الأحد 13 تموز / يوليو 2025
Close

حكاية معبر رفح.. كيف ولماذا نشأت نافذة الغزّيين الوحيدة على الخارج؟

حكاية معبر رفح.. كيف ولماذا نشأت نافذة الغزّيين الوحيدة على الخارج؟ محدث 01 شباط 2025

شارك القصة

يعتزم الاتحاد الاوروبي نشر بعثته للمراقبة الحدودية قريبا في معبر رفح-غيتي
يعتزم الاتحاد الاوروبي نشر بعثته للمراقبة الحدودية قريبا في معبر رفح - غيتي
الخط
بعد إخلاء شبه جزيرة سيناء من الإسرائيليين عام 1982 تنفيذًا لاتفاقية السلام بين مصر وسرائيل (كامب ديفيد) أُنشىء معبر رفح لتنظيم حركة الأفراد والبضائع.

منذ اليوم الأول من العدوان الإسرائيلي واسع النطاق على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، قيّدت السلطات المصرية دخول الغرّيين إلى أراضيها عبر معبر رفح، وهو النافذة الوحيدة للغزّيين على العالم الخارجي، والوحيد الذي يربط قطاع غزة بمصر.

كما أغلقت المعبر في وجه شاحنات المساعدات الإنسانية إلا باستثناءات نادرة، وبترتيبات معقّدة. لكن ما هو ممنوع في العلن كان مسموحًا في السر، ما جعل من عبور المدنيين الغزّيين إلى الأراضي المصرية، تجارة رائجة ينتفع منها ضبّاط مصريون يعملون في منطقة محافظة شمال سيناء التي تقع ضمنها معبر رفح. 

وشملت هذه التجارة السوداء آخرين يعملون في معبر رفح نفسه، ينسق معهم سماسرة عبور على الجانب الغزّي يتمتعون بعلاقات جيدة مع نظرائهم على الجانب المصري.

كانت تعرفة الخروج للفرد الواحد من قطاع غزة، تبلغ نحو 5 آلاف دولار، وترتفع بحسب الحالة والظروف التي ترافقها إلى 10 آلاف دولار، تُدفع من خلال وسطاء في قطاع غزة يدفعونها إلى أصحاب القرار على الجانب المصري، لتسهيل عبور المضطرين من الجرحى خلال العدوان الإسرائيلي، أو الطلاب الذين انقطعوا عن دراستهم الجامعية في الخارج، أو أفراد بعض العائلات الميسورة الذين يريدون تجنب الموت أو الإصابة خلال العدوان.

وبحسب مصادر مصرية فقد دخل نحو 10 آلاف شخص من غزة إلى الأراضي المصرية من خلال معبر رفح منذ بدء الحرب في أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حتى فبراير/ شباط 2024، بينما يُعتقد ان الرقم تضاعف مرتين على الأقل مع نهاية العام، من دون وجود أي إحصائيات رسمية بسبب ظروف العدوان، والتكتم المصري الرسمي على تجارة العبور السوداء.

يسمح بعبور جرحى ومرافقيهم إلى مصر عبر معبر رفح وفق اتفاق وقف النار-غيتي
يسمح بعبور جرحى ومرافقيهم إلى مصر عبر معبر رفح وفق اتفاق وقف النار-غيتي

كيف ينتقل الغزيون إلى الخارج؟

يتساءل كثيرون ممن لا يعرفون تعقيدات الأوضاع في قطاع غزة سياسيًا وإداريًا، عن كيفية انتقال الغزّيين إلى الخارج قبل العدوان الإسرائيلي الأخير، وهو ما يحتاج إلى عودة موجزة إلى التاريخ القريب. 

في الواقع، كان قطاع غزة تحت الإدارة العسكرية المصرية من الفترة ما بين عام 1948، وهو عام ما تسمى "النكبة الفلسطينية"، إلى عام 1967 الذي احتلت فيه إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة. 

