الإثنين 22 أبريل / أبريل 2024

حرب 1967 وأيلول الأسود.. كيف قارب المجالي محطات بارزة من تاريخ الأردن؟

حرب 1967 وأيلول الأسود.. كيف قارب المجالي محطات بارزة من تاريخ الأردن؟

Changed

حلقة أرشيفية من برنامج "وفي رواية أخرى" استضاف فيها الزميل بدر الدين الصائغ رئيس الوزراء الأردني الراحل عبد السلام المجالي (الصورة: غيتي)
في جزء ثان من إطلالة أرشيفية عبر "العربي"، تحدث رئيس الوزراء الأردني الراحل عبد السلام المجالي عن محطات من تاريخ الأردن منها حرب 1967 وأيلول الأسود.

يعود "العربي" إلى أرشيفه مستعيدًا إطلالة رئيس الوزراء الأردني الراحل عبد السلام المجالي، في سلسلة حلقات من برنامج "وفي رواية أخرى".

توفي المجالي في وقت سابق من شهر يناير/ كانون الثاني الجاري، وكان قد أطل في ظهوره عام 2018 عبر "العربي" على محطات من تاريخ الأردن؛ ومنها حرب يوليو/ تموز 1967 وأحداث سبتمبر/ أيلول 1970.

وفي هذا الجزء من الإطلالة، كانت رحلة بين مذكرات المجالي التي حملت عنوان "رحلة العمر"، والتي قال فيها إنه "كان بعيدًا شيئًا ما عن مركز صنع القرار في ما يتعلق بهذه الأحداث"، وبين ذاكرته وما حملت من مشاهد ومواقف لا سيما عندما كان وزيرًا في الحكومة الأردنية.

المياه وحرب 1967 

قال المجالي بالحديث عن تلك الحرب إن إسرائيل كانت قد وضعت مشروعًا لأخذ المياه من نهر الأردن وبحيرة طبريا، إلى جنوب فلسطين.

وذكر أن مهندسًا اسمه إريك جونستون جاء في مطلع الخمسينيات، وأجرى دراسة وقدم اقتراحًا بشأن توزيع مياه حوض نهر الأردن بين لبنان وسوريا والأردن وإسرائيل.

ولفت إلى أن إسرائيل وافقت على المشروع الذي كانت تقف أساسًا خلفه، أما العرب فقد قبلوه فنيًا ولكن لم يقبلوه سياسيًا.

وأشار إلى أن قمة لرؤساء الدول العربية عقدت في الرباط، واتُخذ قرار حينها بإنشاء مشروع مقابل يقوم على إعادة المياه من منبعها من خلال الجولان إلى نهر اليرموك لتتابع سريانها العادي.

كما لفت إلى أن الدول العربية خصصت مبالغ جيدة لتقوية الجيوش العربية المسؤولة عن تنفيذ المشروع وحمايته.

إلى ذلك، ذكّر المجالي بأن مشروعًا من هذا النوع لن يسكت عليه العدو أو الجهة المقابلة، مشيرًا إلى أن إسرائيل التي علمت بما تم الاتفاق عليه ولم يكن في مصلحتها، استحدثت الكثير من الأمور للقضاء عليه.

وقال إنها استطاعت أن تشعل نار الحرب عام 1967، وبينما تحدثت عن عدة حجج لم تذكر الماء من بينها، إلا أن الحقيقة هي أن الحرب كانت من أجله، متوقفًا عند احتلال الجولان.

رئيس الوزراء الأردني الراحل عبد السلام المجالي خلال اللقاء مع "العربي"
رئيس الوزراء الأردني الراحل عبد السلام المجالي خلال اللقاء مع "العربي"

وحول الذريعة الإسرائيلية الرسمية في تلك الحرب، وهي عمل الفدائيين الذين كانوا ينطلقون من الأردن، أكد أن العمل الفدائي في ذلك العام "كان خفيفًا".

وبينما رأى أن العرب لم يكونوا مستعدين للحرب، أشار إلى أن الأردن من حيث الحجم والقدرة من أصغر الدول العربية، وأن إعداد جيش وتسليحه وتدريبه أمر يتطلب وقتًا. 

وردًا على سؤال الزميل بدر الدين الصائغ حول ما إذا كانت الفترة الممتدة بين قيام الكيان الصهيوني عام 1948 وحرب 1967، لم تكن كافية لتجهيز الجيوش العربية، أجاب: "الوقت موجود، لكن من أين يأتي السلاح، ومن أين تأتي الأموال؟".

وذكّر بأن "السلاح كان يأتي إما من الدول الشرقية (الكتلة الشرقية في حينه) أو الدول الغربية، وكلاهما كان يقف إلى جانب إسرائيل".

والمجالي الذي لفت إلى أن العلاقة مع مصر وسوريا كانت سيئة حينها، أشار إلى أن الملك حسين كان ينصح بغير ما فعلتاه في تلك الفترة، لكنه اضطُر – عندما جاءت المعركة – أن يدخل فيها كما دخل جده عبد الله في الحرب عام 1948.

وقال إن الملك الأردني الراحل كان يدعو القاهرة ودمشق إلى إطفاء الحرائق قبل أن تتحول إلى حرب، منبهًا إلى غياب الاستعداد لها. وتحدث عن دخول العرب في المعركة من منطلق "العاطفة" وما شهدته من مآس.

نتائج الحرب ومعركة الكرامة

عن نتائج حرب 1967 على الأردن، أشار إلى خسارة الضفة الغربية وزيادة في أعداد اللاجئين منها، لافتًا إلى أن الأردن هو البلد الوحيد المهدد بأن يكون وطنًا بديلًا للفلسطينيين.

