الجمعة 29 مارس / مارس 2024

جرح مفتوح لا يندمل.. أيّ تداعيات لتحرك البيطار في ملف مرفأ بيروت؟

جرح مفتوح لا يندمل.. أيّ تداعيات لتحرك البيطار في ملف مرفأ بيروت؟

Changed

حلقة "للخبر بقية" تبحث في مصير العدالة بانفجار المرفأ ببيروت على وقع التشرذمات القانونية والسياسة (الصورة: غيتي)
 يعود الجدل القانوني والسياسي في لبنان بشأن تحقيقات انفجار مرفأ بيروت، عقب استئناف المحقق العدلي طارق البيطار لعمله الذي توقف لأكثر من عام.

لا يزال اللبنانيون يلملمون جروحًا أبت أن تندمل منذ انفجار مرفأ بيروت، فمنذ أغسطس/ آب عام 2020 وتداعيات هذه الحادثة الأليمة لا تنفك تلقي بظلالها على المشهد الاجتماعي، والقضائي، والسياسي اللبناني.

ويود أهالي الضحايا معرفة الحقيقة على أمل إنصاف ذويهم، لتلوح في الجانب الآخر بارقة أمل إثر إعلان قاضي التحقيق في انفجار المرفأ طارق البيطار استئناف تحقيقاته، بعد 13 شهرًا على تعليقها جراء دعاوى رفعها تباعًا عدد من المدعى عليهم ضدّه، بيد أن هذا القرار علّق من جديد.

وعلى ذلك القرار يأتي رد البيطار، الذي كان قد قرر إطلاق سراح 5 محتجزين في أولى الخطوات، ومن ثمة وجه اتهامات إلى مسؤولين لبنانيين في خانة الادعاء، من أبرزهم رئيس الحكومة السابق حسان دياب، والمدير العام للأمن العام عباس إبراهيم، ورئيس جهاز أمن الدولة طوني صليبا، واللائحة تطول بأسماء مسؤولين عسكريين وأمنيين بارزين متهّمين بالضلوع في هذا التفجير.

جدل قانوني 

ويؤكد قاضي التحقيق أن مصادره في موضوع الاتهامات وإخلاء سبيل موقوفين، تستند كلها لمواد قانونية تجيز ذلك، بل إنه حدد جلسات استجواب للمسؤولين المتهمين في القضية الشهر المقبل.

من جانبه، ردّ النائب العام اللبناني القاضي على تصريحات البيطار الأخيرة في رسالة رسمية واصفًا يد المسؤول القضائي "بالمكفوفة عن التحقيق بحكم القانون"، كما يقول.

ويشير النائب العام أنه لم يصدر أي قرار بقبول أو برفض ردّه، أو نقل أو عدم نقل الدعوى من أمامه.

ردود فعل دولية

هذا الردّ يزيد الأمر تعقيدًا، ويجعل من مسألة التحقيقات والعدالة في انفجار المرفأ أمرًا معطًلا ومؤجلًا، وأثار هذا السجال من الاتهامات ردود أفعال غربية ودولية جاء أبرزها على لسان المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، وكذلك الاتحاد الأوروبي.

فقد أكّد برايس، أن الولايات المتحدة أوضحت للمجتمع الدولي دعمها وحثّها السلطات اللبنانية على استكمال "تحقيق سريع وشفاف في انفجار مرفأ بيروت بأسرع وقت ممكن"، فيما تأتي دعوة الاتحاد الأوروبي بعد زيارة الوفد الأخيرة لبيروت مشددّين بدورهم على ضرورة استكمال التحقيقات في أسرع وقت ممكن "ليتمكن الشعب اللبناني من معرفة الأسباب".

تجدر الإشارة إلى أن زيارة الوفد الأوروبي، تزامنت مع مظاهرات واحتجاجات بالداخل اللبناني تنادي بمعرفة الحقيقة، وكشف الوقائع.

ما هي دلالات توقيت البيطار؟

متابعة لهذا الملف، ترى المحامية والناشطة الحقوقية ديالا شحادة أنه يمكن للجدل القانوني أن يستمر إلا أنه من الناحية الإجرائية حسم القاضي طارق البيطار الأمر بعودته إلى استئناف عمله، بمعزلٍ عن الأسئلة المرتبطة بالتوقيت وما إذا كان هذا الاجتهاد متوفرًا في وقت سابق أم لا.

وتضيف شحادة في حديث إلى "العربي" من بيروت، أن اجتهاد القاضي البيطار مكّنه من العودة إلى العمل واعتبار أن إجراءات محاولات كفّ يده أو تنحيته عن هذا الملف، هي خارجة عن القانون والأصول المتبعة أمام المجلس العدلي.

