بات مصطلح "الديتوكس" أو التخلص من السموم كلمة شائعة في عالم الصحة في السنوات الأخيرة. ويبدو أن فكرة "تطهير" الجسم من السموم التي تتراكم فيه تجذب الكثيرين الذين باتوا يلجؤون لعصائر الخضروات الباردة أو الأنظمة الغذائية القاسية، والمكملات الغذائية والبرامج المكلفة.
وبعيدًا عن رواج المصطلح والتسويق المكثف لمنتجات الديتوكس، تُثار تساؤلات حول الفاعلية العلمية لهذه الحميات، وما إذا كانت حقًا تقدم الوعود الوردية التي تُروّج لها، أم أنها مجرد صيحة أخرى في عالم الصحة المتغير.
ما هي حميات "الديتوكس"؟
حميات التخلص من السموم هي خطط غذائية قصيرة المدى تدّعي إزالة السموم من الجسم، ومساعدته على إنقاص الوزن، وتحسين صحته. كما يُفترض أنها تمنح الجهاز الهضمي استراحة ليتعافى ويعمل بشكل أفضل.
وتشمل هذه السموم الملوثات والمعادن الثقيلة والمواد الكيميائية والمبيدات الحشرية التي تدخل الجسم من الهواء والماء والطعام، والتي يمكن تخزينها في أنسجة الجسم والخلايا الدهنية والعظام.
وبحسب موقع "ويب ميد"، غالبًا ما تتضمن هذه الحميات تقييدًا في تناول الطعام، مثل الصيام أو الاكتفاء بشرب العصائر، إلى جانب استخدام المكملات الغذائية والأعشاب، وأحيانًا تطهير القولون.
ويشير الموقع إلى محدودية الأدلة العلمية التي تدعم فعالية حميات الديتوكس في إزالة السموم من الجسم، إذ يؤكد الخبراء أن الكبد والكلى يُصفّيان السموم الضارة بشكل طبيعي، لذا لا داعي لاتباع نظام غذائي للتخلص من السموم.
مفهوم "إزالة السموم" ليس جديدًا
وتاريخيًا، مارست مختلف الثقافات والحضارات أشكالًا من "إزالة السموم" من خلال أساليب مثل الصيام واستخدام أعشاب معينة لتطهير الجسم.
ومع ذلك، فإن حمية التخلص من السموم الحديثة، وخاصةً "التطهير الرئيسي" (المعروف أيضًا باسم حمية الليمون أو حمية الليمون لإزالة السموم)، ابتكرها ستانلي بوروز، بحسب موقع "هيلث لاين".
وقد سوّق هذه الحمية السائلة، المكونة من عصير الليمون وشراب القيقب والفلفل الحار، في أربعينيات القرن الماضي. وروّج لها كوسيلة "لتطهير الجسم من السموم القاتلة والمبيدات الحشرية والشوائب الأخرى"، حتى أنه ادعى أنها قادرة على علاج القرحة. ثم أعاد إحياء هذه الحمية في كتابه الصادر عام 1976 بعنوان "التطهير الرئيسي".
أنواع حميات "الديتوكس"
- الصيام
يهدف التوقف عن تناول الطعام لفترة محددة لمنح أعضاء الجسم قسطًا من الراحة، مما يسمح لها بالتعافي والعمل بشكل أفضل. ويساعد الصيام على إزالة المزيد من السموم وامتصاص العناصر الغذائية الإضافية. وغالبًا ما يُقرن الصيام بأساليب أخرى للتخلص من السموم كجزء من خطة.
-
النظام الغذائي المقيد
ويتضمن هذا النظام التوقف عن تناول مجموعات غذائية يُعتقد أنها تُسبب السموم أو تُبطئ عملية الهضم، مثل الأطعمة المصنعة واللحوم الحمراء ومنتجات الألبان والحبوب. بدلًا من ذلك، يُركز على تناول الفواكه والخضراوات العضوية والدهون الصحية.
- تطهير الجسم بالعصائر
وعند اعتماد نظام التطهير بالعصائر، يمتنع الفرد عن تناول الطعام الصلب لعدة أيام ويكتفي بشرب عصائر الفواكه والخضراوات. يقول مؤيدو هذا النظام إنه يُريح الجهاز الهضمي، ويمنح الجسم الكثير من الفيتامينات ومضادات الأكسدة.
- تطهير الجسم بالسوائل
أمّا تطهير الجسم بالسوائل فهو شبيه بتطهير الجسم بالعصائر. يتضمن هذا النظام استبدال الوجبات بالمشروبات. لكن هذه الخطط تشمل خيارات أخرى، مثل المرق، والعصائر، أو الحساء.
- النظام الغذائي النيء
يُجادل مُؤيدو هذا النظام الغذائي بأن الأطعمة النيئة غير المطبوخة أكثر صحةً لأن الطهي يُتلف العناصر الغذائية ويُنتج مواد ضارة. ويسمح هذا النظام الغذائي بتناول المنتجات الطازجة والمكسرات والبذور والحبوب والبقوليات المُنبتة في الغالب. وفي المقابل، لا يسمح بتناول أي شيء يُسخن فوق 118 درجة فهرنهايت.
- المكملات الغذائية والأعشاب
قد تُساعد المكملات الغذائية والأعشاب التي تُصرف دون وصفة طبية الجسم على التخلص من السموم. فعلى سبيل المثال، تُساعد بعض المكملات الغذائية، مثل الشاي الأخضر وشوك الحليب والكركم، الكبد على تصفية السموم بشكل أفضل. ويُزعم أن جذر الهندباء يعزز صحة الكلى والمرارة، بينما يُصمم الفحم النشط ليرتبط بسموم الأمعاء. وتتوفر هذه المكملات الغذائية على شكل أقراص ومساحيق وشاي.
