أعلنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مساء الإثنين، أنها تسلمت مقترحًا من الوسطاء بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدة أن "قيادة الحركة تدرس بمسؤولية وطنية عالية" المقترح الجديد.
وقالت حركة حماس في بيان، إنّها "ستقدم ردّها في أقرب وقت، فور الانتهاء من المشاورات اللازمة بشأنه"، مجددة تأكيدها على موقفها بضرورة أن يحقق أي اتفاق قادم مطالبها المتعلقة بوقف العدوان الإسرائيلي.
وأضافت الحركة: "موقفنا ثابت من ضرورة أن يحقق أي اتفاق قادم وقفًا دائمًا لإطلاق النار وانسحابًا كاملًا للاحتلال من قطاع غزة"، مؤكدة أن "أي اتفاق قادم يجب يتضمن صفقة تبادل حقيقية ومسارًا جادًا لإعادة الإعمار ورفع الحصار عن شعبنا في غزة".
وكان وفد حركة حماس قد غادر القاهرة من دون تحقيق تقدم، بعد انتهاء جولة مباحثات جديدة لوقف إطلاق النار في غزة.
وشددت حماس على ضرورة أن يؤدي أي اتفاق إلى وقف الحرب على القطاع، مبدية مرونة فيما يتعلق بعدد المحتجزين الذين يمكن أن تفرج عنهم، ومتهمة إسرائيل بتعطيل الاتفاق.
تصعيد في ظل المفاوضات
في المقابل، ترد حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتصعيد هجماتها في قطاع غزة، وبتوسيع المنطقة العازلة على حدود القطاع.
وتتحدث وسائل إعلام إسرائيلية عن مفاوضات بشأن صفقة جزئية لإطلاق نحو عشرة من المحتجزين الأحياء وآخرين أموات، مقابل إطلاق مئات الأسرى الفلسطينيين وإدخال المواد الإنسانية، وضمانات أميركية بأن تدخل إسرائيل في مفاوضات بشأن المرحلة الثانية.
وفي الأثناء، يزداد الحراك الدبلوماسي الداعي إلى وقف الحرب، على وقع تصاعد حدة الاحتجاجات في تل أبيب، المطالبة بعقد صفقة لإعادة المحتجزين بغزة حتى ولو على حساب وقف الحرب.
وبينما طالب بيان قطري مصري بإنهاء الحرب وإيصال المساعدات، قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس بدورها، إن "من حق إسرائيل الدفاعَ عن نفسها لكن ما يحدث حاليًا يتجاوز الدفاع عن النفس".
حماس تحتاج "ضمانات حقيقية"
وفي هذا الإطار، يرى رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي أن المعضلة الأساسية ليست شرطًا جديدًا من حماس، وإنما تتمثل في أن الحركة لم تتحصل على ضمانات حقيقية وكافية -خاصة من الولايات المتحدة- يمكن أن تدفعها إلى إبرام هدنة جديدة.
وبشأن الضغط الأميركي على إسرائيل، يعتقد الشوبكي في حديثه للتلفزيون العربي من الخليل، أن أكثر ما يخيف حماس هو الحديث عن ضغوط أميركية على إسرائيل، موضحًا أن الحركة لديها تجربة سابقة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهو الذي منح إسرائيل الضوء الأخضر لاستئناف العدوان بعد سيران اتفاق وقف إطلاق النار.
ويضيف الشوبكي أن حماس تقرأ ذلك على أنه ضغط أميركي مؤقت من أجل الوصول إلى وقف إطلاق نار مؤقت، حتى تكسب إدارة ترمب الوقت لإدارة ملفات عديدة بالمنطقة تخدم مصالحها السياسية في الإقليم.
حرب ممتدة لا نهاية لها
وفي حال فشل هذه الجولة من المفاوضات، يعزو مندوب مصر السابق في الأمم المتحدة معتز أحمدين خليل الفشل إلى التعنت الإسرائيلي، لإصرار الاحتلال على عدم وقف الحرب والانسحاب من القطاع، مشيرًا إلى أن مصر وقطر تبذلان كل الجهد من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.
ويضيف خليل في حديثه للتلفزيون العربي من القاهرة، أنه "إذا كان لدى إسرائيل أي نية لوقف الحرب والانسحاب من القطاع فيمكن تحقيق ذلك من الآن، وتقديم ضمانات لها بعدم تكرار ما حصل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، مقابل تقديم ضمانات حقيقية لحماس بالانسحاب من القطاع والتوصل لسلام دائم".
ويلمح خليل إلى أن إسرائيل تستخدم ظاهرة معروفة في أنحاء مختلفة من العالم بشأن الحروب الممتدة التي لا نهاية لها، وتستمر بأهداف غير واقعية، وما إن تحقق مكاسب مرحلية حتى تقوم بتغيير أهدافها وتدفع بأهداف إضافية إلى الواجهة.
تأثيرات "العرائض" على الحرب
وبشأن مدى تأثير ظاهرة توقيع العرائض التي يشهدها الداخل الإسرائيلي وخصوصًا أوساط الجيش، يجيب الباحث في الشأن الإسرائيلي جاكي خوري أن هذا الأمر لا يؤثر على العمليات العسكرية الفورية للجيش الإسرائيلي، متسائلًا إلى أي مدى ستنجح المؤسسة العسكرية في منع امتداد هذه العرائض إلى بقية أوساط الجيش.
ويسترسل خوري في حديثه للتلفزيون العربي من الناصرة، أن هذه المسألة قد تصبح مؤثرة في وقت لاحق فقط في حال اتخذت إسرائيل قرارًا بإعادة احتلال كامل قطاع غزة والسيطرة على إدارته، خصوصًا في ظل أنباء عن عملية توغل عسكري بري واسعة في الفترة القريبة.
ويوضح خوري أن هذا القرار يتطلب وحدات عسكرية كاملة وآلاف الجنود، وضرورة ترشيد القوات في قطاع غزة والضفة الغربية، بالإضافة إلى تجنيد قوات كبيرة من جنود الاحتياط بالجيش الإسرائيلي، حيث سيدخل الجيش مسار تعبئة جدية.