الأحد 23 مارس / مارس 2025
Close

حامل بشهرها الثامن.. هكذا قتل الاحتلال سندس شلبي وجنينها في مخيم نور شمس

حامل بشهرها الثامن.. هكذا قتل الاحتلال سندس شلبي وجنينها في مخيم نور شمس

شارك القصة

حاصرت مركبات عسكرية إسرائيلية مخيم نور شمس قبل أيام
حاصرت مركبات عسكرية إسرائيلية مخيم نور شمس قبل أيام - الاناضول
الخط
استشهدت سندس شلبي برصاص الاحتلال بينما لم ينج جنينها من إطلاق النار، أما زوجها فلا يزال حتى اليوم على أجهزة دعم الحياة في المستشفى.

في منتصف ليل الأحد الماضي، رنّ هاتف محمد أبو شعلة، ليسمع صوت كنّته سندس وهي تهمس بذعر: "أرجوك ساعدنا، عليك أن تُساعدنا".

وما هي إلا دقائق قليلة، حتى استشهدت سندس عمدًا برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي.

في الساعات الأولى من الأحد الماضي، فرّت سندس جمال محمد شلبي (23 عامًا)، الحامل بشهرها الثامن، وزوجها يزن أبو شعلة (26 عامًا) من منزلهما في مخيم نور شمس في مدينة طولكرم شمالي الضفة الغربية، مع اقتراب قوات الاحتلال الإسرائيلي من المخيم.

وكانت قبل ذلك الوقت مركبات عسكرية إسرائيلية قد حاصرت المخيم لأيام، في إطار حملة على مخيمات شمال الضفة الغربية، بعدما صعد الاحتلال عدوانه على هذه الأخيرة بالتوازي مع حربه على قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 905 فلسطينيين بينهم أطفال ونساء وكبار في السنّ.

ومع التحليق المستمرّ للطائرات الإسرائيلية من دون طيار في سماء مخيم نور شمس، وتفخيخ الطرقات واقتراب موعد ولادتها، قرّرت سندس شلبي وزوجها يزن مغادرة منزلهما في المخيم.

يزن كان قلقًا حيال زوجته طوال الوقت، لأنّه كان يعلم أنّها لن تكون قادرة على ولادة الطفل إذا تفاقم الحصار.

ويزن عامل بناء فقد عمله في إسرائيل، بعد أن منعت حكومة الاحتلال نحو 200 ألف عامل فلسطيني من العمل داخل الخط الأخضر.

تزوّج الاثنان قبل 18 شهرًا وسكنا في مخيم نور شمس، وكان الطفل هو كل ما يعيشان من أجله.

وقال محمد أبو شعلة (58 عامًا)، والد يزن لوكالة أسوشييتد برس: إنّ ابنه "كان متشوّقًا ليكون أبًا. أما سندس الهادئة واللطيفة، فكانت بمثابة ابنته".

رحلة الخروج من "نور شمس"

وفي وقت مبكر من يوم الأحد، قام الزوجان الشابان بتجهيز بعض الملابس والممتلكات. وكانت الخطة بسيطة: سيقودان السيارة إلى منزل والدي شلبي خارج المخيم، على بعد بضعة أميال في طولكرم، حيث كان الوضع أكثر أمانًا هناك، وعلى مقربة من المستشفى الذي خططت شلبي للولادة فيه. 

وقد رافقهما بلال شقيق يزن الأصغر والذي يبلغ 19 عامًا.

لكن لم يمضِ وقت طويل على مغادرة الثلاثة، حتى بدأ إطلاق النار.

وعندها رنّ هاتف محمد أبو شعلة، وكانت سندس تلهث، قائلة له إنّ قنّاصًا إسرائيليًا أطلق النار على زوجها، وكان الدم يسيل من مؤخرة رأسه.

وبينما لم تُصب سندس حينها بأذى، لم تكن تعرف ما تفعل.

دعاها والد زوجها للهدوء، وحثّها على أن تطرق باب أي منزل لطلب المساعدة، لكنّ أحدًا لم يستجب لها رغم طرقها على الأبواب وصراخها. وعندها أخبرته بأنّ جنود الاحتلال يقتربون منها، قبل أن ينقطع الخط.

وقام محمد أبو شعلة بالاتصال بخدمة الإنقاذ التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني.

وقال سليمان زهيري (65 عامًا)، وهو جار لعائلة أبو شعلة كان يساعد المسعفين في الوصول إليهم: "لم نتمكّن من الخروج لأننا كنا خائفين من إطلاق النار علينا. لقد حاولنا وحاولنا لكن دون جدوى، بينما ظلّت سندس تنزف".

أما بلال فلم يُصب بأذى، لكن جيش الاحتلال اعتقله لساعات.

وأوضح الهلال الأحمر أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر حصلت على موافقة جيش الاحتلال للسماح للمسعفين بدخول المخيم. لكن جرى اعتقال المسعفين مرتين لمدة نصف ساعة في كل مرة، بينما كانوا يشقّون طريقهم نحو السيارة المحطّمة.

"لم يفعلوا شيئًا خاطئًا"

ولم يصل المسعفون إلى الزوجين الشابين إلا بعد الساعة الثامنة صباحًا، كما تّم احتجازهم للمرة الثالثة أثناء نقل الزوج خارج المخيم إلى المستشفى.

وكان يزن أبو شعلة فاقدًا للوعي وفي حالة حرجة، ولا يزال حتى اليوم على أجهزة دعم الحياة في المستشفى. وتمّ العثور على شلبي ميتة، بينما لم ينج جنينها من إطلاق النار.

وقال محمد أبو شعلة: "كيف استطاع جنود الاحتلال رؤية جثة شلبي تنزف على الأرض ولم يفعلوا شيئًا للمساعدة، بينما قيّدوا يدي ابني الآخر واقتادوه إلى آليتهم".

وسأل: "لماذا أطلقوا النار عليهم؟ لم يفعلوا شيئًا خاطئًا. كان بإمكانهم إيقافهم وطرح سؤال، لكن لا، لقد أطلقوا النار فحسب".

وبعد بضع ساعات، اقتحمت قوات الأمن الإسرائيلية مخيم نور شمس. ودوت الانفجارات في الأزقة، بينما كانت الجرّافات المُدرّعة تهدر على الطرقات، وتجرف البنى التحتية وتمزّق أنابيب المياه تحت الأرض، حيث انقطعت الكهرباء والماء.

وقبل أن يتمكّن محمد أبو شعلة من استيعاب ما يحدث، طرقت القوات الإسرائيلية باب منزله وأمرت الجميع بمن فيهم ابنته وابنه والعديد من أحفاده، أحدهم يبلغ من العمر عامًا والآخر يبلغ من العمر شهرين، بمغادرة المنزل.

وفي يوم استشهاد شلبي، وعلى بعد بضعة شوارع فقط، استشهدت الشابة رهف فؤاد عبد الله الأشقر (21 عامًا) حين انفجرت عبوة ناسفة زرعها جيش الاحتلال، عند اقترابها من باب منزلها الأمامي.

وبينما يرى الفلسطينيون إطلاق النار على شلبي جزءًا من اتجاه مثير للقلق نحو تكتيكات إسرائيلية أكثر فتكًا وحربية في الضفة الغربية، أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي بيانًا مقتضبًا قال فيه إنّه أحال قضيتها إلى الشرطة العسكرية للتحقيق الجنائي.

تابع القراءة

المصادر

التلفزيون العربي - أسوشييتد برس
تغطية خاصة