الخميس 5 ديسمبر / December 2024
Close

حرب على المخيمات.. أيّ أبعاد سياسية وأمنية لعملية الاحتلال في الضفة؟

حرب على المخيمات.. أيّ أبعاد سياسية وأمنية لعملية الاحتلال في الضفة؟

شارك القصة

وصف وزير الخارجية الإسرائيلي ما يجري في الضفة الغربية بالحرب بكل ما للكلمة- غيتي
وصف وزير الخارجية الإسرائيلي ما يجري في الضفة الغربية بالحرب بكل ما للكلمة- غيتي
الخط
اعتبرت المقاومة الفلسطينية عدوان الاحتلال على مدن الضفة استكمالًا لحرب الإبادة في حق الشعب الفلسطيني بهدف اقتلاعه من أرضه.

ينفذ الاحتلال الإسرائيلي اجتياحًا عسكريًا واسعًا في مناطق بالضفة الغربية، بمشاركة مئات الجنود والمدرعات والطائرات المسيَّرة. تُعد هذه العملية الأكبر منذ عملية "السور الواقي" التي نفذها الاحتلال في الضفة عام 2002.

وتقول السردية الإسرائيلية، إن الحملة العسكرية تهدف إلى إزالة ما وصفته بالتهديد المتمثل بالعبوات الناسفة، مع التأكيد على عدم وجود أوامر بالإخلاء أو النزوح.

حرب على الضفة الغربية

وقد وصف وزير الخارجية الإسرائيلي ما يجري في الضفة الغربية بالحرب بكل ما للكلمة من معنى، مؤكدًا ضرورة تحقيق الانتصار فيها، زاعمًا صلة إيران بإنشاء ما سمّاها "جبهة إرهابية ضد إسرائيل وفقًا لنموذج غزة ولبنان"، حسب تعبيره.

وتمثّل الانعكاس الميداني للعملية في سقوط شهداء في جنين وطوباس وطولكرم، فضلًا عن ضرب ممنهج للبنية التحتية، ما يعني استهدافًا إسرائيليًا مباشرًا بهدف التخريب وتجريف الشوارع وشبكات الصرف الصحي وقنوات المياه، فضلاً عن محاصرة المستشفيات والتهديد باقتحامها ومحاولة إخلائها من المرضى وعائلاتهم.

وتشن إسرائيل حربًا على تفاصيل الحياة التي تجعلها أكثر صعوبة، لترد المقاومة باستهداف آليات تابعة للاحتلال، ونقاط تمركز القناصة في مناطق مختلفة.

سياسيًا، اعتبرت المقاومة الفلسطينية عدوان الاحتلال على مدن الضفة استكمالًا لحرب الإبادة في حق الشعب الفلسطيني بهدف اقتلاعه من أرضه، داعيةً إلى الانتفاضة ومواجهة الحملة الإسرائيلية.

من جهتها، قالت الحكومة الفلسطينية إنها أوعزت إلى جميع الجهات بتعزيز تدخلاتها لمواجهة العدوان، فيما أعلنت واشنطن فرض عقوبات جديدة على مستوطنين إسرائيليين في الضفة، دون تعليق على ما تفعله آلة الحرب الإسرائيلية هناك.

وقالت الأمم المتحدة إن الإجراءات الإسرائيلية انتهاك للقانون الدولي، واصفة إياها بإشعال جديد للوضع المتفجر بالفعل.

الاحتلال يسعى إلى فرض واقع جديد

وفي هذا الإطار، يشير الباحث في مركز مدى الكرمل، د. مطانس شحادة، إلى عدة استنتاجات أولية من العملية العسكرية في الضفة الغربية.

ويقول في حديث إلى التلفزيون العربي من حيفا، أن أول هذه الاستنتاجات أن الحرب على الشعب الفلسطيني قد توسعت لتشمل الضفة الغربية. كما يضيف شحادة أن الاحتلال يسعى إلى تقسيم الأدوار بين المؤسسة العسكرية وحركة الاستيطان.

ويلفت شحادة إلى أن الجيش الإسرائيلي يقوم بالاجتياح والقتل وتدمير البنية التحتية في العديد من المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية، بينما تقوم حركات الاستيطان بشن هجمات أسبوعية على القرى الفلسطينية وتقتل فلسطينيين عزل.

