الثلاثاء 23 أبريل / أبريل 2024

حرب العراق وإيران بشهادة الخزرجي.. من الهجوم الأول إلى معركة الدبابات

حرب العراق وإيران بشهادة الخزرجي.. من الهجوم الأول إلى معركة الدبابات

Changed

يوضح الخزرجي عبر "العربي" أن صدام حسين لم يكن يفكر أبدًا بأن يستولي على المناطق الإيرانية
في الحلقة الرابعة من الحوار الاستعادي، يتوقف الخزرجي عند فصول من الحرب مع إيران عارضًا لتحركات عسكرية، ومساع لوقف إطلاق النار. 

لا تسقط ذاكرة رئيس أركان الجيش العراقي السابق نزار الخزرجي محطات الحرب مع إيران مطلع ثمانينيات القرن الماضي. فالرجل الذي شغل مهام عسكرية رفيعة إبان تلك الفترة، كان شاهدًا على يوميات الحرب وتفاصيل مجرياتها.

في الحلقة الرابعة من الحوار الاستعادي، الذي أجراه معه الزميل بدر الدين الصائغ لبرنامج "وفي رواية أخرى" على شاشة "العربي أخبار"، يتوقف الخزرجي عند فصول من تلك الحرب؛ يعرض لتحركات عسكرية، ومساع لوقف إطلاق النار. 

وفيما يتوقف عند دعم السودان واليمن للعراق، يشير إلى مساندة ليبيا وسوريا لإيران. ويشرح أن دمشق قدّمت دعمًا قويًا لطهران عسكريًا وإستراتيجيًا وسياسيًا.

في نهاية الحرب العراقية الإيرانية، جمع لقاء الرئيسين حافظ الأسد وصدام حسين عند حدود بلديهما، في ما بدا أنه محاولة ربما للتقرب أو الصلح بينهما، فماذا في ذاكرة الخزرجي عنه؟ 

"حافظ الأسد قُطري وطائفي"

يقول الخزرجي إن الرئيس صدام حسين ذكر في إحدى المرات أن لقاءً جمعه والأسد على الحدود العراقية السورية بغرض إعادة ترتيب العلاقات بينهما.

وينقل عن حسين قوله إنه كان حينها قد طلب من مرافقه إلقاء القبض فورًا على حافظ الأسد إذا ما تطاول بكلمة واحدة خلال اللقاء، وأن يرميه بنيران مسدسه ليقتله إذا ما قام بالمقاومة.

ويؤكد أن صدام حسين يمكن أن "يفعلها"، لافتًا إلى أن الرئيس العراقي السابق كان معتزًا بنفسه كثيرًا ولم يكن يسمح لأحد بإهانته، وإن صدرت عن رئيس دولة.

وبحسب الخزرجي، فإن صدام حسين كان عروبيًا وبعثيًا حقيقيًا يؤمن بالوحدة والعروبة، حيث يتوقف عند قوله في إحدى المرات إن "إسرائيل أصبحت أمرًا واقعًا ومسندة ودولة نووية، لذا فإن التفكير بإزالتها بالقوة أمر غير منطقي".

ويعرض لرؤية حسين بشأن إمكانية إزالة إسرائيل، بالإشارة إلى أنها "من خلال تقدّم العراق بشكل واضح، فتحذو بقية الدول العربية حذوه، بموازاة التقارب والتكاتف العربي فضلًا عن التماثل العربي في السياسية والاقتصاد والعسكر".

ويلفت إلى أن "صدام اعتبر أن إسرائيل ستكون بذلك قوة ثانوية، ويفضل العالم التعامل معنا على التعامل معها، وعند إهمالها، يمكن أن يعود كثير ممن جاؤوا إليها إلى بلدانهم، مذكرًا في الآن عينه بأن المرأة الفلسطينية ولّادة، وبمرور السنوات فإن نسبة سكانها العرب ستكون مرتفعة".

وبالتذكير أن صدام حسين يؤمن بالوحدة العربية، يشير الخزرجي إلى أن الرئيس السابق كان يعتقد أن حافظ الأسد لا يمثل البعث، وأنه عنصر قطري وطائفي حكم باسم الحزب دون أن يعمل وفق مبادئه.

على المقلب الآخر، ساعد كل من السودان واليمن وموريتانيا العراق في حربه مع إيران.