كما تلفت المحامية إلى أن البيطار استند إلى اجتهادين قضائيين سابقين أمام المجلس العدلي، وكذلك إلى تفسيرٍ عميق "لروح" نصّ المجلس العدلي، وقانون أصول المحاكمات الجزائية.

وتعتبر شحادة أن هذا الاجتهاد "كان منتظرًا من مرجع سواء كان البيطار أو غيره، منذ أشهر، في وقت وصل فيه هذا الملف إلى طريق مسدود على وقع التعطيل السياسي ذي الشكل القضائي فيه، الذي أصبح معروفًا من قبل جميع الفرقاء".

حتى إن تطور المسار القضائي في لبنان بهذه القضية، وصل إلى حد توقيف أصحاب القضية، وأهالي الضحايا من قبل مراجع قضائية لمجرد شكواهم بسبب تعطيل المسار القضائي، وفق شحادة.

وعليه، تقول المحامية والناشطة الحقوقية إنه أيًا ما كانت الأسباب المباشرة لتوقيت استئناف البيطار لعمله، إلا أنه يأتي في مرحلة لا بد فيها من إيجاد منفذ قانوني، ومخرج للجمود الذي أصاب الملف لأكثر من عام.

واشنطن تحث السلطات اللبنانية على استكمال "تحقيق سريع وشفاف" في انفجار المرفأ - غيتي
واشنطن تحث السلطات اللبنانية على استكمال "تحقيق سريع وشفاف" في انفجار المرفأ - غيتي

ما هو تأثير تحرك البيطار على ملف المرفأ؟

بدوره، يعتقد الكاتب الصحافي رضوان عقيل أن الأسباب التي دفعت المحقق العدلي إلى اتخاذ مثل هذه القرارات التي أحدثت وفق وصفه "صدمة في الشارع القضائي والسياسي والشعبي"، هي أن الوقت أصبح متأخرًا بينما يتعرض البيطار لضغوطات تمنعه من متابعة تحقيقه.

لكن عقيل ينبّه في حديثه إلى "العربي" من بيروت، إلى أن وقف التحقيق في هذا الملف هو أمر لا يصب في مصلحة أحد، إذا كان الجميع يرغب في كشف حقيقة ما حصل في تفجير المرفأ عام 2020 والوقوف إلى جانب الضحايا وعائلاتهم.

ويلحظ أن البيطار أحدث بقراراته الأخيرة "زلزالًا داخل الجسم القضائي اللبناني، ولا سيما بعد ادعائه على مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات.. فلو سألنا العدد الأكبر من الجسم القضائي سيقولون إن البيطار أخطأ في خطوته هذه، وأن هذا الأمر لا يصب في مصلحة القضاء ولا في مصلحة التحقيق".

ففي تقديره، تراجع هذا الملف إلى الوراء وأصبح في "وضع صعب جدًا" ولن تحدث إجراءات البيطار أي تقدم بسبب حالة الانقسام، وعليه يجب على قاضي التحقيق مراجعة ما أقدم عليه، وعلى مجلس القضاء الأعلى اتخاذ موقف جديد بهذا الخصوص.

هل تلقى البيطار جرعة دعم دولية؟

أما الكاتب الصحافي طوني أبي نجم، فيتعجب من توقيت استئناف البيطار لعمله، "وصبره" لأكثر من عام في حين كان هذا الاجتهاد متاحًا في السابق، متسائلًا: لماذا أتى هذا الاجتهاد بعد لقائه بعض المحققين الفرنسيين، وما إذا كان البيطار قد "تلقى جرعة دعم منهم" دفعته إلى أخذ إجراءاته الأخيرة.

كما يستغرب أبي نجم ملاحقة البيطار مسؤولين إداريين بتهمة الإهمال الوظيفي، في وقت "لم يجرؤ على استدعاء أي مسؤول من حزب الله في كل استدعاءاته"، حيث يتهم الصحافي "حزب الله" وحلفاءه بالضلوع في تفجير المرفأ.

ويكمل لـ"العربي": "لا يمكن أن نتابع ما قام به فجأة البيطار، بمعزل عن كل الأحداث والتطورات على الأقل في الأسبوعين الأخيرين.. لقد تابعنا وصول المحققين الأوروبيين الذين دخلوا من نافذة ملفات مالية.. وضمن عملية التحقيق بشبهات فساد أتى محققون في ملف المرفأ.. تبع ذلك تحرك البيطار وعقوبات جديدة على مقربين من حزب الله، وسط ارتفاع جنوني بسعر صرف الدولار".

فبرأي الكاتب الصحافي، كل ما شهدته الساحة اللبنانية مؤخرًا يمكن أن يعدّ عوامل ضغط تدفع إلى "تفجير الواقع اللبناني".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close