السبت 15 فبراير / فبراير 2025
Close

جهاد مقدسي يسرد روايته.. هذا ما قاله عن لونا الشبل وعلاقتها بالأسد

جهاد مقدسي يسرد روايته.. هذا ما قاله عن لونا الشبل وعلاقتها بالأسد محدث 24 كانون الثاني 2025

شارك القصة

جهاد مقدسي المتحدث السابق باسم الخارجية السورية-غيتي
جهاد مقدسي المتحدث السابق باسم الخارجية السورية - غيتي
الخط
يقول جهاد مقدسي إن بشار الأسد ورث الديكتاتورية من أبيه الرئيس السابق حافظ الأسد (1930-2000) ولم يصنعها، ولكنه صنع ما هو أسوأ منها.

بعدما كشف المتحدّث السابق باسم الخارجية السورية جهاد مقدسي الكثير من الأسرار التي اكتنفت العام الأول للثورة السورية عام 2011 خلال إطلالته ضمن برنامج "وفي رواية أخرى"، يواصل في الجزء الثاني سرد روايته للأحداث، وصولاً إلى استشراف المرحلة المقبلة والأدوار المحتملة فيها.

لعلّ ما يلفت الانتباه في الحوار أنّ مقدسي يصرّ على الاحتفاظ للرئيس السابق بشار الأسد بصفته الرسمية "رئيسًا"، ويبرّر ذلك بأنه يتحدث عن حقبة سابقة كان فيها بشار الأسد رئيسًا، وفق قوله، على أن ذلك لا يعني أنه يحتفظ برأي إيجابي في الرجل الذي فرّ فجر الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024، بعد وصول قوات المعارضة السورية إلى العاصمة دمشق.

بشار الأسد في الإليزيه خلال زيارته لفرنسا عام 2010-غيتي
بشار الأسد في الإليزيه خلال زيارته لفرنسا عام 2010-غيتي

في الجزء الثاني من حوار التلفزيون العربي معه في برنامج "وفي رواية أخرى" الذي أداره الزميل أنس رزق، يشدّد مقدسي على أن الأسد وقع في شر أعمال منظومته السياسية التي ذهبت به باتجاه الدم.

ويقول إن بشار الأسد ورث الديكتاتورية من أبيه الرئيس السابق حافظ الأسد (1930-2000) ولم يصنعها، ولكنه صنع ما هو أسوأ منها، موضحًا أنه كان يعي أن منظومة حكمه تأسست على الطغيان، وأن أي تحديث أو محاولة إصلاح لهذه المنظومة ستجعل "حرّاس المعبد ينقلبون عليه".

ويرى مقدسي أن معرفة الأسد بسوء منظومته السياسية دفعته لعدم اختيار الإصلاح بل المماطلة حتى يتغيّر المشهد الدولي لصالحه، ولذلك تهالك نظامه وبدأ يأكل نفسه بنفسه، حتى جاءت لحظة الانهيار.

ماذا يقول جهاد مقدسي عن لونا الشبل؟

شهدت سنوات الثورة السورية صعودًا للإعلامية السورية الراحلة لونا الشبل (1975-2024) التي قضت نحبها في حادث سير في يوليو/ تموز عام 2024، وكانت من المقرّبين لرئيس النظام السابق، حيث عملت مستشارة إعلامية في القصر الجمهوري.

غادرت الشبل قناة الجزيرة عام 2010، والتحقت بالإعلام السوري قبل أن تنتقل إلى القصر الجمهوري، ومع بدء الثورة أخذ نفوذ الشبل بالتزايد في أروقة صنع القرار السوري، خصوصًا لقربها من الأسد وصراعاتها مع المحيطين به. 

في وصفه للعلاقة بين ملف الإعلام الذي كانت تشرف عليه الشبل وطبيعة عمله ناطقًا باسم الخارجية والحكومة السورية، يشدّد مقدسي على أن الشبل كانت معنية بالإعلام المحلي فقط، بينما كان هو مكلفًا بالإعلام الخارجي، ولم يكن هناك أي تقاطع بين عمليهما.

ويقول مقدسي إن الشبل كانت مكلفة بمن سيقابل الأسد من إعلاميين، وبالبيانات التي تصدر  عن الرئاسة بعد لقاءات الأسد بأي مسؤولين عرب أو أجانب، كما كانت تتدخل في الخط التحريري لقنوات التلفزيون المحلية مثل سما وسواها، وعلى ماذا يجب أن تركّز هذه القنوات أو تهمل.

