بعد وقت قصير من اقتراحه إعادة توطين دائم لسكان غزة في دول أخرى، أفصح الرئيس الأميركي دونالد ترمب مساء أمس الثلاثاء (بتوقيت واشنطن) عزم بلاده الاستيلاء على القطاع الفلسطيني المحاصر، ما أعاد إلى الأذهان محاولاته السابقة فيما عرف بـ"صفقة القرن" التي أعلن عنها عام 2020.
كان ترمب يهدف من خطته حينها إلى إقامة وطن بديل للفلسطينيين خارج أراضيهم التاريخية المحتلة من قبل إسرائيل، ومن ثم إنهاء فكرة حل الدولتين على حساب دول مثل مصر والأردن.
ومنذ عام 1949، قدمت واشنطن مشاريع لتوطين اللاجئين الفلسطينيين كُتب لها الفشل، من بينها "مشروع جونستون" في الأردن، و"مشروع جون فوستر دالاس" في المناطق العربية التي يوجد فيها اللاجئون الفلسطينيون.
خطة ترمب للسيطرة على غزة
فمنذ لحظة تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة، أطلق ترمب العديد من التصريحات المثيرة للجدل بشأن القضية الفلسطينية، كان آخرها خطة تتيح لبلاده السيطرة على قطاع غزة، وإعادة توطين الفلسطينيين في دول أخرى، سواء أرادوا المغادرة أم لا، وتحويل المنطقة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".
ومنذ 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، يروج ترمب لمخطط نقل فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو الأمر الذي رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى، ومنظمات إقليمية ودولية.
وخلال لقائه الرئيس الأميركي الثلاثاء، أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس ترمب ووصفه بأنه "أعظم صديق لإسرائيل على الإطلاق"، معتبرًا أن خطته للسيطرة الأميركية على قطاع غزة يمكن أن "تغيّر التاريخ"، بحسب وصفه.
وأمس الثلاثاء، كشف ترمب عن عزم بلاده الاستيلاء على غزة، قائلًا:
- سيجعل القطاع المدمر بسبب الحرب "لا يصدق" من خلال إزالة القنابل غير المنفجرة والأنقاض وإعادة تطويره اقتصاديًا.
- الولايات المتحدة سوف تتولى السيطرة على قطاع غزة، وستقوم بعمل هناك أيضًا.
- الولايات المتحدة سوف تمتلك قطاع غزة، وستكون مسؤولة عن تفكيك كل القنابل غير المنفجرة والأسلحة الأخرى الخطيرة في هذا الموقع.
- اقترح ترمب "ملكية طويلة الأمد" لغزة من قبل الولايات المتحدة، لافتًا إلى أن خطته ستجعل من القطاع المدمر "ريفييرا الشرق الأوسط. وقد يكون هذا شيئًا بالغ الروعة"، وفق قوله.
إلى ماذا تهدف صفقة القرن؟
- مطلع 2020، أعلن ترمب، الذي تولى رئاسة الولايات المتحدة آنذاك في فترة أولى (2017-2020)، "صفقة القرن" التي دعمت "التهجير" عبر مصادرة حق الفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم التي هُجروا منها عام 1948.
- وشملت الخطة إنهاء وضع "اللاجئ الفلسطيني".
- أيدت ضم الأراضي التي احتلتها إسرائيل منذ عام 1967، بل أعطت شرعية للمستوطنات.
- إعادة رسم الحدود بالضفة الغربية لضم المستوطنات الكبرى ومنطقة غور نهر الأردن لإسرائيل.
- كما توفر الخطة حكمًا ذاتيًا محدودًا للفلسطينيين في الضفة الغربية ومناطق شرق القدس.
- سيطرة السلطة الفلسطينية أو أي هيئة وطنية أو دولية أخرى مقبولة لدى دولة إسرائيل بالكامل.
- نزع سلاح حماس، والجهاد الإسلامي، والمنظمات الأخرى في غزة.
- تكون غزة منزوعة السلاح.
- ستبقى القدس موحدة وستظل عاصمة لدولة إسرائيل.
إلى ذلك، جاء مقترح ترمب الأخير لتهجير فلسطينيي غزة إلى مصر والأردن جاء في ظل دعوات متصاعدة منذ أشهر داخل الأوساط الإسرائيلية في الاتجاه ذاته.
فعلى مدى نحو 16 شهًرا من الإبادة الجماعية بغزة، أطلق مسؤولون إسرائيليون دعوات لتهجير فلسطينيي القطاع، في حين سارعوا إلى دعم مقترح ترمب.
ومن أبرز هؤلاء، وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الذي قال في 27 يناير/ كانون الأول الماضي، إنه يعمل مع نتنياهو على خطة عمل لتنفيذ رؤية ترمب، بشأن تهجير الفلسطينيين في غزة إلى مصر والأردن.
أما وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستقيل إيتمار بن غفير، فقال خلال اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب "عوتسما يهوديت" (قوة يهودية) برئاسته، في اليوم ذاته، إن "تشجيع الهجرة هو الشيء الوحيد الذي سيجلب الحل والراحة والهدوء لدولة إسرائيل ولسكان غزة".
في المقابل، قوبل مخطط ترمب برفض فلسطيني وعربي وإسلامي وأوروبي وأممي.
فقد شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في مؤتمر صحفي الأربعاء الماضي، على أن "ترحيل أو تهجير الشعب الفلسطيني ظلم لا يمكن أن نشارك فيه"، مؤكدًا عزم بلاده على العمل مع ترمب للتوصل إلى سلام قائم على حل الدولتين.
وأُضيفت إلى ذلك، مواقف رافضة لمقترح ترمب من جهات عدة، بينها الأردن والعراق وفرنسا وألمانيا، وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي.