الإثنين 22 أبريل / أبريل 2024

خارج نطاق السلاح الأميركي.. طهران تبني منشأة نووية عميقة تحت الأرض

خارج نطاق السلاح الأميركي.. طهران تبني منشأة نووية عميقة تحت الأرض

Changed

نافذة أرشيفية يرصد خلالها مراسل "العربي" إمكانية عودة المفاوضات حول الملف النووي الإيراني (الصورة: اسوشييتد برس)
تبني طهران منشأة نووية عميقة جدًا تحت الأرض بالقرب من جبال زاغروس في وسط إيران، وعمقها يجعلها خارج نطاق السلاح الأميركي المصمّم لتدمير مثل هذه المواقع.

كشفت صور ومقاطع فيديو التقطتها الأقمار الصناعية من "بلانيت لابس" (Planet Labs PBC)، قيام إيران ببناء منشأة نووية عميقة جدًا تحت الأرض بالقرب من قمة جبال زاغروس في وسط إيران.

وذكر خبراء حلّلوا الصور لوكالة "أسوشييتد برس"، أنّ عمق هذه المنشأة قد يجعلها خارج نطاق السلاح الأميركي المصمّم لتدمير مثل هذه المواقع.

وأظهرت الصور عمليات حفر أنفاق في الجبل بالقرب من موقع نطنز النووي، الذي تعرّض لهجمات تخريبية متكرّرة.

وحذّرت كيلسي دافنبورت مديرة سياسة منع الانتشار في جمعية الحد من الأسلحة ومقرها واشنطن من أنّ الانتهاء من هذه المنشأة "سيكون كابوسًا يخاطر بإشعال دوامة تصعيدية جديدة" بين الغرب وإيران حول برنامجها النووي.

وردًا على أسئلة من وكالة أسوشيتد برس بشأن البناء قرب نطنز، قالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة: إنّ "أنشطة إيران النووية السلمية شفّافة، وتخضع لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية".

وأوضحت إيران أنّ البناء الجديد سيحلّ محل مركز تصنيع أجهزة الطرد المركزي في نطنز الذي تعرّض لانفجار وحريق في يوليو/ تموز 2020.

وألقت طهران باللوم في الحادث على إسرائيل، التي يشتبه منذ فترة طويلة في أنها تدير حملات تخريبية ضد برنامج إيران النووي.

تفاصيل البناء

ويتمّ بناء المشروع الجديد بجوار نطنز، على بعد حوالي 225 كيلومترًا (140 ميلًا) جنوب طهران. وأصبحت منشأة نطنز مصدر قلق دولي منذ أن كُشف عنها قبل عقدين من الزمن.

أظهرت الصور عمليات حفر أنفاق في جبل زاغروس بالقرب من موقع نطنز النووي
أظهرت الصور عمليات حفر أنفاق في جبل زاغروس بالقرب من موقع نطنز النووي- اسوشييتد برس

وتمتدّ المنشأة المحمية ببطاريات مضادة للطائرات وسياج، ويحرسها أفراد من الحرس الثوري الإيراني، على مساحة 2.7 كيلومتر مربع (1 ميل مربع) في "جبل الفأس"، الذي يقع خلف السياج الجنوبي لمنشأة نطنز.

وكشفت مجموعة مختلفة من الصور التي حلّلها مركز "جيمس مارتن" لدراسات منع الانتشار النووي، أنّه تم حفر أربعة مداخل في سفح الجبل، اثنان إلى الشرق واثنان آخران إلى الغرب. يبلغ عرض كل منها 6 أمتار، وارتفاعها 8 أمتار.

وأشار معهد العلوم والأمن الدولي، وهو منظمة غير ربحية مقرّها واشنطن تركّز منذ فترة طويلة على البرنامج النووي الإيراني العام الماضي، إلى أن الأنفاق قد تكون أعمق من ذلك.

واعتبر الخبراء أنّ حجم مشروع البناء يُشير إلى أن إيران ستكون على الأرجح قادرة على استخدام المنشأة تحت الأرض لتخصيب اليورانيوم أيضًا، وليس فقط لبناء أجهزة طرد مركزي.