ويلفت المسؤول العراقي السابق إلى أن السودان أرسل بداية لواءً "جيدًا" جاء إلى القاطع الأوسط، في الفيلق الثاني، لكن السودانيين الذين كانت بلادهم تشهد حينها حربًا أهلية أخبروا القيادة العراقية بأنهم يحتاجون إلى هذا اللواء، فأعيد إلى السودان من دون أن يشارك بأي شيء.

بشأن اليمن، أكد أن علاقة جيدة جدًا جمعت رئيسه حينها بصدام حسين، لافتًا إلى أن الأول كان يرسل لواءً كل بضعة أشهر إلى العراق ليشارك في الحرب.

غير أنه يوضح أن "اللواء الذي كان يحضر لم يكن يمتلك مقومات اللواء الحقيقية؛ لا تدريب ولا إمكانيات ولا قدرات، لذا كنا نعيد تدريبه، وبمرور أشهر يصبح خلالها قويًا يتم سحبه، فيُرسَل لواء آخر بدلًا منه".

صدام حسين واليمن
يقول الخزرجي إن اليمن أرسل عدة ألوية لمساندة العراق لكنها كانت تفتقر للتدريب

غارات جوية على المطارات الإيرانية

وكانت العملية العسكرية التي شنها العراق قد بدأت في 22 سبتمبر/ أيلول 1980. وكانت الفكرة الأساسية منها هي أن يكون الهجوم كاسحًا ضد القوات الإيرانية وفي العمق الإيراني، بهدف تعطيل الجيش الإيراني حتى لا يصبح تهديدًا للعراق في المستقبل.

وحاول العراق حينها أن يقوم بالعملية العسكرية نفسها، التي قامت بها إسرائيل عام 1967، عندما دمّرت سلاح الجو المصري بشكل مفاجئ وكاسح. لكن ذلك لم ينجح فعليًا بالنسبة للعراق.

ويستعيد الخزرجي ما حصل بالقول إن 128 طائرة، قامت - كوجبة أولى – بعملية ضرب للمطارات والقواعد الجوية الإيرانية، ثم كرّرت الضربة بعد أربع ساعات بأربعين طائرة أخرى.

ويضيف أن صدام حسين طلب، بانتهاء المهمة من قائد القوة الجوية، الاطلاع على الصور الجوية للضربات ليتم تقدير حجم الخسائر التي وقعت، غير أن الرد من القائد كان بأنه لم يتم التصوير، حيث تم رفع الكاميرات ووضع قنابل وأعتدة في مكانها.

ويكشف أن صدام حسين، الذي عرف على الفور أن الضربات لم تكن مؤثرة، التفت إلى رئيس الأركان ووزير الدفاع قائلًا: توقعوا غدًا أن يشن الإيرانيون غارات جوية شاملة علينا.

ويؤكد أن "ذاك ما حدث، حيث لم تدمر الضربات العراقية إلا عددًا محدودًا جدًا من الطائرات الإيرانية؛ 3 أو 4 على الأكثر".

إلى ذلك، يتوقف الخزرجي عند عدد الجنود العراقيين الذين شاركوا في "الاكتساح البري"، فيقول إن خمسة فرق اندفعت في القاطع الجنوبي: 3 مدرعة و2 آلية. أما في القاطع الأوسط، فاندفعت 4 فرق؛ واحدة مدرعة وواحدة آلية و2 مشاة آلي.

ويشير إلى أن الجنود العراقيين وصلوا إلى جنوب الأحواز بنحو 10 أو 12 كيلومترًا، وتوقفوا هناك، كما وصلوا إلى الخفاجية.

وبحسب الخزرجي، شرع الإيرانيون بعد مرور قرابة الشهرين بهجمات مقابلة، فهاجموا في 4 مناطق، ودفعوا من الأحواز قطعات الجيش العراقي إلى الخلف لتكون هذه المنطقة بعيدة عن المدفعية العراقية.

وفي الخفاجية، يوضح المسؤول العراقي السابق أنه تمت مهاجمة الفرقة التاسعة المدرعة بالفرقة 16 واللواء المظلي 55، وأوقعت خسائر كبيرة في الفرقة التاسعة، التي قامت بالانسحاب عبر النهر.

