حظر السفر الأميركي الجديد.. ما هو موقف الجالية العربية في ميشيغان؟
مرة أخرى، أدى قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بحظر السفر إلى الولايات المتحدة من بعض البلدان إلى تدهور العلاقات مع الناخبين العرب الأميركيين في ولاية ميشيغان والتي سعى ترمب إلى التوغّل فيها خلال انتخابات عام 2024.
وتُذكّر هذه القيود التي دخلت حيّز التنفيذ الإثنين الماضي، بتلك التي فرضها ترمب خلال ولايته الأولى والتي أصبحت معروفة للكثيرين باسم "حظر المسلمين".
وشكّلت هذه القيود صدمة خاصة للعديد من الأميركيين اليمنيين في منطقة ديربورن، الذين فوجئوا بوجود بلدهم على القائمة الجديدة التي أصدرها ترمب والتي تحظر السفر إلى الولايات المتحدة على مواطني 12 دولة مختلفة، معظمها في إفريقيا والشرق الأوسط.
ورغم أنّ القرار قد لا يُثير الاحتجاجات نفسها التي اندلعت عام 2017، إلا أنّ العديد من الأميركيين اليمنيين والعرب في هذه الولاية المتأرجحة المهمة يرون فيه إساءة أخرى تُسهم في استياء كبير من كلا الحزبين السياسيين الرئيسيين في الولايات المتحدة.
ووصف والي الطهيف وهو ناشط محلي يدافع عن حقوق اليمنيين وغيرهم من المهاجرين في حديث لوكالة "أسوشييتد برس"، قرار ترمب بـ"التطهير والتمييز الانتقائي والعقاب الجماعي"، سائلًا: "هل هذه مكافأة للمجتمع الذي تحدّى الجميع وصوّت لترمب؟".
وتُعدّ ميشيغان موطنًا لإحدى أكبر الجاليات العربية الأميركية في الولايات المتحدة، ويتركز معظمها في منطقة ديترويت الحضرية.
وكانت الولاية بؤرة غضب تجاه الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس بسبب دعم إدارتهما لحرب الإبادة الجماعية على غزة، وهو ما أثار تحوّلًا تاريخيًا بعيدًا عن الحزب الديمقراطي.
ومع تاريخ سياسة ترمب وخطابه، بما في ذلك القيود المفروضة على السفر من سبع دول ذات أغلبية مسلمة خلال فترة ولايته الأولى، فإن القيود الجديدة والغضب إزاء الخسائر في غزة تركت العديد من الناخبين العرب الأميركيين يشعرون بأنّ الحزبين الأميركيين الرئيسيين (الديمقراطي والجمهوري) فشلا في تحقيق رغباتهم.
تغيير جذري في ديربورن
ففي انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أصبح ترمب أول مرشّح رئاسي جمهوري يفوز بمدينة ديربورن منذ عام 2000، والتي تُعتبر أكبر مدينة ذات أغلبية عربية في أميركا. وحينها، زار ترمب المنطقة قبل أيام من الانتخابات، وقام بحملة انتخابية في مقهى محلي متعهّدًا بجلب السلام إلى الشرق الأوسط.
ويُشكل الأشخاص من أصل عربي حوالي نصف سكان ديربورن البالغ عددهم 110 آلاف نسمة، ويُشكّل اللبنانيون واليمنيون والعراقيون أكبر الجنسيات العربية فيها.
وصوّت العديد من الأميركيين اليمنيين في منطقة ديترويت الكبرى لترمب في انتخابات 2024 بعد تعهّداته بالسلام، والتي جاءت في وقت يشهد الشرق الأوسط صراعًا واسع النطاق وعدم استقرار.
لكن في الأشهر الأولى من تولي ترمب منصبه، قصفت الولايات المتحدة "جماعة الحوثي"، في حملة استمرّت شهرين وانتهت باتفاق وقف إطلاق النار في مايو/ أيار الماضي.
وقال رشيد النزيلي، ناشر صحيفة "Yemeni American News" الإخبارية الإلكترونية والمطبوعة ومقرّها ديربورن: إنّ حظر السفر لن يؤدي إلا إلى "وصم الجاليات اليمنية والعربية في أميركا وتأجيج الإسلاموفوبيا، وليس مكافحة الإرهاب".
ويتوقّع الطهيف أن يُصعّب قرار ترمب لمّ شمل العائلات التي فرّقتها المسافات، مشيرًا إلى أن الأمر استغرق 5 سنوات حتى تحصل زوجته على تأشيرة للانضمام إليه للعيش في الولايات المتحدة عام 2024.
قلق واسع النطاق
ويتردّد كثيرون في المجتمع العربي الأميركي في الحديث علنًا عن قيود السفر الجديدة خوفًا من الانتقام، حتى لو كانوا مواطنين أميركيين أو حاملي البطاقة الخضراء. كما يتردّد آخرون في مغادرة البلاد خوفًا من قيام حرس الحدود بتأخيرهم عند عودتهم إلى ديارهم. وهو أمرٌ أفاد العرب والمسلمون الأميركيون بتعرضهم له بالفعل في المطارات.
وفي هذا الإطار، قال أمير مقلد المحامي المتخصّص في الحقوق المدنية من ديربورن: إنّ القيود كانت "مُخيفة بنفس القدر" للمسافرين المسلمين مقارنةً بسياسة عام 2017.
وأشار إلى أنّه تلقّى عدة مكالمات من أشخاص قلقين من احتمال احتجازهم عند عودتهم إلى الولايات المتحدة، حتى لو كانوا مواطنين أو مقيمين قانونيين.
وأوضح أنّ "الناس بشكل عام يختارون عدم السفر، حتى عندما يكون لديهم الحق القانوني في القيام بذلك".
كيف يؤثر ذلك على الانتخابات المقبلة؟
وفي الانتخابات الرئيسية المقبلة عام 2026، يتعيّن على كلا الحزبين السياسيين الرئيسيين جذب المجتمعات العربية والإسلامية في منطقة ديترويت. ومع وجود سباقات مفتوحة لمنصب الحاكم ومقعد في مجلس الشيوخ الأميركي، فإن بضعة آلاف من الأصوات قد تقلب ميزان القوى في لانسينغ والكونغرس.
وقال بيتر ترامبور رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة أوكلاند: "أعتقد أنّ المكان الذي يستقرّ فيه هؤلاء الناخبون سيُحدث فرقًا فيما يتعلّق بمن سينتهي به الأمر على المقاعد الانتخابية".
من جهته، قال الطهيف: إنّ الحرب على غزة أبعدت الأميركيين اليمنيين عن الحزب الديمقراطي، بينما لم يفِ ترمب بوعده بإنهاء الحرب.
وأشار الطهيف إلى أنّه بينما عارض الديمقراطيون في ميشيغان حظر السفر بشدة، إلا أنّ الجمهوريين لا يفعلون الشيء نفسه.
وفي ديربورن، وصف أسامة السبلاني ناشر صحيفة "Arab American News"، حظر السفر بأنّه إجراء تنفيذي "عنصري" لا يُجدي نفعًا في اليمن والسودان اللذين مزّقتهما الحرب.
وأكد السبلاني أنّ خيبة أمل الناخبين العرب الديمقراطيين والجمهوريين قد تدفعهم للبحث عن خيار ثالث.
وقال: "أستطيع أنّ أرى أن هناك رغبة أو حاجة في مجتمعاتنا للتصويت لمرشّح مستقل".