الخميس 25 أبريل / أبريل 2024

توقف إمدادات الغاز الروسي يثير القلق.. الأوروبيون يبحثون خياراتهم

توقف إمدادات الغاز الروسي يثير القلق.. الأوروبيون يبحثون خياراتهم

Changed

ناقش الباحث الاقتصادي عامر الشوبكي تداعيات القرار الروسي بقطع امدادات الغاز عن بولندا وبلغاريا (الصورة: غيتي)
أثار القرار الروسي بقطع الغاز عن بلغاريا وبولندا مخاوف من حصول نقص في الإمدادات، ليس في أوروبا الشرقية والوسطى فحسب بل في القارة العجوز بأسرها.

مع بدء النزاع بين روسيا وأوكرانيا، سطع نجم الغاز في أروقة السياسة والاقتصاد، وأصبح ملفًا حاضرًا يتهم البعض موسكو باستعماله لـ"الابتزاز السياسي".

وبعد قرار روسيا قطع إمدادات الغاز عن بولندا وبلغاريا، اتسعت أزمة الغاز، وفتحت مسارات جديدة في العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي، حيث يعقد وزراء الطاقة الأوروبيون، الإثنين المقبل، "اجتماعًا استثنائيًا" لبحث وضع الطاقة في الاتحاد الأوروبي.

وقطعت مجموعة "غازبروم" الروسية العملاقة، الأربعاء، كلّ صادراتها من الغاز إلى بلغاريا وبولندا لعدم تلقيها دفعات بالروبل من البلدين العضوين في الاتحاد الأوروبي، في قرار أثار مخاوف من حصول نقص في الإمدادات، ليس في أوروبا الشرقية والوسطى فحسب بل في القارة العجوز بأسرها.

وغرّدت وزيرة التحوّل البيئي الفرنسية باربرا بومبيلي على تويتر الاربعاء أنّه "بعد توقّف شحنات الغاز الروسي إلى بولندا وبلغاريا، يظلّ الأوروبيون موحّدين ومتّحدين".

وأضافت بومبيلي، التي تتولّى بلادها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، أنّها "ستجمع نظراءها بعد ظهر الإثنين في جلسة استثنائية لمجلس الوزراء الأوروبي لشؤون الطاقة".

الاتحاد الأوروبي مستعدّ

وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين نددت بـ"المحاولة الجديدة من روسيا لابتزازنا بالغاز"، مؤكّدة أنّ الاتحاد الأوروبي "مستعدّ لهذا السيناريو".

وقالت: "نعمل على تطوير استجابتنا الأوروبية المنسّقة. يمكن للأوروبيين التأكّد من أنّنا متّحدون ومتضامنون مع الدول الأعضاء المتضرّرة" من قرار قطع الغاز الروسي".

وأوضحت أن بولندا وبلغاريا ستحصلان على الغاز من جيرانهما الأوروبيين، معتبرة أن "الكرملين فشل مرة أخرى في محاولته بث الانقسام بين الدول الأعضاء. عصر الوقود الأحفوري الروسي في أوروبا يقترب من نهايته".

وأشارت إلى أن هذا "التوقف الأحادي الجانب" للتسليم "غير مبرر وغير مقبول". وقالت: "هذا يظهر مرة أخرى عدم موثوقية روسيا باعتبارها مورّدًا للغاز".

وحذرت من أن الشركات الأوروبية التي توافق على دفع ثمن الغاز الروسي بالروبل، كما تطالب موسكو، ستخالف عقوبات الاتحاد الأوروبي وستواجه مخاطر قانونية "جمة".

وأوضحت: "تنص حوالي 97% من العقود (بين شركات من الاتحاد الأوروبي وموردي الغاز الروس) على الدفع باليورو أو بالدولار (...) لا ينبغي على الشركات التي لديها مثل هذه العقود أن تستسلم لمطلب روسيا، فهذا من شأنه أن يخالف العقوبات" المفروضة من قبل دول الاتحاد.

