السبت 20 أبريل / أبريل 2024

حركة الفهود السود الأميركية في الجزائر.. كيف انضمت إلى مشهد التحرر؟

حركة الفهود السود الأميركية في الجزائر.. كيف انضمت إلى مشهد التحرر؟

Changed

"كنت هناك" يتناول نشاط حركة الفهود السود الأميركية في الجزائر
كان حزب الفهود السود الأميركي المعارض يمتلك فكرًا ثوريًا ضد العنصرية، ووجد ضالته في الجزائر التي كانت تلقب بمكة الثوار.

لم يجد حزب الفهود السود الأميركي الحرية في بلد الحرية الغربية، فعثر عليها في بلد عربي خرج لتوّه من بطش الاستعمار، فكانت له الجزائر في سبعينيات القرن الماضي الملاذ الآمن والوحيد هربًا من اضطهاد الأمن الأميركي.

كان حزب الفهود السود الأميركي المعارض يمتلك فكرًا ثوريًا ضد العنصرية، ومن أهدافه تحسين أوضاع المجتمع الأميركي من السود.

فوجد ضالة تلك الأفكار في الجزائر التي كانت تلقب بمكة الثوار التي استضافته ومنحته مقرًا خاصًا به على غرار حركات التحرر العالمية الأخرى التي كانت في البلاد.

الجزائر ملجأ للحركات التحررية

ويلفت المؤرخ ديلمي محمد الظاهر إلى أن تلك الفترة شهدت زخمًا تحرريًا في أميركا وأوروبا وإفريقيا، وشكّلت الجزائر ملجأ لها.

من جهته، يشير الكاتب والدبلوماسي الجزائري كمال بوشامة إلى أن المشاركة الجزائرية في الحركات التحررية كانت فعّالة وقوية أيام حرب التحرير، حيث استقبلت وفودًا كبيرة من الثوار الأفارقة.

1-	التقى الدكتور مارتن لوثر كينغ الابن بأحمد بن بلة أول رئيس للجزائر في نيويورك
التقى الدكتور مارتن لوثر كينغ الابن بأحمد بن بلة أول رئيس للجزائر في نيويورك

ويعتبر الكاتب والمؤرخ الدكتور سمير مغلي أن التاريخ الطويل والغني للتضامن السياسي بين الجزائريين والأفرو-أميركيين غير معروف كثيرًا، لكنه يشير إلى تاريخ موجود بالفعل من الدعم العملي والرمزي بين الثورة الجزائرية على وجه الخصوص من أجل الاستقلال عن فرنسا والنضال الأفرو-أميركي من أجل الحرية.

بداية التضامن بين الجزائريين والأفرو-أميركيين

ويقول: "بدأت اللحظات الأولى على الأقل خلال الحرب العالمية الثانية".

كان الجيش الجزائري مدربًا جيدًا وفعالًا للغاية واتخذ قرارًا سياسيًا باستخدام هذا التدريب وتلك المعلومات لمساعدة حركات التحرير الأخرى، بحسب مترجمة حركة الفهود السود الأميركية في الجزائر إلين مختفي.

وتقول: "لذلك خلال الحرب نفسها تم إرسال الناس من حركات تحرير مختلفة إلى الساحة الجزائرية والجيش للتدريب بما في ذلك أشخاص مثل نيلسون مانديلا".

وبحسب مغلي، كان هناك عدد من العلاقات الشخصية بين القادة من الأفرو-أميركيين والمناضلين الجزائريين.

وقد جصل لقاء بين الدكتور مارتن لوثر كينغ الابن مع أحمد بن بلة أول رئيس للجزائر عند قدومه إلى مدينة نيويورك من أجل عضوية الجزائر في الأمم المتحدة.

وكتب لوثر كينغ بعد اللقاء مقالًا في صحيفة نيويورك أمستردام وصف فيه حواره مع بن بلة، وقال: "إن بن بلة كان مدركًا جدًا للنضال الأفرو-أميركي".

فرانز فانون شخصية محورية

بدوره، يؤكد الباحث المهتم بأرشيف السينما الجزائرية نبيل جدواني أنه "توجد شخصية محورية لا يجب أن ننساها وهي فرانز فانون الطبيب والنفساني من جزر الأنتيل، المارتينيكي الأصل، الذي عمل في الجزائر وانضم فيما بعد إلى جبهة التحرير الجزائرية وأصبح سفيرها".

حظي فرانز فانون بتقدير كبير من قبل الفهود السود
حظي فرانز فانون بتقدير كبير من قبل الفهود السود

وقد حظي فرانز فانون بتقدير كبير من قبل الفهود السود، ومن أبرز كتبه "المعذبون في الأرض" و"بشرة سوداء أقنعة بيضاء".