لونا الشبل (يسار الصورة) خلف وزير الخارجية وليد المعلم بمؤتمر جنيف 2014-غيتي
لونا الشبل (يسار الصورة) خلف وزير الخارجية وليد المعلم بمؤتمر جنيف 2014-غيتي

علاقة لونا الشبل بالأسد

يقول مقدسي إنه كان يلتقي بلونا الشبل مرة في الشهر خلال زيارته للقصر الجمهوري، ويصف شخصية الشبل بالقوية ولديها القدرة على القيادة، فخلال فترة وجيزة استطاعت السيطرة على وزير الإعلام والقنوات المحلية، وحوّلتهم جميعًا إلى طاقم يعمل لديها، كما استطاعت التحكم بنوعية التغطية الإعلامية المحلية في كل تفاصيلها.

وعن سر قوة الشبل ونفوذها المتعاظم في القصر الرئاسي في السنوات الأخيرة من حياة النظام، يؤكد مقدسي أن الشبل كانت "داهية" على حد وصفه، مشيرًا إلى أن علاقتها كانت مباشرة مع رئيس النظام السابق، إضافة إلى أنها كانت تتمتع بعلاقة "قوية جدًا" بعلي مملوك، رجل الأمن القوي في عهد بشار الأسد، والمؤسسة الأمنية في البلاد.

ويروي المتحدث السابق باسم الخارجية السورية للتلفزيون العربي أن الشبل عرضت عليه في الأشهر الأولى للثورة الشعبية على الأسد مشاركتها في مشروع تجاري تعتزم إنشاءه، ويقول إنها أخبرته أنّ البلاد مقبلة على حصار اقتصادي إقليمي ودولي، وأن ثمة فرصة أمامهما لاحتكار السوق إذا رغب.

وبحسب مقدسي، كانت الشبل تعتزم افتتاح سلسلة من متاجر البيع (سوبر ماركتس)، لكنه رد عليها بالرفض القاطع، وأبلغها ألا تذكر أمر عرضها هذا لأحد، ولا سيما الأسد. ويقول إن الشبل دخلت بعد ذلك في مجال الاستثمارات التجارية في قطاع المطاعم، وإن كل المقربين من الأسد فعلوا ذلك أيضًا. 

ويسرد مقدسي قصة خروج أسرته إلى لبنان قبل خروجه من سوريا وإعلان استقالته، ويقول إن النظام تواصل معه مرارًا خلال وجوده في الإمارات العربية وعرض عليه العودة، كما أرسلوا له أفرادًا مقربين منه لإقناعه بالعدول عن الاستقالة، بهدف حفظ ماء وجه النظام، لكنه رفض وحذّرهم من أن أي رد فعل مؤذ منهم لعائلته سيُقابله برد فعل مقابل.

قضت لونا الشبل نحبها في حادث سير عام 2024-غيتي
قضت لونا الشبل نحبها في حادث سير عام 2024-غيتي

استقالة فاعتذار ومعارضة

يشدّد مقدسي على أن موقفه المعارض كان متدرجًا، من الاستقالة فالاعتذار ثم الالتحاق بمنصة القاهرة، وأنه لم يهدف للظهور في مظهر البطل، ويقول إن كل ما فعله أنه حارب النظام سياسيًا، وأنه قفز من قارب النظام على اليابسة وليس إلى قارب آخر، موضحًا أنّ موقفه كان أخلاقيًا من الأساس وتحوّل إلى موقف سياسي.

ويرى أن صيغة منصة القاهرة ناسبته آنذاك، كونها تهدف للتغيير كنتيجة، وقال إنه لم يحلم أبدًا بأن تصل الأمور في سورية إلى ما وصلت إليه بهروب بشار وتسلّم المعارضة للحكم، وأوضح أن من فاز هو الحل العسكري مع نظام بشار الأسد، وليس الكيانات السياسية التي أنشئت لمعارضته، فمن فاز هو روح الثوة السورية.

كما يؤكد أنه مع كامل الطيف السياسي المعارض، ولم يصدّر نفسه يومًا باعتباره سياسيًا مسيحيًا، بل مواطن سوري. ويقول إن مسيحيي البلاد "يزدهرون إذا تصرفوا كطائفة ضمن الطوائف وليس فوقها"، وإنهم "مكوّن وليسوا أقلية"، موضحًا أن المسيحيين السوريين هم آباء وأبناء الاستقلال في البلاد، وليسوا طارئين على المجتمع السوري.

يشدد جهاد مقدسي على أولوية المواطنة على الطائفة في سورية المستقبل-غيتي
يشدد جهاد مقدسي على أولوية المواطنة على الطائفة في سورية المستقبل-غيتي

من هنا، يدعو مقدسي من يوصفون بأبناء الأقليات ألا يصدّروا أنفسهم في "سوريا المستقبل" بهذه الصفة بل بكونهم سوريين بأجندة سورية، فمعركة السوريين الحقيقية هي معركة الحقوق والحريات وليس أي شأن آخر، وفق تعبيره.

المظلومية السُنّية الأكبر

وفقًا لمقدسي، فإن المظلومية الأكبر في البلاد، المسكوت عنها، هي المظلومية السُنّية، حيث يشير إلى أن الظلم والهوان اللذين تعرّض لهما سُنّة سوريا لم يعانِ منهما أي مكوّن سوري آخر، وينتقد التركيز الدولي على مكوّنات كانت الأقل تأثرًا بالصراع، في مقابل إهدار ما تعرض له المكوّن السُني.