كما يرى الباحث في مركز مدى الكرمل أن "الحكومة الإسرائيلية تقوم بعكس ما تدعي، فطوال الأشهر العشرة الماضية، كانت الحكومة الإسرائيلية تقول إنها لا ترغب في توسيع الحرب أو اندلاع انتفاضة جديدة في الضفة، لكنها الآن تقوم بذلك".

ويضيف شحادة: "الحكومة الإسرائيلية هي التي تبادر إلى توسيع حرب الإبادة ضد أبناء الشعب الفلسطيني في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، على عكس ادعاءاتها".

ويعتبر أن الحكومة الإسرائيلية لا تعير اهتمامًا لوجود السلطة الفلسطينية أو لاتفاقيات أوسلو، وتسعى لفرض واقع سياسي وأمني جديد يشمل قطاع غزة والضفة الغربية.

حرب على المخيمات

من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأميركية، الدكتور أيمن يوسف، أن ما يجري هو "استكمال لمرحلة كي الوعي الفلسطيني".

ويوضح يوسف أن إسرائيل بدأت بتنفيذ العديد من الإستراتيجيات التي استخدمتها في قطاع غزة في الضفة الغربية، بما في ذلك استخدام التكنولوجيا المتطورة والطائرات المسيرة، بالإضافة إلى تهجير السكان والطلب منهم مغادرة أماكنهم عبر استمرار عمليات القتل المنظم.

وفي حديثه إلى التلفزيون العربي من جنين، يلفت يوسف إلى "تناغم كبير" بين جيش الاحتلال والمستوطنين، مشيرًا إلى أن "الحملة الحالية تتميز إستراتيجيًا وتكتيكيًا باستهدافها للمخيمات من طولكرم غربًا حتى طوباس شرقًا". ويتوقع يوسف أن تمتد عملية الاحتلال لتشمل مخيمات نابلس، وبالتحديد مخيم بلاطة.

كما يعتبر أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأميركية أن الاحتلال يتبع مقاربة جديدة تتعلق باللجوء وحق العودة. ويقول يوسف: "الطلب من الناس الخروج من هذه المخيمات يعني ضرب فلسفة المقاومة تاريخيًا، لأن هذه المخيمات هي التي احتضنت المقاومة وكانت بمثابة غرفة عمليات مشتركة للفصائل".

ويضيف يوسف أن الاحتلال، على الصعيدين التكتيكي والعسكري، يتخوف من امتداد عمليات المقاومة إلى جنوب الضفة الغربية، حيث الكثافة السكانية الاستيطانية.

ويلحظ يوسف أن هناك عملية حسم لملف الضفة الغربية كما تم حسم ملف قطاع غزة، وكأن المستهدف هو المشروع الوطني الفلسطيني بجغرافيته السياسية وسكانه.

التصعيد في الضفة يقلق واشنطن

وبشأن وجهة النظر الأميركية، يوضح مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق، الدكتور توماس واريك، أن واشنطن ترى أن هناك حملتين تختلفان في أهدافهما، لافتًا إلى أن "جهود المستوطنين والجيش الإسرائيلي للقيام بأعمال عنف أدت إلى فرض عقوبات على بعضهم من قبل الولايات المتحدة"، وهي مسائل تم نقاشها عندما زار رئيس الوزراء الإسرائيلي واشنطن نهاية يوليو/ تموز الماضي، وفقًا لواريك.

وفي حديثه إلى "التلفزيون العربي" من واشنطن، يشير واريك إلى أن الولايات المتحدة اعتقدت أنها توصلت إلى اتفاق مع الحكومة الإسرائيلية بشأن كبح جماح المستوطنين، إلا أن هذا لم يحدث حتى الآن.

ويلفت واريك إلى أن العقوبات هي الخطوة الأولى، متوقعًا فرض عقوبات إضافية، موضحًا أن وزارة الخزانة الأميركية هي المسؤولة عن فرض العقوبات على أشخاص محددين.

لكنّه يضيف: "واشنطن تتعاطف مع إسرائيل في دفاعها عن نفسها ضد الهجمات المدعومة إيرانيًا"، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن "مجموعات الاستيطان تلعب دورًا مخربًا".

ويرى واريك أن "واشنطن تركز على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس والتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى، وأي شيء يعقّد هذا الأمر يقلقها بلا شك". ويضيف أن الولايات المتحدة "تتوقع إجابات من إسرائيل خلف الكواليس وليس على الملأ، حيث تشعر بالقلق إزاء ما يجري في الضفة الغربية".

تابع القراءة
المصادر:
التلفزيون العربي
تغطية خاصة