الإثنين 25 مارس / مارس 2024

"خذلان" و"استثمار سياسي".. كيف تدخل المساعدات إلى شمال سوريا؟

"خذلان" و"استثمار سياسي".. كيف تدخل المساعدات إلى شمال سوريا؟

Changed

حلقة من "عين المكان" تسلط الضوء على تأخر الاستجابة الأممية لضحايا الزلزال في الشمال السوري (الصورة: غيتي)
يعيش السكان في الشمال السوري حالة "خذلان" من الاستجابة الدولية للكارثة التي حلّت بهم جراء الزلزال، مع ما يرافقها من "استثمار سياسي" لأزمتهم.

بعد وقوع الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا في السادس من فبراير/ شباط الحالي، تدخل المساعدات الإنسانية الدولية ببطء وبكميات ضئيلة إلى مناطق منكوبة في شمال غرب سوريا، ما جعل الأمم المتحدة خصوصًا عرضة لانتقادات سكان استنفدهم أساسًا نزاع دام.

ويقطن في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري (شمال غرب)، أكثر من أربعة ملايين شخص، نحو نصفهم من النازحين، يعتمد 90% منهم على المساعدات الإنسانية.

فكيف تدخل المساعدات إلى تلك المناطق التي دمّرها الزلزال؟

تدخل مساعدات الأمم المتحدة إلى تلك المناطق عبر طريقين فقط: معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا بموجب قرار صادر من مجلس الأمن الدولي (2672)، ومن مناطق سيطرة حكومة النظام.

عام 2014، وفيما كان النزاع السوري في أشدّه، بعد قمع النظام للثورة الشعبية ضدّه، سمح مجلس الأمن الدولي بعبور مساعدات الأمم المتحدة إلى سوريا من دون الحصول على إذن من النظام عبر أربع نقاط حدودية هي: باب الهوى (شمال إدلب)، وباب السلامة (شمال حلب) الحدودي مع تركيا، اليعربية (أقصى الشرق - حدود العراق)، ومعبر الرمثا الحدودي مع الأردن (جنوب).

لكنه ما لبث أن قلّصها تدريجيًا إلى معبر باب الهوى فقط، بضغوط من موسكو، حليفة النظام السوري، والتي تسعى منذ سنوات لاختصار مساعدات الأمم المتحدة بتلك الآتية من مناطق سيطرة حكومة النظام.

وعندما ضرب الزلزال، لم تدخل مساعدات الأمم المتحدة عبر باب الهوى إلا في التاسع من فبراير، وكانت عبارة عن معدات خيم مجهّزة منذ ما قبل الزلزال، وتكفي لخمسة آلاف شخص فقط.

وقد أخّرت أسباب عدة دخول المساعدات، بينها تضرّر الطرق، والأضرار التي لحقت حتى بطواقم الإغاثة في تركيا وسوريا.

"جريمة" و"خذلان"

أثار تأخر الأمم المتحدة ومحدودية المساعدات، انتقادات سكان ومنظمات محلية على رأسها "الخوذ البيضاء"، الدفاع المدني في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، والتي وصفت الأمر بـ"الجريمة".

وفي 12 فبراير، أقرّ منسّق الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث بأنّ الأمم المتحدة "خذلت حتى الآن الناس في شمال غرب سوريا".

وبموجب القرار الدولي، لا تحتاج الأمم المتحدة لإذن من دمشق لاستخدام معبر باب الهوى. ولكن من أجل استخدام معابر أخرى، تطلب الأمم المتحدة موافقة دمشق.

وعلى وقع المناشدات والانتقادات، أعلنت الأمم المتحدة فتح معبري باب السلامة والراعي الحدوديين مع تركيا أمام مساعداتها لمدة ثلاثة أشهر، بعدما حصلت على موافقة النظام. لكن المساعدات لا تزال ضئيلة، ولا تنسجم حتى مع حجمها قبل الزلزال.

وذكرت منظمة "أطباء بلا حدود" أن الأمم المتحدة أرسلت بعد الزلزال حوالى مئتي شاحنة إلى شمال غرب سوريا، مقارنة مع معدل 145 شاحنة أسبوعيًا في 2022.

