الثلاثاء 22 نيسان / أبريل 2025
Close

حرب السودان تدخل عامها الثالث.. مجاعة وفظائع وخطر التقسيم قائم

حرب السودان تدخل عامها الثالث.. مجاعة وفظائع وخطر التقسيم قائم

شارك القصة

يُواجه ما لا يقل عن 25 مليون سوداني جوعًا حادًا - أسوشييتد برس
يُواجه ما لا يقل عن 25 مليون سوداني جوعًا حادًا - أسوشييتد برس
الخط
مع دخول الحرب في السودان عامها الثالث، تتصاعد المجاعة والانتهاكات بينما انتقل الصراع إلى مرحلة جديدة يُخشى أن تُفضي إلى تقسيم فعلي للبلاد.

في الوقت الذي يحيي فيه السودان ذكرى مرور عامين على الحرب، اليوم الثلاثاء، تتزايد الفظائع والمجاعة فيما تقول الأمم المتحدة إنّه أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

والشهر الماضي، استعاد الجيش السوداني العاصمة الخرطوم من "قوات الدعم السريع"، لكنّ هذا لم يُفضِ إلا إلى نقل الحرب إلى مرحلة جديدة قد تُفضي إلى تقسيم فعلي للبلاد، وفقًا لوكالة أسوشييتد برس.

وهاجم مقاتلو "قوات الدعم السريع" وحلفاؤها مخيمين للاجئين في منطقة غرب دارفور يومَي الجمعة والسبت، ما أسفر عن مقتل ما لا يقلّ عن 300 شخص. بينما يُعاني مخيما زمزم وأبو شوك اللذان يؤويان نحو 700 ألف سوداني فروا من ديارهم، من المجاعة ولا يستطيع عمال الإغاثة الوصول إليهما بسبب القتال.

ويُواجه نصف سكان السودان البالغ عددهم 50 مليون نسمة، خطر المجاعة، حيث أكد برنامج الغذاء العالمي انتشار المجاعة في عشرة مواقع، محذرًا من أنّها قد تنتشر إلى مناطق أخرى، ما يُعرّض الملايين لخطر الموت جوعًا.

وفي هذا الإطار، قال كاشف شفيق مدير مكتب منظمة الإغاثة الدولية في السودان، وهي آخر منظمة إغاثة لا تزال تعمل في مخيم زمزم لوكالة أسوشييتد برس: "استمر هذا الصراع البغيض عامين، وعلى العالم الضغط من أجل وقف إطلاق النار"، مضيفًا: "في كل لحظة ننتظر فيها، تتعرَّض أرواح أخرى للخطر. يجب أن تنتصر الإنسانية".

وفي 15 أبريل/ نيسان 2023، اندلعت المعارك بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي" في شوارع الخرطوم، وسرعان ما امتدت إلى أجزاء أخرى من البلاد.

وكان القتال وحشيًا، حيث دُمّرت أجزاء واسعة من الخرطوم، وفرّ نحو 13 مليون شخص من ديارهم، ولجأ 4 ملايين منهم إلى الدول المجاورة. كما سُجّل مقتل ما لا يقل عن 20 ألف شخص، لكن العدد الحقيقي للقتلى يُرجّح أن يكون أعلى بكثير.

واتُهم الطرفان بارتكاب فظائع، بينما اشتهر مقاتلو "قوات الدعم السريع" بمهاجمة القرى في دارفور، وتنفيذ عمليات قتل جماعي للمدنيين واغتصاب النساء.

ومثّلت استعادة الجيش للخرطوم أواخر مارس/ آذار الماضي "انتصارًا رمزيًا كبيرًا"، إذ سمحت للبرهان بالعودة إلى العاصمة لأول مرة منذ بدء الحرب وإعلان حكومة جديدة، ما عزّز مكانته.

لكن الخبراء يقولون إن قوات الدعم السريع عزّزت سيطرتها على المناطق التي لا تزال تسيطر عليها، وهي مساحة شاسعة من غرب وجنوب السودان، بما في ذلك إقليمي دارفور وكردفان. ويسيطر الجيش على معظم شمال البلاد وشرقها ووسطها.

وقال فيديريكو دونيلي، الأستاذ المساعد للعلاقات الدولية بجامعة تريستي في إيطاليا، لوكالة أسوشييتد برس: إن "الواقع على الأرض يشبه بالفعل التقسيم الفعلي".

من جهته، أشار سليمان بلدو مدير منظمة الشفافية وتتبّع السياسات في السودان في حديث للوكالة، إلى أنّ كلا الطرفين لا يبدوان قادرين على هزيمة الآخر، فكلاهما يُعانيان من الإنهاك جراء المعارك".

وفي هذا الإطار، أوضح شاراث سرينيفاسان، أستاذ السياسة الدولية بجامعة كامبريدج للوكالة، أنّ "قوات الدعم السريع أصبحت ضعيفة بسبب الانقسامات الداخلية وتفتقر إلى الشرعية السياسية داخل البلاد".

