Skip to main content

جوانب خفية من سيرة مورغان أورتاغوس.. تأييد إسرائيل "مهمّة رسولية"

الثلاثاء 11 فبراير 2025
مورغان أورتاغوس عام 2020 حين كانت متحدثة باسم الخارجية الاميركية - غيتي

في الأيام الأخيرة، انتشر اسم مورغان أورتاغوس كالنار في الهشيم، عقب تصريحها المثير للجدل الذي أعربت فيه عن "امتنانها" لإسرائيل على "هزيمة حزب الله"، وفق توصيفها، ولو أنّ ذلك حصل بعد حرب دمويّة ضدّ لبنان، البلد الذي أطلقت منه للمفارقة هذا الكلام.

لكنّ أورتاغوس، المعيّنة حديثًا نائبة للمبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، والمرأة التي خلفت آموس هوكستين في ما يفترض أنّها "وساطة" بين لبنان وإسرائيل، تمتلك خبرة راكمتها خلال ولاية الرئيس دونالد ترمب الأولى، وتحديدًا في العام 2020، عام الاتفاقيات الإبراهيمية بين بعض الدول العربية وإسرائيل، بضغط من ترمب.

وفي 11 سبتمبر/ أيلول من ذلك العام، أعلنت الولايات المتحدة وإسرائيل والبحرين في إعلانات منفصلة عن تطبيع العلاقات بين البحرين وإسرائيل، وهو ما لم يفاجئ أحدًا في حينه، فبعد إعلان دولة الإمارات العربية في 15 أغسطس/آب من العام نفسه، تطبيع علاقتها مع إسرائيل، كان السؤال الأكثر تردّدًا في المنطقة هو، متى تعلنها البحرين؟.

الاتفاقيات الابراهيمية عام 2020 بين الامارات والبحرين واسرائيل برعاية اميركية-غيتي

وفي ذلك اليوم، كانت مورغان أورتاغوس، الدبلوماسية الصاعدة في الخارجية الأميركية، ضمن فريق صغير أحاط الرئيس دونالد ترمب (آنذاك) في البيت الأبيض، وهو يهاتف العاهل البحريني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، راعيًا عن بُعد اتفاق التطبيع بينهما.

تعتبر أورتاغوس تلك اللحظة مصدر فخر لها، بينما كانت تجلس في مكتب الرئيس (ترمب) وهي حامل بطفلة يهودية في بطنها، وتقول في مقابلة قديمة: "لقد كان شرفًا لي وامتيازًا مدى الحياة أن أتمكن من العمل على هذه القضايا، وأن ألعب دورًا صغيرًا فيها".

هاجس وقدر مورغان أورتاغوس

كان الشرق الأوسط هاجس وقدر الدبلوماسية الشابة التي تبدو ملامحها شرق أوسطية أو لاتينية، وكان حدثان كبيران من أسباب تحولاتها الكبرى، وهما: هجمات سبتمبر، وغزو العراق.

ولدت أورتاغوس في مدينة أوبورندال بولاية فلوريدا عام 1982، لعائلة إنجيلية تملك شركة للتنظيف والترميم، وكانت اهتماماتها في مطلع شبابها محض فنية، وككثير من المراهقات في بلادها كان الجمال والتفوق هوسًا مركزيًا لديها.

وفي سجلّها الشخصي فوزها بلقب ملكة جمال أوبورنديل، وملكة جمال مراهقات أوبورنديل، وملكة جمال الحمضيات في فلوريدا عام 2003، وملكة جمال زهرة البرتقال.

وعندما التحقت بكلية فلوريدا الجنوبية كانت تخطط لدراسة الموسيقى، لكنها غيّرت تخصصها إلى العلوم السياسية بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2000. 