كما كان لفيلم "معركة الجزائر"، دور مهم، وقد بدأ العمل فيه سنة 1965 من قبل المخرج الإيطالي جوليو بونتيكورفو.

وبحسب جدواني، يحكي الفيلم قصة معركة الجزائر التي بدأت في يناير/ كانون الثاني 1957، لكنه سلّط الضوء على مسار لابوانت.

وكان للفيلم تأثير خاص على حزب الفهود السود حيث اعتبر جزءًا من التثقيف السياسي لأعضائه، وفقًا للكاتب والمؤرخ مغلي.

المهرجان الثقافي الإفريقي

بدأت قصة الفهود السود والجزائر عام 1969 خلال مشاركته في المهرجان الثقافي الإفريقي، فكان صدفة إستراتيجية عرّفت أعضاء الحزب على ساحة مضمونة للدفاع عن أفكارهم، فشجّعتهم في عام 1970 على افتتاح قسم دولي لهم في العاصمة الجزائرية، بعد أربعة أعوام من تأسيسه في مدينة كاليفورنيا.

بدأت قصة الفهود السود والجزائر عام 1969 خلال مشاركته في المهرجان الثقافي الإفريقي
بدأت قصة الفهود السود والجزائر عام 1969 خلال مشاركته في المهرجان الثقافي الإفريقي

وقد حدث المهرجان في خضم النضالات المستمرة ضد الاستعمار في إفريقيا، وفي ذروة حركة القوة السوداء في الولايات المتحدة.

وشارك في المهرجان عدد من الحركات التحريرية منها المؤتمر الإفريقي لجنوب إفريقيا والحركة الشعبية لتحرير أنغولا.

وكان من بين أعضاء الفهود السود الذين شاركوا في المهرجان، إيمري دوغلاس الذي كان وزيرًا للثقافة، إضافة إلى المغنية الناشطة نينا سيمون والموسيقي في فن الجاز أرشي شيب وديفيد بوريل وغيرهم. 

الهروب من القمع الأميركي

وعن تلك الفترة، يستذكر الباحث والمؤرخ ديلمي محمد الطاهر أنه كان طالبًا جامعيًا وكانت الجزائر تعج بمختلف الحركات والتيارات السياسية، وقد جاء الفهود السود هربًا من القمع الأميركي ضد السود بمختلف أشكاله.

هرب المتحدث باسم الفهود السود إلدريدج كليفر من الولايات المتحدة الأميركية إلى كوبا برفقة زوجته، وفي عام 1959، وبعد نحو خمسة أشهر على وجوده في كوبا سرًا، جاء من هافانا.

إلدريدج كليفر من الولايات المتحدة الأميركية إلى كوبا ثم إلى الجزائر
إلدريدج كليفر من الولايات المتحدة الأميركية إلى كوبا ثم إلى الجزائر

ثم قدم كليفر إلى الجزائر التي فتحت بابها على مصراعيه، وعاد إلى الظهور علنًا لأول مرة منذ عدة أشهر في صيف عام 1969 وانضمت إليه زوجته الحامل كاثلين كليفر.

وقد حصل الفهود السود على دعم الجزائر فمنحتهم مراكز ورواتب وقدرات اتصال سلكية ولاسلكية، إضافة إلى أوراق تمكنهم من السفر إلى الخارج.

وفي ذلك الوقت، أوقفت الجزائر العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، حيث لم تكن هناك سفارة لواشنطن بل كان هناك ممثلون للأفرو-أميركيين في الجزائر العاصمة، بحسب جدواني.

اختطاف طائرتين

 في عام 1972، تم خطف طائرتين أميركيتين من قبل أشخاص مرتبطين بالفهود السود، وطلبوا فدية بقيمة مليون دولار.

وعندما وصلت الطائرتان إلى الجزائر أراد الخاطفون إعطاء الفدية للفهود السود، لكن الجزائر أعادت الطائرتين والمبلغ المالي إلى شركات الطيران.

ومنذ ذلك الوقت بدأت الأمور بالتعقيد، حيث كان من غير المعقول أن تعيد الجزائر أموال الفدية إلى الولايات المتحدة الأميركية بالنسبة لكليفر.

وكتب الفهود السود رسالة مفتوحة إلى رئيس الجزائر هواري بومدين واتهموه بإدارة ظهره لهم، وهو ما جعل وضعهم في الجزائر حرجًا للغاية.


المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close