الأطعمة المسموح بها في حمية الديتوكس
- الخضراوات
- الفواكه
- شاي الأعشاب
- العصائر الطازجة
الأطعمة التي يجب تجنبها في حمية الديتوكس
- السكريات المكررة
- المحليات الصناعية
- المشروبات والأطعمة التي تحتوي على الكافيين، مثل القهوة والشوكولاتة
- الكحول
- اللحوم
- البيض
- منتجات الألبان
- الغلوتين
هل برامج إزالة السموم مفيدة حقًا؟
ولم يُجرَ سوى عدد قليل من الدراسات حول برامج "إزالة السموم" لدى الأشخاص. وبينما حقق بعضها نتائج إيجابية في فقدان الوزن والدهون، ومقاومة الأنسولين، وضغط الدم، إلا أن الدراسات نفسها كانت متدنية الجودة - بسبب مشاكل في تصميم الدراسة، أو قلة المشاركين، أو عدم وجود مراجعة من قِبل الأقران (تقييم من قِبل خبراء آخرين لضمان الجودة).
ويفيد المركز الوطني الأميركي للصحة التكميلية والتكاملية إلى أن مراجعة أُجريت عام 2015 خلصت إلى عدم وجود بحث مُقنع يدعم استخدام حميات "إزالة السموم" لإدارة الوزن أو التخلص من السموم من الجسم.
كما أشارت مراجعة أُجريت عام 2017 إلى أن العصائر وحميات "إزالة السموم" يمكن أن تُسبب فقدانًا أوليًا للوزن بسبب قلة تناول السعرات الحرارية، ولكنها تميل إلى زيادة الوزن بمجرد استئناف الشخص لنظامه الغذائي الطبيعي. ولم تُجرَ أي دراسات حول الآثار طويلة المدى لبرامج "إزالة السموم".
اتخذت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) ولجنة التجارة الفيدرالية (FTC) إجراءات ضد العديد من الشركات التي تبيع منتجات إزالة السموم/التطهير لأنها تحتوي على مكونات مخفية وقد تشكل خطرًا صحيًا كبيرًا؛ وتم تسويقها باستخدام ادعاءات كاذبة بأنها يمكن أن تعالج أمراضًا خطيرة؛ أو في حالة الأجهزة الطبية المستخدمة في تنظيف القولون، تم تسويقها لاستخدامات غير معتمدة.
فوائد حمية الديتوكس
وبحسب موقع "ويب ميد"، فلكل حمية ديتوكس مزاياها وعيوبها. ويكمن السر في إيجاد الخطة الأنسب لأسلوب حياة الفرد وشخصيته.
لكنها قد توفر فوائد غذائية اعتمادًا على نوع الحمية المتبعة. ويمكن أن تساعد الحميات الغذائية النيئة وتلك المعتمدة على العصائر على الحصول على المزيد من الفيتامينات والمعادن من الفواكه والخضراوات.
كذلك قد تُبرز حساسيات الطعام. فإذا كان الاستغناء عن بعض الأطعمة، مثل منتجات الألبان أو الغلوتين، يُشعر الفرد بتحسن، فإن ذلك يؤثر أن لدى الفرد حساسية تجاه الطعام.
وتتيح حميات الديتوكس إعادة ضبط النظام الغذائي، إذ تساعدك حمية الديتوكس على التخلص من عادات الأكل غير الصحية.
كذلك يفيد مُتبعو حمية الديتوكس إنهم يشعرون بمزيد من الطاقة وبألم أقل بعد اتباعها. الأمر يختلف من شخص لآخر، وليس بالضرورة بسبب إزالة السموم من جسمك. ولكن ربما تكون قد استبعدت بعض الأطعمة غير الصحية من نظامك الغذائي، مما قد يُحسّن حالتك الصحية.
مخاطر حمية التخلص من السموم
لكن لاعتماد حميات "الديتوكس" آثار جانبية أهمها عدم حصزل الجسم على العناصر الغذائية الكافية جراء استبعاد العديد من المجموعات الغذائية من النظام الغذائي. وقد يعاني متبعو حميات تنظيف السموم من نقص في العناصر الغذائية الأساسية مثل البروتين والحديد وفيتامينات ب والمعادن.
كما قد يسبب الصيام أو اتباع نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية آثارًا جانبية غير سار، مثل انخفاض الطاقة وانخفاض سكر الدم وآلام العضلات والتعب، والشعور بالدوار أو الدوار، والغثيان، وبالتالي يواجه الفرد صعوبة في أداء مهامه وممارسة أنشطته اليومية المعتادة.
كذلك قد تؤدي حميات التخلص من السموم إلى مشاكل في المعدة والهضم.
وفي حين أن بعض الأفراد أفادوا بتحسن حالتهم وفقدانهم للوزن بعد التخلص من السموم، إلا أن ذلك غالبًا ما يكون نتيجةً للتوقف المؤقت عن تناول الأطعمة غير الصحية وتقليل السعرات الحرارية.
إلى ذلك وجدت إدارة الغذاء والدواء الأميركية أن بعض منتجات التخلص من السموم مصنوعة من مكونات غير قانونية وقد تكون ضارة. علاوة على ذلك، فإن بعض العصائر الطازجة غير مبسترة أو معالجة بطريقة تقتل البكتيريا. ويهدد ذلك صحة الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.
كذلك قد يكون تقييد الطعام ضارًا للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل وداء السكري، إذ تُصنع بعض عصائر التطهير من أطعمة غنية بمادة طبيعية تُسمى الأوكسالات، مثل السبانخ والشمندر. ويعد الإفراط في تناول الأوكسالات ضار للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الكلى.