أورتاغوس مع ايفانكا ترمب ووزير الخزانة الأسبق-غيتي

أما التحوّل الثاني فكان بعد تخرجها عام 2013 من جامعة جونز هوبكنز بدرجة الماجستير في الحكومة، وماجستير آخر في إدارة الأعمال من كلية جونز هوبكنز كاري للأعمال، فبعد عمل قصير في الحملة السياسية للمرشح الجمهوري آدم بوتنام عام 2004 لإعادة انتخابه في الكونغرس عن ولاية فلوريدا، وعملها عام 2006 متحدثة باسم السياسية والمسؤولة الأميركية السابقة كي تي مكفارلاند، كانت أورتاغوس على موعد مع تغيّر كبير في حياتها.

تحوّل مورغان أورتاغوس إلى اليهودية

في عام 2007، عملت مسؤولةً للشؤون العامة في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، حيث عملت لصالح الوكالة لفترة من الوقت في العاصمة العراقية بغداد، وهناك بدأت تحوّلها الثاني المرتبط أيضًا بالشرق الأوسط بعد تحوّلها من الموسيقى إلى العلوم السياسية بتأثير من هجمات سبتمبر.

كان عمرها 25 عامًا عندما عُرض عليها العمل في USAID في بغداد، وهناك اكتشفت أنها في حاجة إلى الإيمان بدين ما، كما قالت، ربما بسبب الأوضاع السياسية المضطربة والحرب الأهلية في العراق.

بدأت أورتاغوس التحول الى اليهودية خلال عملها في بغداد والرياض-غيتي

وخلال عملها في مقر السفارة الأميركية هناك قرأت إعلانات عمّا تسمى خدمات السبت، وهي لقاءات دينية يهودية تهدف للتثقيف بالديانة اليهودية، فقررت المشاركة في لقاءات عُقدت لهذه الغاية في مقطورة للجيش الأميركي، ومع مرور الوقت، حسمت قرارها بالتحوّل إلى اليهودية.

وخلال وجودها في إحدى حانات بغداد التي كان يتردّد إليها موظفو السفارة وأفراد الجيش الأميركي، حصلت على وظيفتها الثانية في المؤسسات الأميركية، فقد أخبرها أحد الحضور عن رغبة وزارة الخزانة الأميركية في تعيين أشخاص "على معرفة ما" بالعراق، ورغم أنها لا تعرف الكثير عن العراق الذي كانت تعمل فيه إلا أنها تقدمت إلى الوظيفة، وواصلت في الوقت نفسه تلقي دروس تثقيفية حول الديانة اليهودية.

محللة استخباراتية في الرياض 

جاءتها موافقة وزارة الخزانة سريعًا، فانتقلت عام 2008 للعمل محللة استخباراتية في مكتب الاستخبارات والتحليل التابع لوزارة الخزانة الأميركية، قبل تعيينها عام 2010 نائبة للملحق المالي الأميركي في السعودية، فالتحقت بعملها بالرياض رغم آرائها السلبية في نمط الحياة هناك.

ترى أورتاغوس أنها ربما كانت أول من اعتنق اليهودية عبر وسائل التواصل المرتبطة بالإنترنت، فخلال عملها الذي كان يتعلق بتقصي وملاحقة مصادر الأموال الخاصة بالجماعات التي تصنّفها واشنطن بالإرهابية، كانت تتلقى ليلة كل جمعة اتصالًا عبر سكايب من صديقها جوناثان واينبرغر (زوجها لاحقًا) خلال وجوده في بيت أحد الخامات في الولايات المتحدة، لتلقّي الدروس الدينية، واستمرت على هذه الحال عامًا كاملًا قبل أن تعتنق اليهودية رسميًا في أحد الكُنُس الأميركية.

تقول أورتاغوس التي لا تحتفظ بذكريات جيدة عن السعودية إن مجرد احتفالها بالسبت وعيد الفصح في السر، وهي محاطة بأشخاص يكرهون اليهود، هو أكثر أشكال اعتناق اليهودية أصالةً على الإطلاق.

تعتبر أورتاغوس نفسها اول متحولة لليهودية عبر وسائل التواصل-غيتي

ولا يُعرف كيف استنتجت أورتاغوس أن السعوديين يكرهون اليهود، خاصة أنها لا تذكر واقعة واحدة في أحاديثها الصحافية تعرّضت فيها لموقف يؤكد ما ذهبت إليه، إلا أن تصريحاتها هذه تعكس سيكولوجيا المتحوّل الذي يتميّز بتطرف في تبنيه الأفكار الجديدة التي تحوّلت إليها، وريبة أكبر تجعله ينشئ مخاوف متخيّلة أو مضخّمة تبرّر تمسكه بالأفكار أو الدين الجديد وتجعله يشعر بأنه جدير بها.

