائيل، ورغم تسريبات بالتراجع عن تنفيذ ردّ على الهجوم الإيراني لمرتين في اللحظات الأخيرة، إلا أنّ نبرة التهديد تتزايد بقوة لدرجة التلويح باستهداف المنشآت النووية الإيرانية، باعتباره أحد الخيارات المطروحة على طاولة مجلس الحرب.
وما يزيد من الضغوط على حكومة الحرب الإسرائيلية ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية عن اعتراض 84% من الصواريخ والمسيّرات التي أطلقتها إيران؛ في وقت أفادت تقارير بأنّ صور الأقمار الاصطناعية تُظهر احتمالية تعرُّض قاعدة رامون العسكرية لإصابات في الهجوم الإسرائيلي، فيما تعرّض مفاعل ديمونة لاستهداف لا يُمكن الجزم به في صور الأقمار الاصطناعية.
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أنّ الولايات المتحدة وحلفاءها فرضوا عقوبات على إيران بسبب هجومها على إسرائيل. كما قرّر الاتحاد الأوروبي أيضًا فرض عقوبات جديدة تستهدف منتجي الطائرات المسيّرة والصواريخ. بدورها، فرضت بريطانيا 13 تصنيفًا ضد كيانات عسكرية واقتصادية إيرانية.
وكل ما سبق يتّفق مع خطوات لفرض عقوبات جديدة على إيران في رسالة واضحة لوقوف المنظومة الأوروبية إلى جانب إسرائيل بعد هجوم إيران غير المسبوق.
يأتي ذلك في وقت أكد بيان مجموعة السبع العمل على التنسيق الوثيق لأي إجراء مستقبلي للحدّ من قدرة إيران على الحصول على الأسلحة أو إنتاجها أو نقلها.
"وجهان لعملة واحدة"
وفي هذا الإطار، أوضح حسن أحمديان أستاذ دراسات الشرق الأوسط بجامعة طهران، أنّ التهدئة والتصعيد الذي يقوم عليهما الخطاب الإيراني بعد تهديد إسرائيل بالردّ على الهجوم الإيراني، وجهان لعملة واحدة.
وقال أحمديان في حديث إلى "العربي" من طهران، إنّ إيران تنتهج سياسة ردع تقوم على عدم التصعيد لكنّ في الوقت نفسه، تمتلك القدرة على الردّ على أي تهديد يُوجّه ضدها.
وأضاف أنّ هذه السياسة هي نفسها التي تنتهجها طهران تجاه إسرائيل والولايات المتحدة.
"معضلة غير مسبوقة"
بدوره، رأى مهند مصطفى الباحث في مركز مدى الكرمل، أنّ إسرائيل وجدت نفسها في معضلة غير مسبوقة، إذ أنّ تأخر الردّ الإسرائيلي على الهجوم الإيراني هو بحد ذاته يُضعف تل أبيب ويُنظر إليه في الداخل الإسرائيلي على أنّه خوف.
وأشار مصطفى في حديث إلى "العربي" من حيفا، إلى خلافات داخل مجلس الحرب الإسرائيلي حول تحديد وجهة إسرائيل في كيفية الردّ، مضيفًا أنّ إيران استطاعت أن تفرض منظومة ردع على إسرائيل.
وقال إنّ إسرائيل تدور في دائرة مغلقة، فهي من جهة متردّدة جدًا في الردّ على الهجوم الإيراني بسبب الضغط الدولي والرفض الأميركي للمشاركة في الهجوم، ومن جهة أخرى فرضت على نفسها منظومة الردع الإيراني.
"الغرب موحّد في رفض أي تصعيد"
من جهته، رأى رافائيل بوسونغ كبير الباحثين بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، أنّ العواصم الغربية في أوروبا وأميركا، تشعر بالقلق العميق من الأوضاع في الشرق الأوسط، ولكنّها موحدة في موقفها برفض أي تصعيد إضافي في المنطقة أو حرب شعواء بين إسرائيل وإيران.
وقال بوسونغ في حديث إلى "العربي" من برلين، إنّ ألمانيا التي تدعم إسرائيل، حثّت تل أبيب على التحلّي بأقصى درجات ضبط النفس ولا تدعم أي ردّ إسرائيلي على الهجوم الإيراني.