من المرجّح أن منشأة نطنز الجديدة على عمق أكبر من منشأة فوردو الإيرانية
من المرجّح أن منشأة نطنز الجديدة على عمق أكبر من منشأة فوردو الإيرانية- اسوشييتد برس

وفي هذا الإطار، قال ستيفن دي لا فوينتي، وهو باحث مشارك في المركز قاد تحليل أعمال النفق: "إنّ عمق المنشأة يُمثّل مصدر قلق لأنه سيكون من الصعب تدميرها باستخدام الأسلحة التقليدية، مثل قنبلة نموذجية خارقة للتحصينات".

ومن المرجح أن تكون منشأة نطنز الجديدة على عمق أكبر من منشأة فوردو الإيرانية، التي تمّ الكشف عنها عام 2009.

"خارج نطاق الأسلحة الأميركية"

ودفعت هذه المنشآت تحت الأرض الولايات المتحدة إلى صنع قنبلة "GBU-57" ، والتي يمكن أن تدخل إلى عمق 60 مترًا تحت الأرض قبل أن تنفجر.

وناقش مسؤولون أميركيون استخدام قنبلتين من هذا القبيل على التوالي لضمان تدمير الموقع. لكنّه ليس من الواضح ما إذا كانت مثل هذه الخطوة قادرة إلى إلحاق الضرر بمنشأة عميقة مثل تلك الموجودة في نطنز.

ومع استبعاد فكرة استخدام مثل هذه القنابل، لا يبقى أمام الولايات المتحدة وحلفاؤها سوى خيارات قليلة لاستهداف الموقع. لكن إذا فشلت الدبلوماسية، فقد تُستأنف الهجمات التخريبية.

وبالفعل، تمّ استهداف منشأة نطنز بفيروس "ستوكسنت"، الذي دمّر أجهزة الطرد المركزي الإيرانية، إضافة إلى اغتيال علماء مشاركين في البرنامج، وضرب منشآت بطائرات بدون طيار تحمل قنابل وهجمات أخرى، اتهمت طهران تل أبيب بالوقوف خلفها. بينما امتنعت الحكومة الإسرائيلية عن التعليق.

ويقول الخبراء: إنّ مثل هذه الأعمال التخريبية قد تدفع طهران إلى الاقتراب أكثر من صنع القنبلة، بينما تبني برنامجها النووي في عمق الجبل حيث قد لا تتمكّن الغارات الجوية وعمليات التخريب والجواسيس من الوصول إليها.

وفي هذا الإطار، قال دافنبورت: "التخريب ليس إستراتيجية قابلة للتطبيق وطويلة الأجل للحماية من إيران المسلحة نوويًا. إنّ دفع إيران إلى العمل على برنامجها النووي تحت الأرض يزيد من خطر الانتشار".

ويأتي البناء في موقع نطنز بعد خمس سنوات من قيام الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بانسحاب أحادي الجانب من الاتفاق النووي الموقّع عام 2005.

ومنذ انهيار الاتفاق النووي، قالت إيران إنّها تخصّب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، على الرغم من أن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية اكتشفوا مؤخرًا أن طهران أنتجت جزيئات يورانيوم نقية بنسبة 83.7%. وهذه مجرد خطوة قصيرة من الوصول إلى عتبة 90% من اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة.

وفي فبراير/ شباط الماضي، قدّر المفتّشون الدوليون أنّ مخزون إيران كان أكثر من 10 أضعاف ما كان عليه بموجب الاتفاق، مع ما يكفي من اليورانيوم المخصّب للسماح لطهران بصنع "عدة" قنابل نووية.

وتنفي طهران سعيها لامتلاك أسلحة نووية، على الرغم من أن المسؤولين في طهران يناقشون الآن علانية قدرتهم على السعي للحصول على مثل هذه الأسلحة.

المصادر:
العربي- أسوشييتد برس

شارك القصة

تابع القراءة
Close