الأحد 21 أبريل / أبريل 2024

حقيقة السلام ووهمه.. هل كان "كامب ديفيد 2" فرصة ضائعة؟

حقيقة السلام ووهمه.. هل كان "كامب ديفيد 2" فرصة ضائعة؟

Changed

ناقشت حلقة "قراءة ثانية" تفاصيل محادثات كامب ديفيد الثانية بين الفلسطينيين والإسرائيليين وقدمت قراءة في مدى وجاهة اعتبارها فرصة ضائعة للسلام.
شكّل اقتراب نهاية ولاية الرئيس الأميركي بيل كلينتون عاملًا ضاغطًا عليه لدفع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للتوصل إلى اتفاق.

وُصفت محادثات كامب ديفيد الثانية بين الإسرائيليين والفلسطينيين التي عقدت في المزرعة الرئاسية الأميركية في ولاية ماريلاند في يوليو عام 2000 بأنها "فرصة السلام الضائعة".

هذا الوصف قدمه رئيس فريق المفاوضين الأميركيين دنيس روس في كتابه "السلام الضائع" الذي حمّل فيه الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني المسؤولية.

غير أن الرواية الإسرائيلية التي روج لها الإعلام الغربي حملت الفلسطينيين مسؤولية الفشل. 

فقد روجت أطرف أميركية وإسرائيلية بأن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات هو سبب ضياع السلام بعد المفاوضات. ووفق هذه الرواية فإن "عرفات كان حجر عثرة أمام الوصول إلى اتفاق تاريخي قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود باراك وفرصة لن تتكرر للفلسطينيين".

وراجت رواية المحتل ونشرتها وسائل إعلام غربية مقروءة ومرئية ولم يستطع الجانب الفلسطيني مجاراتها.

فقد شهد عام 1999 وصول إيهود باراك إلى سدة الحكم في إسرائيل وكانت التسوية السلمية للملفين الفلسطيني والسوري جزءًا من حملة إعلامية روج لها وذلك بعد إقصاء حكومة اليمين برئاسة بنيامين نتنياهو الذي وقعت في عهده "انتفاضة النفق".

وبدا باراك يقدم نفسه كشخص جاد لتحقيق السلام وإحياء ملفات الوضع النهائي المتعثرة مع الفلسطينيين والخروج من حالة الجمود السياسي التي رافقت المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية عبر 6 سنوات منذ نشأة السلطة الفلسطينية عام 1994.

"ذاهبون إلى معركة قاسية"

وشكل اقتراب نهاية ولاية الرئيس الأميركي بيل كلينتون عاملًا ضاغطًا عليه لدفع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للتوصل إلى اتفاق فضلًا عن رغبته بتحسين صورته بعد فضيحة مونيكا لوينسكي أواخر عام 1998.

وفي 15 حزيران من عام 2000، دعا كلينتون عرفات إلى واشنطن لإقناعه بحضور قمة كامب ديفيد المرتقبة، وتعهد الرئيس الأميركي بأن باراك سينفذ ما يلتزم به.

وافق عرفات، وقبل سفره دعا المجلس المركزي الفلسطيني للانعقاد في 2 يوليو/ تموز من العام 2000 حيث قال: "نحن ذاهبون إلى معركة قاسية وسأخوضها أنا وإخواني باسمكم جميعًا. حقوقنا معروفة ولن نحيد عنها. لا ياسر عرفات ولا أي زعيم فلسطيني أو عربي يمكنه التنازل عن الحقوق الفلسطينية في القدس وحق اللاجئين في العودة".

وفي 11 يوليو من العام 2000 انعقدت قمة كامب ديفيد في ولاية ميريلاند الأميركية كونها استضافت كامب ديفيد الأولى بين مصر وإسرائيل، وتحظى بحماية أمنية كبيرة، وتم منع الاتصالات الخارجية عن الطرفين إلا في حالات خاصة وبإذن مسبق.

واستمرت القمة 14 يومًا ودارت بين مد وجزر حول القضايا الأساسية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ومنها القدس واللاجئون والحدود والمياه والأمن.

"فرصة ضائعة للإسرائيليين"

وفي هذا الإطار، رأى الباحث والأكاديمي الفلسطيني كميل منصور أن الفرصة كانت ضائعة بالنسبة للإسرائيليين وليس الفلسطينيين.

وشرح في حديث إلى "العربي" من باريس أن الجانب الإسرائيلي أضاع فرصة ذهبية خلال مفاوضات كامب ديفيد 2 لأنه كان من الممكن جدًا التوصل لاتفاق لو كانت المواقف الإسرائيلية إيجابية أكثر.

وذكر بما حصل في الأشهر التي سبقت مفاوضات كامب ديفيد وقال: "في المفاوضات السرية في ستوكهولم أو العلنية داخل فلسطين، أعطى الفلسطينيون مواقفهم التفصيلية بالنسبة إلى جميع القضايا المتمثلة بالقدس واللاجئين والمستوطنات والعلاقات المستقبلية والحدود".

وأضاف: "أما بالنسبة للإسرائيليين فكانوا يعرضون فقط فكرة اتفاق إطار وليس اتفاقًا تفصيليًا".

وحول أهمية وجود اتفاق تفصيلي، يوضح منصور أن الفلسطينيين لاحظوا منذ اتفاق أوسلو أن الإسرائيليين يكتفون بكلمات عامة ويرفضون الدخول في تفاصيل الاتفاق وفي مواعيد محددة، لافتًا إلى أن هذه المشكلة الكبرى التي عانى منها الفلسطينيون.

ويشير إلى أنه قبيل قمة كامب ديفيد عبرت القيادة الفلسطينية عن شكها بإمكانية نجاح القمة لأن مواقف الطرفين كانت متباعدة في جميع القضايا.

"باراك كان يحمل مشروعًا جاهزًا"

الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي رأى أن الفشل الذي حصل في كامب ديفيد 2 كان سببه الإسرائيليين وكان مخططًا له منذ البداية.

وأشار في حديث إلى "العربي" من رام الله إلى أن الدليل على ذلك هو أن الجانب الفلسطيني وخاصة الراحل ياسر عرفات حاول أن يقاوم عقد هذا الاجتماع لأن الفلسطينيين كانوا يعرفون أن الجانب الإسرائيلي ليس جاهزًا وأن الوضع ليس حاضرًا لإنهاء كل هذه الملفات بسبب المماطلة الإسرائيلية منذ توقيع اتفاق أوسلو.

وقال إن "الفلسطينيين ذهبوا إلى كامب دايفيد تحت الضغط الأميركي وأجبروا على المشاركة في القمة، وعندما وصولوا إلى هناك لاحظوا عزل الوفد الفلسطيني ومنعه من التواصل واستخدام دول عربية للضغط على الوفد، وعدم مشاركة إيهود باراك في المفاوضات خلال الجلسات لأنه كان يحمل مشروعًا جاهزًا يسعى للحصول على موافقة عليه".

واعتبر أن موضوع القدس وملف المسجد الأقصى هو ما فجر الوضع برمته لأن طرح باراك الذي تبناه كلينتون كان يقضي بتقاسم المسجد الأقصى مع الإسرائيليين والتنازل عن السيادة الفلسطينية على القدس.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close