بعد اختيارها "عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي" للعام 2021، تستضيف العاصمة القطرية الدوحة، اعتبارًا من اليوم، وطوال العام الجاري 2021 فعاليات متنوّعة، ضمن برنامج عواصم الثقافة الإسلاميّة الذي يعكس الرّؤية الحضارية للعمل الثقافي الإسلامي المشترك.
وقد منحت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو" الدوحة هذه الاستضافة نتيجة لما تضمّه دولة قطر من مقامات حضارية ومعالم عديدة تعكس الطابع الإسلامي. وتشكل الفعاليات فرصة لإبراز التنوع الثقافي، والقيم الإنسانية لثقافة قطر وتاريخها العريق.
ويُعتبَر متحف قطر الوطني أحد أبرز هذه المعالم وأهمّها، إذ يتربّع على عرش فن العمارة الحديث، فهو أحد أجمل التصاميم التي تجمع بين الحداثة والعراقة المتجذرة في آن واحد. ويروي المتحف قصة دولة قطر الفريدة وشعبها منذ البداية إلى يومنا هذا، كما يعكس رؤيتها المستقبلية.
وافتتح متحف قطر الوطني في الدوحة، في 27 مارس/ آذار 2019، بعد نحو عقد من الزمن استغرقها البناء والتحضير. وتصل مساحة المتحف إلى 40 ألف متر مربع، ويشمل 11 صالة.
تحفة معمارية لا مثيل لها في قطر
ويتوّج المتحف بصورته الحالية سنوات من الجهد، وفقًا لسيف الكواري، نائب مدير العمليات في المتحف. وأُعلن عن المشروع في العام 2010، وتطلب الكثير من العمل والدراسة والبحث لخروجه بهذا الشكل الباهر.
وكان الكواري قد أشار في حديث إلى "العربي" عقب الافتتاح، "أن المتحف استغرق كل هذا السنين؛ لأن قطر أرادته تحفة معمارية لا مثيل لها".
ويوفّر المتحف لزوّاره خيارات متعددة، سواء للتعلّم أو الاسترخاء. ويحتوي على قاعة اجتماعات تضم 220 مقعدًا، وبرنامجًا متجددًا للفعاليات، كما يخصص مساحة للطلاب الباحثين عبر مركز الأبحاث والمختبرات المتخصصة.
كما يشكل متحف قطر الوطني وجهة مثالية للاسترخاء والتنزه، ويضم حديقة حديثة ذات مناظر طبيعية توفّر بيئة تعليمية تفاعلية صديقة للأسرة، وتحتفي كذلك بالنباتات القطرية الأصيلة.
الصورة لبوابة دخول زوار متحف قطر الوطني القديم عام ١٩٧٩م ..#ذاكرة_قطر pic.twitter.com/mirmW4adP3
— #ذاكرة_قطر 🇶🇦 (@atiqasoliti) February 26, 2021
تصميم مستوحى من وردة الصحراء
صمم متحف قطر الوطني المهندس المعماري الفرنسي الشهير، جان نوفيل، الذي أبدع في تصميم الأقراص المنحنية والزوايا الناتئة المستوحاة من وردة الصحراء. وكتب المصمم يوم الافتتاح على تويتر: "متحف جديد يولد من الرمال، صوت جديد لقطر ولشعبها".
وحرص المصمم على أن يكون البناء جزءًا من حكاية سكان هذه الرقعة الجغرافية المترامية بين البر والبحر.
وتأخذ الرحلة داخل متحف قطر الوطني الزائرين إلى العصر القديم، بدءًا من النشأة الجيولوجية السحيقة مرورًا بمرحلة تجارة اللؤلؤ، وصولًا إلى اكتشاف النفط ومراحل بناء الدولة العصرية.
وتمّ تصميم المتحف بشكل يمنح الزّوار رحلة تفاعلية وتجريبية على حد سواء، حيث يجد الزّوار بيئة غنيّة لاستكشافها.
وقد استعملت أحدث التقنيات لنقل الزائرين بصورة أسرع إلى الماضي، ويخصص المتحف زوايا عدة لذوي الاحتياجات الخاصة.
Inauguration of the National Museum of Qatar. A new museum emerges from the sand. A new voice for Qatar and its people.#JeanNouvel #NMoQ #QatarCreates@NMOQatar @Qatar_Museums @VisitQatar Photos © Ateliers Jean Nouvel / Iwan Baan pic.twitter.com/pPJCoeLpae
— Jean Nouvel (@ateliersjnouvel) March 27, 2019
قطر بين التاريخ والحاضر والمستقبل
يضم متحف قطر الوطني ثلاثة أقسام رئيسية، هي: قسم البدايات الجيولوجية، قسم بدء الحياة في قطر ، والذي يشمل المرحلة الاستعمارية، والقسم الثالث الذي يعكس الحياة في قطر اليوم.
وكانت رئيسة مجلس أمناء متاحف قطر، الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني، قد شرحت في حديث إلى "العربي" أن المقتنيات الموجودة في المتحف تضم أشياء عن التاريخ الطبيعي والحيوانات الموجودة والمنقرضة في قطر، والحضارات المتعاقبة. كما يضم المتحف ما وجد من آثار في أماكن التنقيب، كمروضة والزبارة.
وتحتل الفنون التشكيلية القطرية مساحة واسعة من متحف قطر الوطني الذي يحتفي أيضًا بتقاليد البلاد البحرية العريقة، من خلال التزامه بالحفاظ على السفن الخشبية الشراعية المصنوعة يدوياً، التي كانت ذات يوم تمثّل شريان حياة للدوحة. حيث مكّنت هذه القوارب أعمال الصيد والتجارة، وخاصة صيد اللؤلؤ الثمين.
ويعرض هذا الصرح الثقافي التحف الفنية الشهيرة والفريدة من نوعها، مثل سجادة "بارودا" المصنوعة يدويًا، والتي تحتوي على أكثر من 1.5 مليون لؤلؤة طبيعية مستخرجة من سواحل الخليج العربي.