وخلال هذه الفترة (1948-1967) لم يكن سفر الغزّيين إلى جوارهم المصري للدراسة أو التجارة وما سواهما من أهداف، يكتنفه كل هذا التعقيد، فقد كان يتم  عبر شبه جزيرة سيناء، وبعد الحصول على تصريح من السلطات المصرية، أو مكتب الحاكم العسكري في غزة، بل إن السلطات المصرية شغلّت في تلك الفترة سكة حديد تصل مدينة غزة بالقاهرة، لنقل من تسمح لهم دخول البلاد. 

بحسب مصادر مصرية فقد دخل نحو 10 آلاف شخص من غزة إلى الأراضي المصرية من خلال معبر رفح منذ بدء الحرب في أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حتى فبراير/ شباط 2024

تغيّر الوضع بعد احتلال قطاع غزة عام 1967 وإعلانه إسرائيليًا منطقة عسكرية مغلقة، لا يسمح بالخروج منها من دون إذن من قائد المنطقة. 

وبعد ذلك بخمسة أعوام، مُنح سكان قطاع غزة تصريحًا عامًا يتيح لهم الخروج إلى إسرائيل والضفة الغربية، وبقي الوضع على هذه الحال حتى عام 1991، وكان على كل من يرغب بمغادرة القطاع إلى الخارج الحصول على تصريح للخروج من السلطات الإسرائيلية.

تعقيدات سياسية وبيروقراطية ترافق خروج الغزّيين من معبر رفح الى مصر-غيتي
تعقيدات سياسية وبيروقراطية ترافق خروج الغزّيين من معبر رفح الى مصر-غيتي

متى ولماذا أنشئ معبر رفح؟

بعد إخلاء شبه جزيرة سيناء من الإسرائيليين عام 1982 تنفيذًا لاتفاقية السلام بين مصر وسرائيل (كامب ديفيد) أُنشئ معبر رفح لتنظيم حركة الأفراد والبضائع بين قطاع غزة ومصر، على أن تديره هيئة المطارات الإسرائيلية التي ظلت تقوم بهذه المهمة حتى سبتمبر/أيلول عام 2005، حين انسحبت إسرائيل من قطاع غزة. 

انتقلت إدارة المعبر إلى السلطة الفلسطينية بموجب اتفاقية مع إسرائيل، وبالاستعانة ببعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية التي بدأت العمل في المعبر في نوفمبر/ تشرين الثاني 2005، وانتهت مهمتها في يونيو/ حزيران 2007، عندما انتقلت إدارة قطاع غزة إلى حركة حماس.

وبحسب اتفاقية المعابر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية المبرمة عام 2005، فإنه يتم فتح معبر رفح وفق معايير دولية، وبوجود طرف ثالث، مع قيام السلطة الفلسطينية بتشغيله من الجانب الغزّي ومصر من جانبها.

وتنص الاتفاقية على أن ينحصر استخدام معبر رفح "في حاملي بطاقة الهوية الفلسطينية مع استثناء شرائح متفق عليها، ومع إشعار مسبق للحكومة الإسرائيلية وموافقة الجهات العليا في السلطة الفلسطينية".

وبحسب الاتفاقية، فإن السلطة الفلسطينية "تعمل على منع عبور السلاح أو المواد المتفجرة عبر رفح". وفيما يتعلق بالطرف الثالث، فإنه يتطلع لضمان "اتباع الإجراءات الصحيحة"، بحسب الاتفاقية.

الحدود بين قطاع غزة ومصر حيث بنت السلطات المصرية جدارا عازلا-غيتي
الحدود بين قطاع غزة ومصر حيث بنت السلطات المصرية جدارا عازلا-غيتي

اقتحام معبر رفح وتهديدات أبو الغيط

بعد سيطرة حماس على قطاع غزة وانتهاء عمل البعثة الأوروبية ظلّ معبر رفح مغلقًا، ومع اشتداد الحصار على القطاع والنقص الحاد في الإمدادات الغذائية والوقود، بدأت أحوال سكان القطاع المعيشية بالتدهور، ما تسبب في أكبر عملية اقتحام للحدود عرفتها المنطقة.