ويقول مقدسي للتلفزيون العربي، إن عدد الشهداء في صفوف المكوّن السُنّي أكبر من عدد المكوّنات السورية الأخرى مجتمعة، وإن على هذه المكوّنات أن تبادر بنفسها لطمأنة المكوّن السُنّي الأكبر في البلاد وليس العكس.

يرى مقدسي أن المظلومية الأكبر في سورية هي السُنية"-غيتي
يرى مقدسي أن المظلومية الأكبر في سورية هي السُنية"-غيتي

ولا ينفي مقدسي وجود هواجس لدى بعض السوريين مما يسمى الإسلام السياسي، مشدّدًا على أن هذه ليست معركة السوريين الذين عليهم أن يعرفوا كيف يختارون معاركهم، فمن تجيء به صناديق الاقتراع يشكّل حكومة الجميع، ويقول إنه "لا يوجد في تاريخ سوريا كله تهديد وجودي للمسيحيين"، وإن "الرُهاب من الإسلاميين غير مبرر" على الإطلاق.

ويرى مقدسي أن "عاصمة الأمويين عادت إلى الأمويين في نهاية المطاف"، وأن معركة السوريين هي الحقوق والحريات والدستور الجديد.

وبشأن الإدارة السورية الجديدة ومؤتمر الحوار الذي تعتزم تنطيمه وإطلاقه، يقول مقدسي إنه تلقى دعوة شفوية من أحد القائمين على المؤتمر الذي لم يُحدّد موعد انعقاده بعد، مؤكدًا أنه يتمنى تقديم أي مساعدة ممكنة لإنجاح العهد الجديد. 

احمد الشرع قائد الإدارة السورية الجديدة-غيتي
احمد الشرع قائد الإدارة السورية الجديدة-غيتي

ويقول إن الأسد لم يخسر الانتخابات بل انهار ومنظومته، وإن هناك منظومة جديدة تتشكل حاليًا تعد بالانفتاح على الجميع لبناء "سوريا الجميلة" التي "تخلع في أيامنا هذه ثوب الدم عن نفسها"، وتنتقل من الثورة إلى بناء الدولة.

ويرى مقدسي أن الخطاب الذي نسمعه من الإدارة السورية الجديدة واعد بالتغيير والانفتاح على الجميع في الداخل والخارج، لافتًا إلى أنها المرة الأولى التي نرى فيها سوريا ليست معادية للغرب وليست مصدرًا للمشكلات.

ويقول إن هناك ارتياحًا أوروبيًا من انتهاء ملف الهجرة غير الشرعية، وثمة ارتياح خليجي للعهد الجديد في البلاد بانتهاء ملف الكبتاغون، وأميركي بخروج إيران من سوريا وقرب انتهاء الوجود الروسي كذلك.

وفيما يتعلق بالعلاقات السورية- الأميركية في حقبة ما بعد الأسد، يقول مقدسي إنه ليس لدى واشنطن حلفاء بل أصدقاء، عليهم بذل جهد "لصيانة" هذه الصداقة لكي تستمر، مشيرًا إلى أن أكبر عائق قد يواجه هذه العلاقات هو الاحتلال الإسرائيلي للأراضي السورية، وأي حاكم لسوريا وبغض النظر عن هويته أو توجهه، لا يستطيع القفز من فوق هذه الحقيقة.

ويخلص مقدسي إلى أن الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب رجل "صفقوي"، أي رجل صفقات، وله علاقات جيدة مع القادة الأتراك، وما يعنيه حاليًا هو قوات سوريا الديمقراطية التي دخل العهد الجديد في حوار معها.

ويخلص مقدسي إلى أن أهم ملف يفترض أن تُعنى به الإدارة السورية الجديدة هو رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وهو ملف يحتاج جهدًا دبلوماسيًا كبيرًا ومتواصلًا، وعملًا وضغوطًا من اللوبي السوري في واشنطن، وتواصلًا مع مستويات صنع القرار المعقدة في الولايات المتحدة، من الكونغرس إلى وزارة الخزانة والرأي العام الأميركي.


ماذا يقول جهاد مقدسي عن اللغط حول بيان الكيماوي ومن أصدره؟ كيف قارب بشار الأسد العلاقة مع جهاد مقدسي بعد استقالته؟ ماذا عن الإعداد والترتيب للخروج من سوريا، وعن موقف النظام السوري من استقالته؟ الإجابات على هذه الأسئلة وغيرها في الجزء الثاني من المقابلة الشاملة معه التي أجراها الزميل أنس أزرق، ضمن برنامج "وفي رواية أخرى".
تابع القراءة

المصادر

التلفزيون العربي
تغطية خاصة