غير أنه يوضح أن قيادة الفيلق الثالث قامت بهجوم مقابل باللواء المدرع العاشر، الذي كان يقوده عميد الركن محمود شكر شاهين، متحدثًا عن هجوم على الإيرايين بكل دبابات اللواء الـ 120 والتي وُضعت في صف واحد، فتم تدمير الفرقة المدرعة 16، والاستيلاء على 120 دبابة أخرى و86 ناقلة أشخاص مدرعة.

ويردف بأن تلك كانت آخر معركة دبابات دخلها الإيرانيون، ولم يدخلوا من بعدها أي معركة مماثلة.

الحرب العراقية الإيرانية وفي رواية أخرى
يوضح الخزرجي أن الغاية من الحرب كانت إبعاد القوات الإيرانية عن الحدود وليس تدميرها

"استمر بالحرب لتركيز السلطات بيده"

إلى ذلك، يذكر الخزرجي أن الغاية من العمليات التي رُسمت للأركان العامة ونفذتها، كانت إبعاد القوات الإيرانية عن الحدود العراقية لمسافة تصل إلى 100 كيلومترًا، وليس تدمير القوات المسلحة الإيرانية، ولذلك عندما جاء الرئيس الباكستاني ضياء الحق إلى العراق للتوسط لإيقاف إطلاق النار، وافق صدام فورًا لأنه اعتبر أن غاية العمليات تحققت من خلال إبعاد الخطر الإيراني عن الأرض العراقية.

ويشدد على أن صدام لم يكن يفكر أبدًا بأن يستولي على المناطق الإيرانية، بل أعطى الإيرانيين درسًا وأبعدهم.

وخلال 8 سنوات من الحرب، قام العراق إما بالموافقة على وقف إطلاق النار أو قام باقتراح أو طالب بوقف إطلاق النار مع إيران لما لا يقل عن تسع مرات. غير أن إيران كانت في كل مرة ترفض ذلك، سواء أكانت متفوقة في الحرب أم خاسرة.

ويشير الخزرجي إلى أن الإيرانيين، والخميني بالذات، استغل ما اعتبره اعتداء عراقيًا عليهم، فاستمر في الحرب لتركيز كل السلطات بيده، وتصفية جميع أعدائه بين العامين 1980 و1981 و1982، فأصبح الولي الفقيه الحاكم الوحيد والمطلق داخل إيران.

ويوضح أن الخميني كان يؤمن تمامًا بأن العراق هو البوابة التي يجب أن يقتحمها ليسيطر عليها، بغرض الانطلاق إلى بقية الدول العربية.

وتعليقًا على ما نُشر أخيرًا عن مصادر استخباراتية أميركية أشارت إلى أن صدام حسين كان مهتمًا جدًا بوقف الحرب لدرجة أنه أرسل وسطاء إلى إيران ووصل به الأمر إلى اقتراح ذهابه شخصيًا إلى طهران للقاء الخميني الذي رفض استقباله، ينفي وجود أي فكرة لديه عن هذا الشأن.

ويقول: "لا أعتقد أن صدام حسين من النوع الذي يطلب أن يذهب إلى الخميني ويزوره، أو يستعطفه إطلاقًا، فذلك ليس صدام حسين".

ويعرّج الخزرجي على "ظاهرة" حالات انشقاق وتخاذل وانسحاب من جانب الجنود العراقيين عندما شنّ الإيرانيون هجومًا مضادًا، شارحًا أنها لم تكن كبيرة.

ويلفت إلى أن بعض الجنود العراقيين من طائفة معينة كانوا متأثرين بالفكر الخميني الطائفي، ومن الممكن أن قتال بعضهم لم يكن في المستوى المطلوب، أو أن البعض منعهم عندما هوجموا استسلم على سبيل المثال.

ويقول إن قسمًا محدودًا جدًا منهم انضم إلى الجانب الآخر وشكّل ما يسمى بـ "قوات بدر"، التي قاتلت العراق مع الجيش الإيراني، كاشفًا أن من بين هؤلاء من هم من أهم الساسة العراقيين حاليًا. 

ماذا عن عملية إعدام الضباط الذين اتُهموا بـ "سوء الإدارة" في المعارك، ولمَ لم يتحقق رهان صدام حسين على عرب الأحواز للتعاطف مع الجيش العراقي والدخول معه لمساندته؟. 

الإجابات وتفاصيل أخرى عن الخطوط الأمامية للحرب العراقية الإيرانية في الحلقة المرفقة من برنامج "وفي رواية أخرى".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close