تتسارع التطورات في أفغانستان، مع إعلان حركة طالبان "تفرّغها" لتشكيل الحكومة، عقب تأكيدها "سيطرتها" على كامل أنحاء البلاد، وتجاوزها بالتالي ما وُصِفت بـ"العقبة" في وادي بنجشير.
جاء ذلك بعدما أعلنت حركة طالبان، أمس الإثنين، أنّها سيطرت بالكامل على ولاية بنجشير، آخر جيب في أفغانستان استعصى عليها منذ بدأت حملتها العسكرية قبل نحو ثلاثة أشهر.
وفي أول ردّ فعل، قال أحمد مسعود، زعيم ما يُعرَف بجبهة المقاومة الوطنية: إنّ المعركة لم تنتهِ، وإنّه سيقف مع كلّ من يرفع صوته أو يحمل السلاح في وجه طالبان. ودعا المجتمع الدولي إلى عدم الاعتراف بحكومة طالبان المقبلة.
وجرت معارك وادي بنجشير بعيدًا عن الأضواء في واحدة من أصغر ولايات البلاد، لكنّها جلبت اهتمام العالم، بعدما حاصرتها طالبان وقطعت عنها الإمدادات والكهرباء والاتصالات لعدّة أيام، حتى سقطت.
لماذا تأخّر تشكيل الحكومة الأفغانية؟
في غضون ذلك، نفى المتحدّث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد أن يكون سبب التأخّر في تشكيل الحكومة خلافات داخلية أو تدخلات خارجية كما يتمّ تداوله من قبل البعض.
وقال مجاهد: "لن نسمح لأي طرف خارجي أن يضغط علينا. الأفغان أحرار في دولة حرّة والحكومة ستكون متحرّرة من الإملاءات".
ويترقّب العالم هذه الحكومة، حيث يريد الغرب أن يختبر تعاملها مع ملفّات الإرهاب وحقوق الإنسان وقضايا المرأة، وينتظرها الأفغان أكثر، في ظلّ واقع يزداد صعوبة يوميًا.
بلينكن وأوستن في الدوحة
وفي سياق التحركات الدبلوماسية والسياسية، استقبل أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن في قصر اللؤلؤة في الدوحة.
وناقش الجانبان خلال لقائهما آخر المستجدات الإقليمية والدولية، لا سيما تطورات الأوضاع في أفغانستان والجهود المبذولة لتعزيز الأمن والاستقرار فيها.
وأثنى الوزيران على الجهود التي تضطلع بها دولة قطر في دعمها لعملية السلام في أفغانستان، ودورها المحوري في تسهيل عمليات إجلاء المواطنين الأميركيين ومواطني الدول الحليفة والمتعاونين الأفغان.
سمو الأمير المفدى يستقبل سعادة أنتوني بلينكن وزير الخارجية، وسعادة لويد أوستن وزير الدفاع بالولايات المتحدة الأمريكية الصديقة في قصر اللؤلؤة مساء اليوم. https://t.co/cb1Ir0reP5 pic.twitter.com/X9VBxUEhiZ
— الديوان الأميري (@AmiriDiwan) September 6, 2021
هل انتهت الحرب فعلًا؟
ويرى الكاتب الصحفي صبغة الله صابر أنّ الشعب الأفغاني يتطلع إلى أن تضع الحرب أوزارها، لكنّه يعرب عن اعتقاده بأنّ الأيام المقبلة "ستثبت" ما إذا كان ذلك قد حصل فعلًا.
ويلفت صابر، في حديث إلى "العربي"، من كابل، إلى أنّ مسعود الابن لا يزال يتوعّد بأنّ المقاومة مستمرة وهو موجود داخل وادي بنجشير.
ويشير إلى أنّ من يعرف طبيعة وادي بنجشير يعرف جيّدًا أنّ القضاء على أي مقاومة داخل هذه الوديان صعب للغاية.
"امتحان كبير" لحركة طالبان
ويعرب صابر بأنّ التركيز من قبل حركة طالبان سيكون في الأيام المقبلة على المشهد السياسي وإعلان الحكومة الجديدة.
ويوضح أنّ حركة طالبان كانت تتطلع إلى أن تعلن الحكومة وجميع ولايات أفغانستان في يدها، وقد تحقّق هذا الواقع الآن، وتمّ تجاوز عقبة أساسية أمام تشكيل الحكومة.
ويشير إلى أنّ العقبة الثاني في وجه إعلان الحكومة هو تشغيل مطار حامد كرزاي الدولي والعمل على ذلك جار على قدم وساق.
ويخلص إلى أنّ الشعب الأفغاني ينتظر إعلان الحكومة لا سيما أنّ تفاقم الوضع المعيشي يرتبط بشكل كبير بالمشهد السياسي.
ويشدّد على أنّ حركة طالبان أمام امتحان كبير علمًا أنّ المجتمع الدولي ينتظر سلوكها في الفترة المقبلة.