بدوره، وصف جوزيب بوريل، منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خلال زيارة الى تشيلي، خطوة غازبروم بأنها "عمل عدائي"، محذرًا من أنها لن تؤدي سوى الى "تسريع تحول أوروبا إلى مصادر الطاقة النظيفة التي لا تخلق تبعيات لأحد".

واردات الغاز إلى بولندا وبلغاريا

وتزوّد روسيا أوروبا بين 40 إلى 50% من احتياجاتها من الغاز، عبر أنابيب مختلفة تديرها شركة "غازبروم".

وتستقبل بلغاريا الغاز الروسي على خط أنابيب "ترك ستريم" الذي يعبر البحر الأسود بديلًا من خط "ساوث ستريم" الذي توقف بعد إشكاليات بين موسكو والمفوضية الأوروبية.

وينطلق "ترك ستريم" من سواحل البحر الأسود ليص إلى بلغاريا عبر شبكة تركية بخطين مشتركين وبسعة إجمالية تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 31 مليار متر مكعب، ليغذّي بلغاريا واليونان ومقدونيا الشمالية فضلًا عن السوق التركية.

أما بولندا، فتزوّدها روسيا بنحو 45% من اجمالي إمدادات الغاز في البلاد. لكن بولندا تعتمد بشكل أكبر على الفحم لتدفئة المنازل، حيث يمثل الغاز 9% فقط من مزيج الطاقة في البلاد، بالإضافة إلى أنه كان من المقرر أصلًا، أن تتوقف الإمدادات الروسية في وقت لاحق من هذا العام.

ولطالما تحدثت بولندا عن وضع خطط طارئة للحصول على إمداداتها من دول أخرى مثل النرويج، التي تزوّد أوروبا بما يتراوح بين 20 و25% من احتياجاتها.

وتعتبر النرويج ثاني أكبر مورد للغاز في أوروبا بعد شركة "غازبروم" الروسية. واتخذت منذ فترة خطوات جادة في سبيل مساعدة الدول الأوروبية في تقليل اعتمادها على الغاز الروسي.

 وكشفت شركة "إيكونور" النرويجية عن خطتها لزيادة إنتاج وصادرات الغاز بنحو مليار متر مكعب حتى 30 سبتمبر/ أيلول المقبل.

واستورد الاتحاد الأوروبي مجتمعًا حتى النصف الأول من العام الماضي، حوالي 47% من احتياجاته من الغاز من روسيا، و20% من النرويج.

ما هي الخيارات الأوروبية؟

وفي هذا الإطار، اعتبر الباحث الاقتصادي عامر الشوبكي أن الإجراء الروسي "ابتزاز اقتصادي سياسي"، ما يؤكد المخاوف الأميركية من الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي.

وحذّر الشوبكي، في حديث إلى "العربي" من عمان، من تداعيات على المدى المتوسط والبعيد أيضًا للقرار الروسي على الدول الأوروبية.

وأكد أن الخيارات الأوروبية محدودة، ورغم ذلك لا بد لها من الابتعاد عن الغاز الروسي وإن كانت التكلفة مرتفعة، مشيرًا إلى أن بولندا وبلغاريا ستحصلان الآن على الغاز بأسعار أغلى من الغاز الروسي.

وأوضح أن المخاطر تكمن في امتداد قرار قطع الغاز الروسي على باقي الدول الأوروبية، خاصة ألمانيا التي تعتبر أكبر مستورد أوروبي للغاز الروسي.

وفي الوقت نفسه، أشار إلى أن موسكو ستكون المتضرر الأكبر على المدى الطويل من قرار قطع إمداداتها من الغاز إلى أوروبا، لأن الإجراء الروسي سيسرّع اتخاذ خطوات عقابية على الطاقة بشكل عام، كونها تعتمد إيراداتها على صادرات الطاقة بنسبة تتراوح بين %40 و50%.

المصادر:
العربي - وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close