لم يطل المقام بأورتاغوس في الرياض، فقد عادت إلى الولايات الأميركية من الرياض عام 2011، وبعد ذلك اقترنت بجوناثان واينبرغر رسميًا (زوجها الثاني)، وأقامت حفل زفاف يهوديًا كبيرًا، كما تقول بفخر. وحدث ذلك بعد أن أقنعت القاضية في المحكمة العليا روث جينسبورغ التي تعتبر رمزًا ليبيراليًا أميركيًا بعقد قرانها مدنيًا.  

تطرّف في تأييد إسرائيل 

يعتبر الانتماء لإسرائيل أو تبني وجهها نظرها في الصراع بالمنطقة قاسمًا مشتركًا لفريق إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخاص بالسياسة الخارجية والشرق الأوسط خصوصًا، فوزير الخارجية ماركو روبيو معروف بمواقفه المؤيدة بتطرف لإسرائيل، والحادة تجاه الفلسطينيين وإيران والصين وروسيا. 

وكان روبيو وصف مقاتلي حماس بـ"الحيوانات" بعد شهر من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، قائلًا إنه لن يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة، بل على العكس من ذلك "أريدهم (إسرائيل) أن يدمروا كل عنصر من عناصر حماس يمكنهم وضع أيديهم عليه. هؤلاء الناس حيوانات شرسة ارتكبوا جرائم مروعة".

كما يعتبر مايك هاكابي، السفير الأميركي لدى إسرائيل، على يمين روبيو، وقد وصفه ترمب في بيان ترشيحه بأنه "يعشق إسرائيل وشعب إسرائيل".

وعلاقة هاكابي بإسرائيل تاريخية، فهو يتردد إليها منذ عام 1973. وسبق له أن صرّح لشبكة "سي أن أن" الأميركية أنه "لا وجود لما يسمّى الضفة الغربية، بل يهودا والسامرة. لا توجد مستوطنات، بل مجتمعات، هي أحياء، مدن. لا وجود لشيء اسمه احتلال".

ستيف ويتكوف مبعوث ترمب الى الشرق الاوسط-غيتي

وإذا كان هذا شأن الخارجية فالوضع لا يقل تطرّفًا في تأييد إسرائيل لدى فريق مبعوث الرئيس الأميركي إلى المنطقة، فمبعوثه ستيف ويتكوف يهودي ومطوّر عقاري وله علاقات وثيقة بإسرائيل.

أما مورغان أورتاغوس التي عيّنها ترمب في الثالث من يناير/ كانون الثاني 2025 نائبة لويتكوف فاعتبرت التعيين "شرفًا"، وقالت إن "أهم شيء" في عهد ترمب هو أن تُحقّق الولايات المتحدة: السلام والاستقرار في منطقة مضطربة"، وإنها ممتنة للعب دور "صغير" لتحقيق هذه الغاية، ما يعني أنها تنظر إلى عملها باعتباره مهمة رسولية.

وهي تتمتع بعلاقات وثيقة مع أبرز مسؤولي السياسة الخارجية للإدارة الأميركية، مثل وزير الخارجية روبيو، ومستشار الأمن القومي مايك والتز، وكبير مستشاري البيت الأبيض السابق وصهر ترمب جاريد كوشنر. وستعمل مع فريق ترمب للشرق الأوسط الذي يضم ويتكوف، والسفير لدى إسرائيل مايك هاكابي.

خاتم نجمة داود في بيروت 

كانت بيروت الوجهة الخارجية الأولى لمورغان أورتاغوس التي وصلتها يوم الجمعة الماضي 7 فبراير/ شباط الجاري.  

