مع اقتراب انتهاء العدوان على قطاع غزة، تبرز داخل الساحة الإسرائيلية أسئلة بشأن حسابات الربح والخسارة، في أطول حرب عرفتها دولة الاحتلال في تاريخها.
فعلى الصعيد القانوني تلقت إسرائيل في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 صفعة قوية تمثلت في إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت، إثر إسناد تهمتين لهما تتعلقان بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تشمل ارتكاب جريمة حرب متمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية متمثلة في القتل والاضطهاد وغيرهما من الأعمال اللاإنسانية.
وسبقت قرارات المحكمة الجنائية الدولية ثلاثة قرارات أصدرتها محكمة العدل الدولية استنادًا لقضايا رفعت ضد إسرائيل من جمهورية جنوب إفريقيا، وانضمت إليها لاحقًا عدة دول.
تجريم إسرائيل بمحكمة العدل
وفي شهر يناير/ كانون الثاني 2024 أصدرت المحكمة أمرًا باتخاذ تدابير فورية وفعالة لحماية الفلسطينيين في قطاع غزة المحتل من خطر الإبادة الجماعية، عبر ضمان تدفق المساعدات الإنسانية الكافية وتمكين الخدمات الأساسية.

وفي شهر مايو/ أيار من العام نفسه أصدرت المحكمة قرارًا يطالب إسرائيل "بالوقف الفوري لهجومها العسكري على رفح، وأي عمل آخر قد يفرض على المجموعة الفلسطينية في القطاع ظروفًا معيشية يمكن أن تؤدي إلى تدميرها المادي كليًا أو جزئيًا".
وفي خطوة قضائية غير مسبوقة بشأن عدم شرعية الاحتلال، أصدرت المحكمة في شهر يوليو قرارًا يطالب إسرائيل بوضع حد لاحتلال الأراضي الفلسطينية بعد عام 1967، وإنهاء أي تدابير تسبب تغييرًا ديمغرافيًا أو جغرافيًا، بأسرع وقت ممكن.
صورة إسرائيل في العالم
ولم تقتصر التداعيات القانونية على دولة الاحتلال جراء عدوانها على غزة على ذلك، بل إن جهود منظمات حقوقية وإنسانية حول العالم أثمرت بإقناع عدد من الدول بالملاحقة القضائية للجنود والضباط الإسرائيليين أثناء وجودهم داخل أراضيها، الأمر الذي توّج فعلًا باستدعاء بعضهم للتحقيق، قبل أن تتدخل وزارة الخارجية الإسرائيلية وسفاراتها للإفراج عنهم أو حتى تهريبهم بطرق غير قانونية.
وباتت الملاحقة القضائية للجنود والضباط الإسرائيليين في الخارج هاجسًا كبيرًا يؤرق السلطات الإسرائيلية.
وتضررت سمعة إسرائيل في العالم، وأبرز مظاهر ذلك تجلى في استنكار وشجب كثير من قادة الدول حول العالم بمن فيهم حلفاء لإسرائيل والمنظمات الأممية، لمجازر الاحتلال واعتبارها إبادة جماعية، كما قطع عدد من الدول، أغلبها في أميركا اللاتينية، علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل.
انتفاضة الجامعات الغربية
وعلى الصعيد الشعبي، شهدت دول عدة حول العالم بينها الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبية مظاهرات حاشدة، كانت تنتظم بين حين وآخر لاستنكار المجازر الإسرائيلية وللمطالبة بوقفها وإنهاء الاحتلال.

ومن مظاهر ذلك ما عرف في الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الأوروبية بانتفاضة الجامعات، وما تضمنته من وقفات ومظاهرات واعتصامات استمرت لأسابيع، وتخللتها اشتباكات ومواجهات بين الطلبة المحتجين على الجرائم الإسرائيلية من جهة وإدارة جامعاتهم والسلطات المحلية في بلادهم من جهة أخرى.
ولم تخف أوساط سياسية إسرائيلية وحلفاء لتل أبيب قلقهم من تدهور سمعة إسرائيل أمام العالم بفعل الحرب على غزة.
وفي شهر مارس/ آذار 2024 حصلت الإذاعة الوطنية العامة الأميركية على مذكرة خاصة بالخارجية الأميركية، جاء فيها أن "إدارة الرئيس جو بايدن تشعر بالقلق من أن إسرائيل ترتكب خطأ إستراتيجيًا كبيرًا قد يمتد لأجيال عبر إنكار الضرر الجسيم الذي قد يلحق بسمعتها في جميع أنحاء العالم بسبب حربها في غزة".