الأربعاء 17 أبريل / أبريل 2024

حرب أوكرانيا تُجبر روسيا على تسليم بعض قواعدها في سوريا إلى إيران

حرب أوكرانيا تُجبر روسيا على تسليم بعض قواعدها في سوريا إلى إيران

Changed

تقرير يرصد الجدل بعد إعلان روسيا استعداد 16 ألف شخص من الشرق الأوسط للقتال في أوكرانيا (الصورة: غيتي)
تسلّم الحرس الثوري الإيراني نقاطًا هامة في البادية السورية بعد انسحاب قوات فاغنر الروسية، والتي كانت تشكل حائط صد لتقدم تنظيم الدولة نحو مدينة تدمر.

اضطرت روسيا بعد أسابيع قليلة من الهجوم على جارتها أوكرانيا فجر 24 فبراير/ شباط 2022، إلى إجراء تغييرات مرحلية لوجودها العسكري في سوريا، وذلك بمساعدة من حليفتها إيران التي تمتلك ميليشيات على الأرض يبلغ قوامها مئة ألف مسلح.

وأمام اشتداد معارك أوكرانيا، لجأت روسيا إلى سحب ضباط ومعدات وآليات عسكرية من مواقع في درعا وحمص واللاذقية والبادية السورية، وتسليمها إلى إيران ممثلة بالحرس الثوري الذي يشرف على التشكيلات المحلية التي تتبع لطهران.

انسحاب روسي

وبحسب مراسل "العربي"، فإن القوات الروسية المتمركزة في نقاط الاشتباك في شمال غربي سوريا بدأت بإخلاء بعض مواقعها، مشيرًا إلى أن التحضير لهذا الانسحاب بدأ منذ أكثر من ثلاثين يومًا.

وأكدت المراصد العسكرية الموجودة في المنطقة، أن القوات الروسية المتمركزة في ريف مدينة اللاذقية الساحلية، وتحديدًا في منطقتي جبل التركمان والأكراد الإستراتيجتان، سحبت قواتها العسكرية بالتدريج منذ حوالي 20 يومًا.

وشمل الانسحاب الروسي، نقاطا ذات أهمية في قرى وبلدات العطيرة و برج زاهية، وصلنفة، وشلف، ومحيط كسب، كما وردت أنباء عن إخلاء القوات الروسية لمركز القيادة التابع لها في صلنفة.

ويصب إخلاء بعض النقاط العسكرية الروسية في الشمال الغربي من روسيا، بحسب محللين، في مصلحة إيران والميليشيات التابعة لها في سوريا، إضافة إلى حزب الله اللبناني.

إيران تملأ فراغ روسيا

في السياق عينه، أشارت مصادر عسكرية تابعة لقوات المعارضة السورية، إلى أن الفراغ الذي أحدثه الانسحاب الروسي، ملأته القوات التابعة لإيران سريعًا. وهذا التغيير في طبيعة القوات في المنطقة، أدى إلى تصعيد مباشر بين قوات المعارضة ونقاط النظام السوري وحليفه الإيراني الواصل حديثًا.

فقد شهدت عدة مناطق سورية استفزازات واستهدافات مباشرة لقوات المعارضة السورية، أبرزها كان استهداف قوة بصاروخ كورنيت في 8 مايو/ أيار الجاري في ريف حلب، أدى إلى مقتل أكثر من خمسة مقاتلين.

وردًا على ذلك، استهدفت قوات المعارضة بعد أيام حافلة عسكرية للنظام، أسفرت عن مقتل أكثر من عشرة جنود تابعين له.

وعادت المخاوف من التمدد الإيراني بعد الانسحاب الروسي الجزئي من بعض مناطق سوريا، خصوصًا بعد تسلم الحرس الثوري مستودعات "مهين" شرقي حمص، والتي أشرفت عليها موسكو طوال السنوات الماضية، والتي تعتبر ثاني أكبر المستودعات العسكرية بسوريا.

وتبع ذلك تسلّم الحرس الثوري نقاطًا هامة في البادية السورية، بعد انسحاب قوات فاغنر الأمنية منها، والتي كانت تشكل حائط صد لتقدم تنظيم الدولة نحو مدينة تدمر الإستراتيجية شرقي حمص.

وبحسب "تجمع أحرار حوران" المعارض، فإن روسيا سحبت قواتًا من الشرطة العسكرية من درعا نحو قاعدة حميميم بريف اللاذقية.

تحذير أردني

ونظرًا لكون محافظة درعا ذات حساسية عالية لوقوعها على الحدود الشمالية للأردن، فقد حذرت عمّان رسميًا من أي محاولة لملء إيران الفراغ الروسي هناك.

إذ اعتبر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الخميس الماضي، خلال مقابلة له مع الجنرال الأميركي المتقاعد هربرت ماكماستر، أثناء زيارته الأخيرة للولايات المتحدة، أن الوجود الروسي في جنوب سوريا، كان يشكل مصدرًا للتهدئة، مبينًا أن "هذا الفراغ سيملؤه الآن الإيرانيون ووكلاؤهم، وللأسف أمامنا هنا تصعيد محتمل للمشكلات على حدودنا".

وأجاب الملك الأردني ضمن البرنامج العسكري المتخصص (Battlegrounds)، الذي ينتجه معهد هوفر في جامعة ستانفورد الأميركية، على سؤال حول طريقة التعامل مع إيران قائلًا: "نحن بالطبع نريد أن يكون الجميع جزءًا من انطلاقة جديدة للشرق الأوسط والتقدم للأمام، لكن لدينا تحديات أمنية".

لكن رغم هذه المعطيات، فإن الانسحاب الروسي من بعض المناطق في سوريا لا يملك أهمية كبرى في المدى المنظور؛ لأن الثقل الأساسي لتلك القوات يتمركز في قاعدة حميميم الجوية التي باتت من أكبر القواعد العسكرية لموسكو خارج الحدود.

وتدخلت روسيا في سوريا في 31 سبتمبر/ أيلول 2015 لمنع سقوط النظام السوري، بعد أن تمكنت المعارضة من السيطرة على مساحة واسعة، قبل أن يسهم ذلك التدخل في استعادتها من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية.

مصالح روسية إيرانية مشتركة

ويرجح بعض المحللين أن الانسحاب الروسي، أتى بسبب حاجة روسيا لتعزيز قواتها في أوكرانيا، بينما يرى البعض الآخر أن ذلك قد يكون مفيدًا لإسرائيل، خاصة بعد تعزيز القوات الإيرانية مواقعها في سوريا، مما يساعد تل أبيب على زيادة الضغط الدولي على طهران.

وفي هذا الصدد، قال المحلل العسكري العقيد أحمد الحمادة، في حديث لـ"العربي"، إن "روسيا سحبت مستشارين وطيارين وجنودًا من سوريا للقتال في أوكرانيا، وحل مكانهم الإيرانيون وقوات النظام السوري في بعض المناطق".

وأردف الحمادة قائلًا: "رغم انشغال روسيا وتركيز ثقلها على أوكرانيا، إلا أن سوريا ستبقى موطئ قدم هام لموسكو عسكريًا وإستراتيجيًا وسياسيًا".

وأضاف: "ستعتمد روسيا على القوات الإيرانية المتواجدة على الأراضي السورية، في ظل غزو روسيا لأوكرانيا".

وتابع قائلًا: "إن المصالح هي من تجمع طهران وموسكو في سوريا، وخاصة في تثبيت حكم رئيس النظام بشار الأسد الذي يؤمن مصالح ومطامع الجانبين معًا".

المصادر:
العربي - وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close