لكنّه في الوقت نفسه أضاف أنّه "بدون فهم الجغرافيا السياسية الإقليمية المعقّدة لحرب السودان من السهل التقليل من قدرة قوات الدعم السريع على الصمود والرد".

تفاقم المجاعة

يُواجه مئات الآلاف من المحاصرين بسبب القتال، خطر الجوع والموت جوعًا. وحتى الآن، تتركّز المجاعة في ولاية شمال دارفور، وتحديدًا في مخيم زمزم. وحاصرت قوات الدعم السريع المخيم في هجومها على الفاشر، عاصمة الولاية وآخر معاقل الجيش الرئيسية في إقليم دارفور.

وأشارت آمنة سليمان، وهي أم لأربعة أطفال تعيش في المخيم، إلى أنّ الناس لجأوا إلى أكل العشب وأوراق الأشجار.

وقالت سليمان لوكالة أسوشييتد برس: "ليس لدينا خيار. نعيش في خوف، بلا تواصل، بلا طعام، وبلا أمل".

ومنذ إعلان المجاعة لأول مرة في مخيم زمزم في أغسطس/ آب، انتشرت إلى أجزاء أخرى من الولاية وولاية جنوب كردفان المجاورة.

وهذا الأسبوع، حذّر برنامج الأغذية العالمي من أنّ 17 موقعًا آخر سوف يقع في المجاعة قريبًا أيضًا، بما في ذلك أجزاء أخرى من منطقة دارفور وأماكن في وسط السودان وجنوبه، لأنّ عمال الإغاثة لا يستطيعون الوصول إليها.

وقال آدم ياو، نائب ممثل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة في السودان، إنّ "الوضع خطير للغاية".

ووفقًا لبرنامج الأغذية العالمي، يُواجه ما لا يقل عن 25 مليون شخص أي أكثر من نصف سكان البلاد، جوعًا حادًا، منهم 638 ألفًا يواجهون جوعًا كارثيًا، وهو أسوأ تصنيف تستخدمه وكالات الإغاثة. بينما يُعاني نحو 3.6 مليون طفل من سوء التغذية الحاد.

احتياجات ضخمة في كل مكان

وفي مناطق أخرى، سمح استيلاء الجيش على الأراضي، لمنظمات الإغاثة بالوصول إلى اللاجئين والنازحين الذين انقطعت عنهم المساعدات إلى حد كبير لمدة عامين.

وشهد السودان تفشيًا متعددًا للكوليرا والملاريا وحمى الضنك خلال العامين الماضيين. وأسفر آخر تفشٍ للكوليرا في مارس الماضي، عن وفاة نحو 100 شخص وإصابة أكثر من 2700 آخرين في ولاية النيل الأبيض، وفقًا لوزارة الصحة السودانية.

وذكر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أنّ الاقتصاد السوداني تراجع بشدة، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 40%. كما انخفض معدل التوظيف بدوام كامل إلى النصف، حيث أفاد ما يقرب من 20% من الأسر الحضرية بعدم وجود دخل لها على الإطلاق.

في الوقت نفسه، واجهت وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة تخفيضات في التمويل من جهات مانحة رئيسية، بما في ذلك الولايات المتحدة.

وقالت كليمنتين نكويتا سلامي، منسّقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، إنّه حتى مارس الماضي، لم يتم استلام سوى 6.3% من إجمالي 4.2 مليار دولار المطلوبة للمساعدات الإنسانية في السودان هذا العام.

وأضافت سلامي أنّ "التخفيضات تأتي في وقت الاحتياجات في السودان أكبر من أي وقت مضى، حيث يعاني أكثر من نصف السكان من الجوع وانتشار المجاعة".

"العودة الحلم"

وتمكّن نحو 400 ألف شخص من العودة إلى بلداتهم في المناطق التي استعادها الجيش حول الخرطوم وولاية الجزيرة المجاورة، وفقًا لما أفادت به وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة.

لكنّ الكثير منهم وجدوا منازلهم مدمرة ومنهوبة، وباتوا يعتمدون بشكل كبير على الجمعيات الخيرية المحلية لتوفير الغذاء.

ومن بين هؤلاء عبد الرحيم تاج السر، وهو أب لثلاثة أطفال، عاد في فبراير/ شباط الماضي إلى حيّه في مدينة أم درمان الشقيقة للخرطوم بعد 22 شهرًا من النزوح.

وقال تاج السر لوكالة أسوشييتد برس، إنّه وجد منزله الذي احتلته قوات الدعم السريع متضررا بشدة ومنهوبًا.

ووصف عودته إلى حيّه بـ"الحلم"، مضيفًا أنّ حياته في الحي المدمر إلى حد كبير والذي لا تتوفّر فيه تقريبًا أي كهرباء أو اتصالات "أفضل بكثير من العيش كلاجئ أو نازح".

تابع القراءة

المصادر

التلفزيون العربي - ترجمات
تغطية خاصة