الخميس 25 أبريل / أبريل 2024

ثاني أكبر طائفة من المسلمين.. "الشيعة العرب" بين الهوية والممارسة

ثاني أكبر طائفة من المسلمين.. "الشيعة العرب" بين الهوية والممارسة

Changed

شيعة العرب
يتّخذ أغلب علماء أهل السنّة موقفًا سلبيًا من التشيّع، ويعتبره بعضهم امتدادًا لعقائد وتصوّرات يهودية ومسيحية (غيتي)
عُرفوا تاريخيًا بـ"شيعة عليّ" أو "أتباع عليّ"، وهم ليسوا فريقًا واحدًا، إلا أنّ مفردة الشيعة تشير غالبًا إلى الشيعة "الاثني عشرية" باعتبارهم الأكثر عددًا.

اختلف المؤرّخون حول بداية ظهور الشيعة، وذهب مؤرّخو الشيعة إلى أصالة المذهب ووجوده منذ عصر النبيّ (ص).

إلا أنّ ما هو متَّفق عليه أنّهم ثاني أكبر طائفة من المسلمين، وقد عُرفوا تاريخيًا بـ"شيعة عليّ" أو "أتباع عليّ"، وهم ليسوا فريقًا واحدًا، إلا أنّ مفردة الشيعة تشير غالبًا إلى الشيعة "الاثني عشرية" باعتبارهم الأكثر عددًا.

يقول سعيد بن عبد الله القمي: الشيعة وهي فرقة عليّ بن أبي طالب (ع)، المسمّون شيعة علي في زمن النبيّ، معروفون بانقطاعهم إليه والقول بإمامته، منهم المقداد بن الأسود الكندي وسلمان الفارسي وأبو جندب بن جنادة الغفاري وعمار بن ياسر بن عامر، وغيرهم ممّن وافقت مودّتهم مودّة عليّ (ع)، وهم أول من تشيّع من هذه الأمّة.

ويرى آخرون أنّ الشيعة ظهروا مع موقعة الجمل عام 35 للهجرة، وهو ما ذهب إليه ابن النديم. يقول في كتابه "الفهرست": "لما خالف طلحة والزبير عليًا رضي الله عنه وأبيا إلا الطلب بدم عثمان بن عفّان وقصدهما عليّ ليقاتلهما حتى يفيء إلى أمر الله، تسمّى من اتبعه على ذلك الشيعة".

ويرى آخرون من أهل السنّة أنّ التشيّع بدأ مع عبد الله بن سبأ، وهو شخصية جدلية اختلف المؤرّخون في وجودها من عدمه، حيث تقول الروايات إنه يهوديّ يمنيّ أسلم في الظاهر، وعمل على إثارة الفتن والقلاقل بين المسلمين. وإليه يُرجِع بعض مؤرّخي أهل السنّة بذرة التشيّع الأولى وأهمّ تصوّراته وعقائده.

لماذا يتّخذ علماء السنّة موقفًا سلبيًا من التشيّع؟

يتّخذ أغلب علماء أهل السنّة موقفًا سلبيًا من التشيّع، ويعتبره بعضهم امتدادًا لعقائد وتصوّرات يهودية ومسيحية، ومن هؤلاء ابن حزم في كتابه "الفصل بين الملل والنحل"، وابن تيمية في كتابه "منهاج السنّة"، وهو الرأي الذي تبنّاه بعض المستشرقين، ومنهم المجري جولد تسيهر الذي زعم في كتابه "العقيدة والشريعة في الإسلام" أنّ التشيّع كان سببًا في القضاء على نظرية الألوهية في الإسلام.

وعلى الخطى نفسها سار الهولندي رينهارت دوزي في كتابه "ملوك الطوائف" الذي أرجع التشيّع إلى أصول فارسيّة، ورأى أنه نتاج لأخلاط من التخرّصات الدينية والمذاهب المختلفة والنحل المتباينة، فيما ربط آخرون بين التشيّع وعقائد بوذا وزارادشت وماني ومزدك.

وأشار إلى ذلك الباحث المصري أحمد أمين في كتابه الشهير "فجر الإسلام"، حيث رأى أن التشيّع نشأ وازدهر وانتشر في العراق نظرًا لازدحام العراق بالملل والنحل والمذاهب الدينية القديمة.

ثلاثة مستويات لتحديد مفهوم "الشيعة العرب"

ويرى رئيس قسم الأبحاث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات حيدر سعيد أنّ هناك ثلاثة مستويات لتحديد مفهوم الشيعة العرب.

ويفنّد سعيد، في حديث إلى "العربي"، هذه المستويات وفقًا لما يلي:

  • مواطنون عرب يعتنقون المذهب الشيعي.
  • روابط وحركات سياسية منذ أواسط القرن العشرين عبّرت بشكل ما عن هوية شيعية.
  • مفهوم حديث ظهر ضمن سياقات سياسية غربية في تسعينيات القرن العشرين للتفريق بينهم وبين شيعة إيران.

ويشير سعيد إلى أنّ الثورة الإيرانية كانت حدثًا كبيرًا، وإيران عملت على تحديد مفهوم عام للشيعة وصناعة إطار سياسي موحد يجمع كل الشيعة تحت رعايتها، لكن محاولتها واجهت تعقيدات ومعارضة من بعض الشيعة الذين كانوا يخشون من هيمنة مدرسة قم على مدرسة النجف.

ويتحدّث عن خلافات بين مدرستي قم والنجف خصوصًا فيما يتعلق بمسألة ولاية الفقيه، موضحًا أنّ الحوزة الدينية في النجف كان شاغلها الأساسي في المجال السياسي هو الشاغل الوطني العراقي.

حلف إقليمي شيعي تقوده إيران

ويعتبر سعيد أنّه "في العقدين الأخيرين أصبح بالإمكان الحديث عن حلف إقليمي شيعي في المنطقة تقوده إيران".

ويشرح أنّ "حزب الله في لبنان أُسِّس برعاية إيرانية، وهناك نقاش داخل الشيعة لمحاولة تخليص التشيع في لبنان والعراق من الهيمنة الإيرانية".

ويؤكد أنّ "لإيران طموحات إمبراطورية، ولذلك اعتمدت التشيع بوصفه وسيلة إيديولوجية لتحقيق طموحاتها التوسعية، في حين أن التشيع العراقي والعربي ليست له هذه الطموحات".

ويشدّد على أنّ "مطلب الشيعة الأساسي في العراق كان الحصول على حقوقهم الاجتماعية المسلوبة، ثم نشأت الجماعات السياسية الأصولية".

هل يتأسّس حيّز شيعي عربي خارج عباءة إيران؟

ويشير إلى أنّ المسألة الشيعية في الخليج تختلف من دولة إلى أخرى؛ فبعضهم من أصول ايرانية، وبعضهم الآخر أصولهم عربية.

ويعرب عن اعتقاده بأنّ النخبة السياسية الشيعية في العراق فشلت بعد سنة 2003 في تأسيس نظام حكم مستقل عن إيران، بل اختارت الخندق الإيراني عوضًا عن أن تكون جسرًا بين إيران والعرب.

 ويرى أنّ العلاقة بين سوريا وإيران هي تحالف استراتيجي وليست تحالفًا طائفيًا، "ولكن منذ 2011 بدأ وصف النظام السوري بأنه نظام شيعي".

ويخلص إلى أنّ "وجود نموذج شيعي عربي له أهمية قصوى"، إلا أنه يلفت إلى أنّ "النخبة الشيعية العراقية والعربية لم تملك إرادة تأسيس حيز شيعي عربي خارج عباءة إيران ومستقل عنها".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close