كان الجميع في انتظار المرأة التي ستصبح ضيفةً كثيرة التردّد إلى بيروت، لمعرفة توجهاتها وكيفية التعامل معها في ملفات عديدة أهمها الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، إضافة إلى ملفات أخرى ستكون أورتاغوس أحد أهم مفاتيحها.

أثارت أورتاغوس ضجة في بيروت بتصريحاتها عن هزيمة حزب الله واستبعاده من الحكومة-غيتي

واستقبل الساسة اللبنانيون وصول المسؤولة الأميركية على طريقتهم، ما بين ترحيب بإفراط أو تشكيك بتطرف، بينما نسب أحد المواقع الإخبارية اللبنانية إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري تمنيه أن تكون أورتاغوس "جميلة كما في الصور"، وذلك خلال لقائه رئيس البلاد جوزيف عون قبل يوم من وصولها.

التقى بري أورتاغوس، وربما رآها "جميلة كما في الصور" أو أقل جمالًا، لكنّ للصورة دائمًا جانبًا آخر، وهو ما كشفت عنه أورتاغوس التي تنظر إلى عملها الجديد باعتباره مهمة رسولية لصالح إسرائيل، فقد صدمت الجميع هناك، حين تحدثت عن خطوط واشنطن الحمراء في الملف اللبناني، ومنها منع انضمام حزب الله إلى الحكومة اللبنانية.

وزادت على ذك بالتأكيد على أن الحزب "هُزم عسكريًا"، معبّرة من قلب بيروت عن امتنانها "لحليفتنا إسرائيل على هزيمة حزب الله"، وهو ما وصفه رئيس الكتلة النيابية لجماعة حزب الله محمد رعد "بالتدخل السافر بالسيادة اللبنانية وخروج عن كل اللياقات الدبلوماسية ومقتضيات العلاقات الدولية"، بينما اكتفى مكتب الرئيس اللبناني بالقول إن الرئاسة غير معنية بتصريحات أورتاغوس.

وإذا كان ثمة أجزاء أخرى من الصورة فاكتشافُ اللبنانيين أن زائرتهم "الجميلة" كانت تضع خاتم "نجمة داود" في أحد أصابعها، ولا يُعرف أي جوانب مخفية أخرى من صورة أورتاغوس سيكتشفها اللبنانيون والعرب في مقبل الأيام.  

محطات رئيسية في سيرة مورغان أورتاغوس

  •  عام 2004 عملت أورتاغوس في الحملة السياسية لإعادة انتخاب المرشح الجمهوري آدم بوتنام في الكونغرس عن ولاية فلوريدا.
  • عام 2006 عملت متحدثة باسم السياسية كي تي مكفارلاند.
  • عام 2007، عملت أورتاغوس لدى الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) حيث عملت لصالح الوكالة فترة قصيرة في العراق. 
  • عام 2008 عملت أورتاغوس محللة استخباراتية في مكتب الاستخبارات والتحليل التابع لوزارة الخزانة الأميركية. 
  • عام 2010 عملت نائبة للملحق المالي الأميركي في السعودية.
  • عام 2011 عملت مديرة للعلاقات العالمية لدى بنك "ستاندرد تشارترد".  
  • في عام 2013، شغلت منصب نائبة رئيس مجلس إدارة أصدقاء الشراكة بين القطاعين العام والخاص لإصلاح العدالة في أفغانستان.
  • عام 2016 انضمت إلى شركة "إرنست ويونغ" لإستراتيجيات الأعمال، قبل أن تشارك في تأسيس شركة "قو أدفايزرز" للاستشارات الجيوسياسية.
  • ظهرت أورتاغوس بشكل متكرر في قناة "فوكس نيوز" محللة في مجال الأمن القومي الأميركي، خاصة في برامج مثل "التقرير الخاص" و"فوكس نيوز سندي".
  • عام 2019، تولت منصب المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية في عهد الوزير مايك بومبيو، كما شاركت في المفاوضات التي أفضت إلى تطبيع الإمارات والبحرين علاقاتهما مع إسرائيل.
  • عام 2025 عيّنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب نائبة لمبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.
المصادر:
خاص موقع التلفزيون العربي
شارك القصة