كشف الجنرال كريستوفر كافولي، القائد الأعلى لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي، أنّ روسيا تُجري عمليات استبدال للقوات والدبابات والذخائر "بوتيرة غير مسبوقة".
وفي مقارنة مع قدرات الجيش الأميركي، قال كافولي إنّ المصانع الروسية ستُنتج 1500 دبابة هذا العام، مقارنةً بـ 135 دبابة أميركية، و3 آلاف مركبة مدرعة؛ بينما لا تُنتج أميركا أي مركبات قتالية جديدة للمشاة.
وأضاف أنّ روسيا ستُنتج 250 ألف قذيفة شهريًا، ما يضعها "على الطريق الصحيح لبناء مخزون أكبر بثلاث مرات من مخزون الولايات المتحدة وأوروبا مجتمعتين".
ولفهم حجم التوسّع في الصناعات الدفاعية في روسيا، استشارت مجلة الـ"إيكونوميست" شركة غربية تستخدم الذكاء الاصطناعي لغربلة البيانات من مصادر متنوّعة، لرصد كيفية تغيّر عدد الأجهزة الإلكترونية، مثل الهواتف المحمولة، الموجودة في موقع صناعي بمرور الوقت.
ووفقًا للمجلة، لا تلتقط البيانات سوى جزء ضئيل من إجمالي الأجهزة الموجودة، ربما من 2% إلى 10% من العدد، ولكنّها تُمثل في الوقت نفسه مؤشرًا على مستوى النشاط.
ووجدت البيانات أنّ مصنع "أومسك ترانس ماش" أو مصنع دبابات "أومسك"، وهو أحد أكبر مصانع الدبابات في روسيا، يستقبل دبابات "T-80" القديمة التي صُنعت منذ عقود، ويقوم بتحديثها على مدار الساعة.
وارتفع مستوى النشاط في "أومسك ترانس ماش" قبل الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، قبل أن ينخفض.
لكن منذ اندلاع الحرب، ارتفع عدد العاملين في المصنع بشكل كبير.
وظل مستوى النشاط مرتفعًا بشكل خاص منذ منتصف عام 2023، عندما أدرك الكرملين حاجته إلى التعبئة لحرب طويلة.
نشاط مكثّف في كل المرافق الصناعية الدفاعية الروسية
وتكرّر الأمر في المرافق الصناعية الدفاعية كافة في روسيا.
وشهد مصنع "أورال فاغون زافود" أكبر مصنع للدبابات في روسيا، نشاطًا أكبر بكثير عام 2024 مقارنةً بعام 2023.
كما يشهد مصنع "أرزاماس"، الذي ينتج ناقلات الجنود المدرعة، ومصنعا "كورغان ماش زافود" و"موتوفيليخا" اللذان ينتجان مركبات القتال للمشاة، ازدهارًا أيضًا.
أما مصنع "يكاترينبورغ رقم 9"، الذي يُنتج براميل مدافع الهاوتزر والدبابات، فيُمكن رؤية قطع المدفعية والمدافع متوقّفة في العراء في صور الأقمار الصناعية.
وعلى بُعد بضعة كيلومترات، تقع شركة "نوفاتور" التي تُطوّر صواريخ إسكندر الباليستية. كما تظهر مؤشرات على نمو قوي في مصنع "تيتان-باريكادي" في مدينة فولغوغراد، حيث تُبنى أنظمة إطلاق صواريخ "إسكندر"، وكذلك في شركة "سبلاف" في تولا التي تُصنّع صواريخ "غراد" وقاذفات "أوراغان" و"سميرتش".
ويتطلّب ملء ثلاثة ملايين قذيفة سنويًا كميات هائلة من المتفجّرات. ويُعدّ مصنع "سفيردلوف" في دزيرجينسك أكبر مصنع متفجّرات في روسيا، حيث يُنتج مواد كيميائية للقذائف والقنابل الانزلاقية.
وقد ارتفع عدد العبوات الناسفة شهريًا هناك بشكل كبير في الأشهر الأخيرة. كما ازداد النشاط في مصنع "سلماش" في كيروف، الذي يُنتج أغلفة الذخائر.
وكذلك تزايد النشاط في مصنع ألابوغا في تتارستان، حيث تُصنّع طائرات "شاهد 136" الانتحارية، وكذلك في مطار بيغيشيفو القريب.
ويظهر حجم أعمال البناء الأخيرة في ألابوغا بوضوح في الصور.
مؤشرات أخرى
لا تُعدّ هذه المؤشرات الوحيدة على النشاط المفرط لصناعة الدفاع الروسية؛ فقد رصدت مجلة "إيكونوميست" مجموعة من المؤشرات الأخرى.
في بييسك، على سبيل المثال، موطن مصنع مهم لإنتاج الأوليوم المستخدم في المتفجرات، ومركز أبحاث عسكرية، ارتفع متوسط الحركة اليومية بين مناطق السكن الجامعي والمناطق التي تضم مصانع كيميائية بنسبة 19% عام 2023.
وارتفعت مدة مكوث الأشخاص بنسبة 32% خلال فترات العمل في ورديتي العمل الثانية والثالثة.
وأظهر تطبيق "Strava" الذي يُسجّل التمارين الرياضية، مجموعات جديدة من الجري وركوب الدراجات في المناطق القريبة من تلك المصانع، وهي علامة على وصول عمال جدد إلى المنطقة، وهو ما قد يفسر أيضًا سبب ارتفاع تكاليف إيجار المساكن بنسبة 21% سنويًا.
ويمكن ملاحظة أنماط مماثلة في المواقع المرتبطة بالتوسّع العسكري المخطط له من جانب روسيا على حدود حلف "الناتو".
ففي لوغا، على سبيل المثال، حيث بدأت روسيا بتشكيل فرقة عسكرية جديدة العام الماضي، أظهرت بيانات مواقع الهواتف المحمولة زيادة في الكثافة السكانية حول المناطق الصناعية، وزيادة في مدة المكوث من الساعة العاشرة مساءً إلى السادسة صباحًا، ما يشير إلى نوبات عمل ليلية، وممرات تنقّل جديدة بين المساكن والمصانع العسكرية.