"جائرة وانتقامية".. موجة من الانتقادات لأحكام قضية "التآمر" في تونس
قال رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، أحمد نجيب الشابي، وهو أحد المحكوم عليهم فيما يُعرف بـ"قضية التآمر" في تونس، إنّ الأحكام التي صدرت بحق المتهمين "جائرة، ولم تفاجئني شخصيًا".
وأوضح الشابي، في حديث إلى التلفزيون العربي، أنّ تلك الأحكام لا تستند إلى القانون، وإنما "تستند إلى إرادة باطشة للسلطة السياسية، التي نطقت بالإدانة في خطاب رسمي للرئيس التونسي قيس سعيّد، قبل أن تنطق بها المحكمة".
"أحكام قضية التآمر جائرة وانتقامية"
وأصدرت محكمة تونسية، أحكامًا بالسجن تتراوح بين 13 و66 عامًا بحق متهمين في القضية، وسط غياب المتهمين ومنع الصحفيين من تغطية المحاكمة.
وعقدت الجلسة الثالثة للقضية أمس الجمعة وسط غياب المتهمين عن الجلسة واحتجاج عائلاتهم أمام مبنى المحكمة في العاصمة التونسية. كما منعت السلطات الصحافيين والمراقبين الأجانب من حضور جلسة المحاكمة.
وقال المحامي عبد الستار المسعودي لوكالة "رويترز": إن أقصى الأحكام في قضية التآمر كانت بحق رجل الأعمال كمال اللطيف بالسجن لمدة 66 عامًا، بينما نال السياسي المعارض خيام التركي حكمًا بالسجن لمدة 48 عامًا.
وأضاف أن المحكمة قضت بسجن المعارضين شيماء عيسى ورضا بلحاج وغازي الشواشي وجوهر بن مبارك وعصام الشابي لمدة 18 عامًا.
وقال يوسف الشواشي ابن غازي الشواشي لوكالة "رويترز" معلقًا على الأحكام: "لم نستغرب هذه الأحكام الجائرة والانتقامية التي تسعى لبث التخويف وإخماد أصوات عالية لهؤلاء المعارضين. لكن رغم عدم ثقتنا في القضاء سوف نستأنف الحكم".
وتوقع رئيس جبهة الخلاص بدوره، أن يطعن كل المتهمين في الاستئناف، "لا لأنهم يأملون في تغير الحكم لأن الحكم سياسي ولن يتغير إلا بتغير الوضع السياسي، ولكن هذا سيمكنهم من تعطيل الحكم إلى أن يقع استئنافه من جديد".
وبيّن الشابي أن الحكم الصادر في حجمه وفي قدر الأحكام التي صدرت في حق المتهمين "هو دليل على الذعر لدى السلطة من أي شكل من أشكال المعارضة السلمية".
واستطرد قائلًا: "إن السلطة ترى المؤامرة في كل شيء يحدث في تونس، فإذا انخفض منسوب المياه في السدود فهي مؤامرة، وإذا غلت الأسعار فهي مؤامرة. فالسلطة ترى أن المعارضة وراء كل حدث في تونس ولذلك تريد إقصائها وتصفيتها".
وتابع الشابي حديثه للتلفزيون العربي: "مثل هذه الأحداث لن تزيد الأزمة السياسية والاجتماعية إلا تعمقًا وتعفنًا ولم يكتب سابقًا للاستبداد في تونس أن يستمر".
وأكد أن الشعب التونسي يريد الحرية ويعمل على استرجاع الديمقراطية بطريقة سلمية، وهو ما سيبقى في نهاية الأمر، وفق قوله.
المتّهمون بين السجون والإضراب والفرار
ويُحاكم في القضية 40 شخصًا، بينهم ساسة كبار ورجال أعمال وإعلاميون. وفرّ أكثر من 20 منهم إلى الخارج.
ويقبع بعض المتهمين في "قضية التآمر" من قادة المعارضة، ومن بينهم غازي الشواشي وعصام الشابي وجوهر بن مبارك وعبد الحميد الجلاصي ورضا بالحاج وخيام التركي، في السجن منذ اعتقالهم في 2023.
ومنذ بدء المحاكمة في الرابع من مارس/ آذار، طالب محامو الدفاع في مرافعات حادة بمثول جميع المتهمين حضوريًا أمام المحكمة، وقد أعلن بعضهم إضرابًا عن الطعام في السجن احتجاجًا على حرمانهم من هذا "الحق الأساسي"، بعد أن طلبت منهم المحكمة الإدلاء بشهاداتهم عن بعد.
ووصفت هيئة الدفاع ملف القضية بأنه "فارغ"، في حين قالت منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية إن المحاكمة تجري في "سياق قمعي".
ومنذ تفرّد الرئيس قيس سعيّد بالسلطة في صيف عام 2021، يندد المدافعون عن حقوق الإنسان والمعارضون بتراجع الحريات في تونس، البلد الذي بدأ منه ما يعرف بـ"الربيع العربي" عام 2011.
وتقول السلطات التونسية إن المتهمين، ومن بينهم رجال أعمال ومسؤولون سابقون حاولوا زعزعة استقرار البلاد والإطاحة بسعيّد.
وكان سعيّد قد وصف في 2023 الساسة هؤلاء بأنهم "خونة وإرهابيون"، وقال إن القضاة الذين قد يبرؤونهم هم شركاؤهم في الجريمة.
ويتهم قادة المعارضة المتهمون في القضية سعيّد بـ"تدبير انقلاب" في عام 2021، ويقولون إن "القضية ملفقة لخنق المعارضة وإقامة حكم فردي وقمعي". ويقولون إنهم كانوا يعدون مبادرة تهدف إلى توحيد المعارضة لمواجهة "الانتكاسة الديمقراطية" في مهد انتفاضات الربيع العربي.
ويقبع أغلب قيادات الأحزاب السياسية في تونس في السجن، ومن بينهم رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، وهما من أبرز معارضي سعيّد ولا يزالان في السجن منذ عام 2023 في قضايا أخرى.