وفي نيويورك، قال المتحدث باسم الأمم المتّحدة ستيفان دوجاريك، خلال مؤتمر صحافي الإثنين: "نحن نواصل مع شركائنا توسيع نطاق عمليات المساعدة عبر الحدود من تركيا إلى شمال غرب سوريا".

وأشار إلى أنّ 10 شاحنات محمّلة بخيم ومواد أخرى مقدّمة من المنظمة الدولية للهجرة، عبرت عبر معبر الراعي الحدودي، إلى شمال حلب، مضيفًا أن "هذه أول قافلة للأمم المتحدة تمرّ عبر هذا المعبر الحدودي، منذ أن وافقت حكومة النظام السوري على استخدامه لتوصيل المساعدات، مما يرفع عدد المعابر الحدودية العاملة بالنسبة للأمم المتّحدة إلى ثلاثة".

مساعدات المنظمات الإنسانية

يمكن للمنظمات الإنسانية الدولية عدم استخدام آلية الأمم المتحدة. وإن كانت تعتمد بشكل أساسي على معبر باب الهوى، لكنها تستخدم أيضًا معابر أخرى.

فبعدما استنفدت مخزونها في إدلب، أرسلت منظمة "أطباء بلا حدود"، الأحد، قافلة محملة بالخيم عبر معبر الحمام في منطقة عفرين.

كما تؤمن المنظمات الدولية المساعدات عبر شركاء محليين.

وتقول المديرة الإقليمية لمنظمة "آكشن إيد" رشا ناصرالدين إن منظمات دولية عدة تؤمن لشركاء محليين "التمويل لشراء ما يلزم من السوق المحلية أو من تركيا".

وبعد وقوع الزلزال، استخدمت منظمة "بنفسج" المدعومة من "آكشن إيد"، "مخزونها من خيم وأغطية ومواد غذائية جاهزة للأكل".

وتضيف ناصرالدين: "ثم أرسلنا اليهم دعمًا ماليًا لشراء مواد إضافية من السوق المحلية التي ارتفعت الأسعار فيها بسرعة وبشكل كبير".

ومنذ الزلزال، يشكو سكان المنطقة تخلي المجتمع الدولي عنهم، فيما تدفقت فرق الإغاثة الدولية وطائرات المساعدات إلى تركيا، كما وصلت عشرات الطائرات إلى مناطق خاضعة لسيطرة حكومة النظام السوري خصوصًا من دول حليفة لها.

عوائق محلية 

بإمكان الأمم المتحدة إدخال المساعدات من مناطق سيطرة النظام التي نادرًا ما تمنح الأذونات. وقد دخلت آخر قافلة من مناطق دمشق قبل ثلاثة أسابيع من الزلزال.

وفي 10 فبراير، أعلنت حكومة النظام "موافقتها" على إرسال المساعدات إلى شمال غرب سوريا، الذي تتقاسمه سلطتان: "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقًا) في شمال إدلب، وفصائل سورية موالية لأنقرة في شمال محافظة حلب.

ويقطن نحو ثلاثة ملايين شخص، غالبيتهم من النازحين، مناطق تحت سيطرة "هيئة تحرير الشام"، بينما يقيم 1.1 مليون في مناطق الفصائل الموالية لأنقرة.

تتولى "هيئة تحرير الشام"، عبر مؤسسات مدنية واجهتها ما يُسمّى "حكومة الإنقاذ"، وأجهزة أمنية وقضائية خاصة بها، تنظيم شؤون إدلب.

أما مناطق شمال حلب، فتتولى إدارتها مجالس محلية تتبع للمحافظات التركية القريبة مثل: غازي عنتاب، وكيليس، وشانلي أورفا. وتنتشر في تلك المنطقة قوات تركية، ويتقاسم حوالى 30 فصيلًا مواليًا السيطرة عليها.

كما أرسلت الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق البلاد، أحد أبرز خصوم تلك الفصائل، قافلة مساعدات باتجاه شمال حلب. لكن القافلة عادت أدراجها بعد انتظارها أكثر من أسبوع عند معبر يفصل بين المنطقتين، لعدم حصولها على إذن الفصائل بالعبور.

المصادر:
العربي - أ ف ب

شارك القصة

تابع القراءة