الجمعة 4 أكتوبر / October 2024

خطوات دبلوماسية وسياسية.. هل تنجح الصين في تغيير النظام العالمي لصالحها؟

خطوات دبلوماسية وسياسية.. هل تنجح الصين في تغيير النظام العالمي لصالحها؟

شارك القصة

حلقة من برنامج "تقدير موقف" تلقي الضوء على تصاعد الدور الصيني في العالم (الصورة: رويترز)
تملأ الصين ثغرات كانت قد تركتها أميركا في سياسة المواجهة التي اتبعتها، ليس فقط على الحدود الروسية – الأوكرانية، بل في الشرق الأوسط أيضًا.

بخطوات دبلوماسية اتسمت بالحياد، يقترب التنين الصيني من حجز مكان أساسي له في مستقبل النظام العالمي والعلاقات الدولية.

فمن بوابة الحرب الروسية – الأوكرانية، دخلت بكين المشهد بمسافة واضحة ومواقف وسطية، لتلعب دور صانع السلام من خلال مقترح مؤلف من 12 بندًا، يرسم طريقًا لوقف إطلاق النار، ويوجه طرفي النزاع لطاولة المفاوضات كخطوة أولى باتجاه الحل السياسي.

تعاون مع روسيا

عكست هذه الخطوة بداية تصاعد الدور الصيني وإن كانت لم تؤتِ أكلها حتى اليوم، ولم يخرج عنها جديد في اللقاء الأخير الذي جمع الرئيس الصيني شي جينبينغ ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو.

زيارة هي التاسعة للرئيس الصيني منذ عام 2013، والأولى له خارجيًا بعد إعادة انتخابه رئيسًا للدولة، وهي دلالة واضحة على نمو العلاقات الإستراتيجية بين البلدين، التي تدخل عهدًا جديدًا.

ووقع الجانبان وثيقة للدفع بالتعاون الاقتصادي المتبادل، وإظهار التضامن المشترك في مواجهة الغرب، حيث تعهّد الزعيمان بالعمل معًا لتشكيل نظام عالمي جديد.

بجانب التودد والانسجام، تكشف أرقام للميزان التجاري أن بكين هي المستفيد الأول من تطور العلاقات.

تحالفات في الشرق الأوسط

 فالمصالح الاقتصادية واضحة مع استفادة الصين من أسعار الطاقة الروسية بعد توقف أوروبا عن استيراد النفط والغاز والفحم من موسكو، التي تحاول بدورها ومن خلال هذا التعاون، بناء نظام تحالفات جديد تحارب من خلاله العزلة.

أما سياسيًا، فتملأ الصين ثغرات كانت قد تركتها أميركا في سياسة المواجهة التي اتبعتها، ليس فقط على الحدود الروسية – الأوكرانية، بل في الشرق الأوسط أيضًا، حيث النفوذ الأميركي المهيمن، بات يواجه خطرًا متمثلًا باختراق بكين المنطقة بعد نجاح وساطتها في إعادة العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية، المقطوعة منذ عام 2016.

وهنا، دفعت واشنطن خصومها لحضن بكين، بينما تنزلق بعض الدول من تحت مظلتها، لتعطي الصين فرصة لتصاعد دورها دوليًا، مع معطيات تجعل منها مؤهلة لذلك، كونها أكبر مركز صناعي في العالم، وثاني أكبر اقتصادٍ من حيث الإنتاج.

نظام عالمي جديد

في هذا السياق، يرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قطر حسن البراري أن "الصين تحاول تغيير النظام الدولي ليكون متعدد الأقطاب دون هيمنة الولايات المتحدة".

ويشير البراري، في مداخلة له من استديوهات "العربي" في لوسيل، إلى أن "النظام العالمي الحالي ليبرالي يعلي من قيم حقوق الإنسان، الأمر الذي يزعج موسكو وبكين".

ويعتبر أستاذ العلاقات الدولية أن "الصين ترى أن مكانتها الاقتصادية تعطيها القدرة على أن تكون قطبًا جديدًا مع الولايات المتحدة".

ويقول: "الحرب في أوكرانيا وما يحصل في شرق آسيا والشرق الأوسط، يأتي في سياق تغيير معالم العالم، وسط نظام جديد أكثر توازنًا".

ويضيف: "التحدي بالنسبة للصين هو الوصول إلى هذه النقطة سلميًا، دون استخدام القوة العسكرية".

تغيّرات في المنطقة الأوراسية

من جهته، يعتبر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس خطار أبو دياب أن "الصين لم تتحكم بعد بالمنطقة الأوراسية التي تُعتبر قلب العالم".

ويشير أبو دياب، في حديث إلى "العربي" من باريس، إلى أن "الولايات المتحدة دأبت منذ فترة على تضخيم خطر الصين وروسيا، وتحاول أن تمنع التحالف الإستراتيجي بين بكين وموسكو".

ويلفت إلى أن "الصين تتقدم ببطء بسياسة القوة الناعمة وعبر خطة الحزام والطريق منذ عام 2015".

ويقول: "الوساطة بين السعودية وإيران منحت الصين دورًا كبيرًا، وهو أول اختبار دبلوماسي للصين عالميًا".

ويضيف: "بكين تستغل علاقاتها القوية وتتقدم في المنطقة الأوراسية، وسط تنافس كبير مع أوروبا والولايات المتحدة".

تحولات داخلية

بدوره، يرى الكاتب المتخصص بالشؤون الدولية أمين قمورية أن "تقدّم الصين في السنوات الأخيرة أزعج الكثير من الدول وتحديدًا الولايات المتحدة".

ويشير قمورية، في حديث إلى "العربي" من بيروت، إلى أن "واشنطن تحاول تطويق الصين من خلال تحركات في منطقة المحيط الهادئ".

ويقول: "ترى الصين أن عليها تغيير سياستها الخارجية لكي لا تكون ضحية النظام العالمي، وبدأت بذلك عبر اجتياز العوائق الداخلية".

ويضيف: "حسم الرئيس الصيني الصراع الداخلي عبر تهميش التيار الشبابي الذي أراد تحسين العلاقات مع الغرب، واتجه نحو التشدد في تلك العلاقات".

ويتابع قائلًا: "النظام العالمي الجديد مختلف عما كان موجودًا في السابق، والصين لا تكتفي اليوم بالتجارة، بل بدأت السياسة تظهر في تعاملاتها الدبلوماسية".

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close