وأفاد بأن الأردن شهد اكتظاظًا في ظل غياب القدرة المالية، بما في ذلك الاكتفاء من ماء الشرب، إلا أنه قال إن بلاده تماسكت بوجود التناغم بين القيادة والناس.

وحول الرد العربي المجتمع الذي تمثل في قمة الخرطوم واللاءات الثلاث المعروفة (لا للصلح لا للاعتراف ولا للتفاوض)، رأى أنها "مسألة عاطفية بحتة".

وشدد على أن "المشكلة الأساسية منذ بداية القضية هو أننا لا نفكر إلا عاطفيًا"، مشيرًا في المقابل إلى أن إسرائيل "نابغة في إطلاق البالونات، وفي كيفية إلهاء العرب بها لينسوا قضيتهم الأساسية".

أما في ما يخص معركة الكرامة عام 1968 والتي هُزمت فيها إسرائيل، فقال إن هذه الأخيرة دخلت بقوات عسكرية كبيرة من جسر الملك حسين ومن جسر دامية، واستخدمت المدفعية والطيران.

ولفت إلى أن الجيش الأردني كان سبّاقًا في صدّها، حيث قاومها وأوقع الخسائر في صفوفها حتى قبل الوصول إلى منطقة الكرامة. 

وفيما أوضح أن حوالي 120 من الفدائيين كانوا يتواجدون في البلدة ويحملون سلاحًا خفيفًا، أفاد بأن جزءًا منهم اشترك في المعركة ثم انسحبوا عبر الجبال.

وأكد أن الأمور كانت لتختلف بشأن سير المعركة لو لم يكن الجيش الأردني في الميدان. 

أحداث "أيلول الأسود"

في مذكراته حول أحداث سبتمبر/ أيلول 1970، أورد المجالي أن "عمان أصبحت أمام خيارين، إما أن تكون عاصمة للثورة الفلسطينية أو عاصمة للمملكة، ووُضع الأردنيون أيضًا أمام خيارين هما إما الثورة وإما الدولة".

وذكر في الكتاب أن "منطق الأمور كان يدفع إلى ضرورة أن يختار الأردنيون الدولة، وألا يكون ذلك متناقضًا مع الثورة، لكن ذلك كان مستحيلًا".

في حديثه لـ"العربي"، ذكر المجالي بأن الأردن تبنى الفدائيين، وبأن الملك حسين كان يصف نفسه بـ"الفدائي الأول" وكل الأردنيين باتوا فدائيين.

وبينما شدد على استحالة إقامة دولتين في وطن واحد، أشار إلى أن الفدائيين تصرّفوا وكأنهم الدولة.

وقال: إن الفدائيين، بعدما خرجوا من الغور اتجهوا إلى المدن كالسلط وعمان، وراحوا يقيمون مقار لهم ويحملون السلاح، متحدثًا عن ارتكابهم أخطاء كبيرة.

وتوقف عند استخدام عبارة "حتى تُحرر فلسطين يجب أن تحرر عمان"، وأن "الثورة فوق كل شي"، لافتًا إلى أن "سلطتهم وصلت في الأردن إلى حد الاستيلاء على السيارة الحكومية لنائب رئيس الوزراء أحمد طوقان وسط عمان، وتعرضه شخصيًا للخطف عندما كان وزيرًا للصحة".

كما تحدث عن القيام أحيانًا بتصرفات أهانت الجيش، ما أدى إلى نوع من الصدام.

والمجالي الذي وصف عام 1970 بأنه كان مصيبة في الأردن، قال إن الأحداث التي شهدها خلقت شرخًا بين الشعبين الأردني والفلسطيني.

واستعاد ما كان عليه الحال قبل ذلك العام من حيث مشاركة الفلسطينيين في الحكم بالأردن؛ المناصفة في الوزارات والأعيان والنواب..

لكنه لفت إلى أنه مع ظهور "خطورة الوضع" على البلد، ومع تواجد الجيشين العراقي والسوري على أرض الأردن ومناصرتهم الأخوة الفلسطينيين، اتخذ الملك حسين قرار تشكيل حكومة عسكرية قبيل "أحداث أيلول" وقبل أن يتم تكليف أحمد طوقان برئاسة الوزراء. 

اتُخذ في تلك الفترة القرار بحل المسألة عسكريًا وقام الجيش الأردني بمهاجمة المقار الفلسطينية، ولاحق المسلحين إلى أن توجهوا إلى الجبال ومناطق أخرى، وانتهى الأمر بإخراجهم من الأردن وتوجههم إلى لبنان.

وبحسب المجالي، شارك الجيش السوري إلى جانب الفلسطينيين، واحتل إربد.

إلى ذلك، لفت رئيس الوزراء الأردني إلى أن الأمور بدأت بعد أحداث 1970 تعود إلى طبيعتها مع الغرب، والعرب عادوا تدريجيًا إلى الصلح.

أما داخليًا، فقال إن "الأمور عادت إلى طبيعتها، وتحسن الوضع الاقتصادي السيئ تدريجيًا".

كما أفاد بأن الأردن بقي رغم أحداث 1970 من يحمل القضية الفلسطينية على كتفيه دون تفويض من العرب.

وذكر أن العرب كلهم كانوا يعملون على فك الارتباط بين الأردن والفلسطينيين، في تخل غير مباشر من قبلهم عن القضية الفلسطينية.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close