ففي يناير/ كانون الثاني عام 2008 اقتحم مئات الغزّيين معبر رفح، وما هي إلا ساعات حتى بدأ الآلاف من سكان غزة بدخول الأراضي المصرية، وقَدّرت مصادر أممية عدد هؤلاء بنحو مليون ونصف المليون غزّي قطعوا المعبر باتجاه مصر باحثين عن الغذاء والإمدادات. 

وتوعد وزير الخارجية المصري (آنذاك) أحمد أبو الغيط الغزّيين بالعقاب في حال تكرّر اقتحامهم، وقال إن بلاده "لن تسمح باقتحام حدودها ثانية"، وإن "كل من يعبر خط الحدود سنكسر رجله".

بحسب اتفاقية المعابر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية المبرمة عام 2005، فإنه يتم فتح معبر رفح وفق معايير دولية، وبوجود طرف ثالث، مع قيام السلطة الفلسطينية بتشغيله من الجانب الغزّي ومصر من جانبها

أعيد إغلاق المعبر بعد ذلك ولم يتم فتحه بشكل دائم إلا في مايو/أيار 2011، في عهد الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، واستمر الوضع على هذه الحال حتى الانقلاب العسكري، حيث أعيد إغلاق المعبر أغلب الوقت وتم بناء جدار عازل مصري.

والإثنين الماضي 27 يناير/كانون الثاني أعلنت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي وافقوا على نشر بعثة الاتحاد للمساعدة الحدودية في معبر رفح اعتبارًا من فبراير، بعد توقف لأكثر من 18 عامًا. 

عام 2008 اقتحم الغزّيون معبر رفح ودخل مليون ونصف مليون منهم الى مصر-غيتي
عام 2008 اقتحم الغزّيون معبر رفح ودخل مليون ونصف مليون منهم الى مصر-غيتي

عودة البعثة الأوروبية

وكشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن الاتحاد الأوروبي سيُرسل نحو 100 ضابط حدودي، بالإضافة إلى كلاب مدربة، للإشراف على إدارة المعبر. وسيتم تعزيز الأمن بوجود حراس لحماية الضباط الأوروبيين، بينما ستتولى السلطة الفلسطينية توفير ضباط لمراقبة الحدود.

وقال مسؤول أوروبي كبير إن البعثة الأوروبية ستلعب دورًا محوريًا في المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، ما سيسمح بخروج نحو 200 فلسطيني يوميًا من غزة إلى مصر، معظمهم من الجرحى ومرافقيهم. كما ستُجرى فحوصات أمنية دقيقة للمارّين عبر المعبر، تشمل التحقق من الهويات وضمان عدم حملهم أسلحة.

وينص اتفاق وقف النار بين حماس وإسرائيل الذي دخلت مرحلته الأولى حيز التنفيذ في 19 يناير/ كانون الثاني على دخول 600 شاحنة من المساعدات الإنسانية للقطاع بشكل يومي، وفتح معبر رفح بعد 7 أيام من تطبيق الاتفاق.

ووفق مصدر فلسطيني، فإن الاتفاق يقضي بإعادة فتح المعبر في اليوم السابع من المرحلة الأولى للاتفاق، وإن حركة مرور الأفراد من المعبر ستكون في اتجاه واحد فقط (إلى خارج القطاع) خلال المرحلة الأولى من الاتفاق، ي حين ترتبط عودة العالقين في الخارج إلى القطاع بدخول الاتفاق مرحلته الثانية.

وتقتصر الفئات التي سيسمح لها بمغادرة معبر رفح يوميًا على 50 ممن أصيبوا خلال الحرب، يرافق كل منهم 3 أشخاص بمجموع كلي 150 مسافرًا، بالإضافة إلى 50 مريضًا بحاجة للعلاج خارج قطاع غزة يرافق كل منهم شخص واحد فقط، ليصبح عددهم 100 مسافر، علاوة على 50 آخرين تحت مسمى حالات إنسانية.

تابع القراءة

المصادر

خاص موقع التلفزيون العربي