الأحد 14 أبريل / أبريل 2024

حركة "الشباب" الصومالية.. ما سرّ صمودها طيلة هذه الفترة؟

حركة "الشباب" الصومالية.. ما سرّ صمودها طيلة هذه الفترة؟

Changed

ناقش برنامج "قضايا" مستقبل حركة "الشباب" الصومالية وسرّ صمودها (الصورة: غيتي)
رغم النجاحات التي حققتها الحكومة الصومالية في مواجهة حركة "الشباب" مؤخرًا، إلا أن عناصر الجماعة ما زالوا قادرين على شنّ هجمات موجعة ضد الجيش الحكومي.

أعادت الغارة الجوية التي شنّتها القوات الأميركية على معاقل حركة "الشباب" في العاصمة الصومالية مقديشو تسليط الضوء على تموضع الحركة جغرافيًا، ومناطق انتشارها.

وتسيطر الحركة، التي أعلنت قبل أعوام ولاءها لتنظيم "القاعدة"، على إقليم جوبا الوسطى بشكل كامل حتى الآن، وتعتمده ملاذًا آمنًا، نظرًا لتضاريسه الصعبة وغاباته الكثيفة التي تُشكّل حصنًا طبيعيًا ضد الغارات الجوية وهجمات الجيش الصومالي.

كما تُسيطر على أكثر من نصف مساحة إقليم جوبا السفلى في ولاية جوبالاند، حيث يشنّ الجيش الصومالي حملات عسكرية متكررة على معاقل الحركة.

وتمتد سيطرة حركة "الشباب" إلى أجزاء بسيطة من إقليم هيران بولاية هيرشبلي، لا سيما القسم الغربي منه، الذي تتخذه منطلقًا لعملياتها الخاطفة ضد الجيش الصومالي.

وحقّقت القوات النظامية التابعة لحكومة الرئيس شيخ محمود، انتصارات مهمة على الحركة، بإسناد جوي من الطائرات الأميركية والتركية منذ بدء عملياتها العسكرية لتطهير الأقاليم الواقعة تحت سيطرة "الشباب".

رسم بياني نشرته أنقرة في 16 يناير 2023 يرصد المناطق التي استعادها الجيش الصومالي من "الشباب"
رسم بياني نشرته أنقرة في 16 يناير 2023 يرصد المناطق التي استعادها الجيش الصومالي من "الشباب"- غيتي

ومنذ العام الماضي، تخوض الصومال حربًا على عدة محاور لتحرير المناطق الواقعة تحت سيطرة حركة "الشباب"، التي أُجبرت على التراجع بعد سنوات من السيطرة عليها.

وخسرت الحركة مناطق واسعة من جلدود ومدد، بالإضافة لشبل الوسطى وهيران، وهي الأقاليم الأكثر إيلامًا للحركة، نظرًا لأهميتها الاقتصادية.

وساعد في ذلك تململ السكان من الإجراءات التعسفية التي تتبعها حركة "الشباب" مع أبناء تلك المناطق، وأيضًا انضمام العشائر، أصحاب الأرض، إلى جانب الجيش الصومالي في دحر مقاتلي "الشباب".

ورغم النجاحات التي حقّقتها الحكومة الصومالية في مواجهة حركة "الشباب" مؤخرًا، إلا أن عناصر الحركة ما زالوا قادرين على شنّ هجمات موجعة ضد الجيش الصومالي، الذي يلقى دعمًا دوليًا بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.

وسلّط اقتحام مسلّحي الحركة قاعدة عسكرية في بلدة جلعد وسط البلاد، على مدى قوتها وقدرتها على المبادرة، حتى بعد تعرّضها لغارات جوية أميركية في تلك المنطقة.

قوّة حركة الشباب

عُرفت حركة "الشباب" بوصفها الذراع العسكري لـ"اتحاد المحاكم الإسلامية"، وذلك بعد استيلاء المحاكم على مساحات واسعة من الصومال عام 2006؛ إذ انبثق عنه حركة "الشباب المجاهدين" التي تعود جذورها الأولى إلى تأسيس حركة "الشباب الصومالية" عام 2004.

وبعد هزيمة المحاكم من قبل الحكومة الصومالية المدعومة من أطراف إقليمية، وتحديدًا أثيوبيا، أعلنت حركة "الشباب" انشقاقها عن "الاتحاد" عام 2007، معتمدة العنف المسلح منهجًا لها في مواجهة الحكومات الصومالية المتعاقبة.

وكان لظروف الحرب الأهلية الصومالية والتدخلات الدولية، مع ما تحمله من مصاعب اجتماعية واقتصادية، دور في التفاف العديد من الشباب الصوماليين حول الحركة. فأعلنت إقامة إمارة إسلامية على امتداد عدة أقاليم، بما فيها العاصمة مقديشو.

استطاعت الحركة عبر مسيرتها من ضمّ عدد كبير من المقاتلين الأجانب إلى صفوفها، لا سيما وأنها أعلنت مبايعتها لزعيم تنظيم "القاعدة" آنذاك أيمن الظواهري عام 2012؛ مما أكسبها بعدًا دوليًا يتجاوز الحدود الصومالية.

ارتباط الحركة بتنظيمات الجهاد الدولية، وضعها على قوائم الإرهاب الأميركية، وتعرّضت بين عامي 2015 و2020 لحملات عسكرية عنيفة دفعتها إلى التراجع في عمق الأراضي الصومالية.

ورغم أنها شهدت مراحل صعود وهبوط على مدى العقدين الماضيين، إلا أن القضاء عليها استعصى على الحكومات الصومالية المتعاقبة، فهي ما زالت تحتفظ بمصادر التمويل القائمة على جبي الضرائب في منطقة تنشط فيها تجارة المخدرات والقرصنة الدولية، هذا فضلًا عن أنها تحظى بتأييد في بعض المناطق الريفية التي تشكّل ظهيرًا خلفيًا لها يمدّها بمسبّبات البقاء.

في هذا السياق، أوضح الباحث المختصّ في شؤون الحركات الجهادية في إفريقيا مصطفى زهران، أن التحوّلات التي تشهدها حركة "الشباب الصومالية" مرتبطة بتأثيرات صعود حركة "طالبان" في أفغانستان منذ عودتها للسلطة عام 2021.

وقال زهران في حديث لبرنامج "قضايا" من "العربي" من القاهرة: إن حركة "الشباب" اندفعت نحو تعزيز حضورها في جنوب ووسط الصومال، والانطلاق من هذه المناطق إلى العاصمة مقديشو، رغبة في إظهار أنها النموذج الأكثر تناسقًا مع "طالبان"، كما تسعى إلى تأصيل فكرة أنها باتت قريبة من السيطرة الكاملة على البلاد.

وأكد أن الحركة تستمدّ قوتها من عناصر عدة، منها سياقات سياسية واجتماعية واقتصادية وجغرافية تُشبه إلى حد كبير ما آلت إليه الأوضاع في أفغانستان.

وأشار إلى أن انتماءها الفكري "القاعدي" كان ميزة لديها مقارنة بتنظيم "الدولة"، وكذلك ارتباطاتها الإقليمية والجهوية والعشائرية في شرق إفريقيا، وطرحها قضايا مثل قضية سد النهضة وتيغراي، عزز وجودها ليس في البيئة الصومالية وحسب، بل أيضًا في إقليم شرق إفريقيا.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close