الإثنين 19 مايو / مايو 2025
Close

خلال 3 عقود.. كيف تبدل استهلاك السعرات الحرارية اليومي بالدول العربية؟

خلال 3 عقود.. كيف تبدل استهلاك السعرات الحرارية اليومي بالدول العربية؟ محدث 10 مايو 2025

شارك القصة

ارتفع استهلاك الأفراد من الوحدات الحرارية منذ ثلاثة عقود في الدول العربية، وفق لقاعدة بيانات نشرتها صحيفة "ديلي ميل" البريطانية-  غيتي
ارتفع استهلاك الأفراد من الوحدات الحرارية منذ ثلاثة عقود في الدول العربية، وفق لقاعدة بيانات نشرتها صحيفة "ديلي ميل" البريطانية- غيتي
الخط
يشهد العالم العربي تحولات كبيرة في أنماط استهلاك الغذاء، مدفوعة بعوامل متعددة مثل النمو السكاني السريع، والتغيرات في المداخيل، والتوسع الحضري، وتغير أنماط الحياة. 

تتأثر النظـم الغذائيـة بالصدمـات والاختلالات الناشـئة عن النزاعات والتقلبـات المناخيـة القصـوى والانكماش الاقتصادي وتزايد عدم المساواة. 

ويشهد العالم العربي تحولات كبيرة في أنماط استهلاك الغذاء، مدفوعة بعوامل متعددة مثل النمو السكاني السريع، والتغيرات في المداخيل، والتوسع الحضري، وتغير أنماط الحياة. 

وتتفاوت التحديات الغذائية بين دولة وأخرى، ففيما تشهد دول سوء التغذية ونقص الأمن الغذائي، تواجه دول أخرى زيادة معدلات السمنة والأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي. 

وبحسب المبادئ التوجيهية الغذائية للأميركيين لعام 2025، يجب أن لا يتخطى عدد السعرات الحرارية اليومية الـ2000 سعرة للإناث البالغات، والـ2400 سعرة حرارية للذكور البالغين. 

ارتفاع استهلاك السعرات الحرارية في الدول العربية

وفقًا لقاعدة بيانات نشرتها صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، فقد ارتفع استهلاك الأفراد من الوحدات الحرارية خلال ثلاثة عقود في الدول العربية. 

وقد تفاوت هذا الارتفاع من 4 إلى 17% لدى الذكور و من 4 إلى 15% لدى الإناث بين عامي 1991 و2020. 

وسجّلت عمان الارتفاع الأكبر في عدد السعرات الحرارية المستهلكة من قبل الذكور بنحو 17% تلتها السعودية (16%) وسوريا والبحرين بنسبة 15%. 

وكانت موريتانيا والصومال من الدول التي سجّلت نسبة الارتفاع الأقل (4%) في عدد السعرات الحرارية اليومية التي يحصل عليها الذكور خلال ثلاثة عقود أي منذ عام 1990 وحتى عام 2020. 

وفي عام 2020، شهدت البحرين العدد الأعلى من السعرات الحرارية المستهلكة يوميًَا من قبل الذكور، وبلغت 2787 سعرة حرارية تلتها الإمارات العربية المتحدة مع 2777 سعرة حرارية.

عدد السعرات الحرارية المستهلكة يوميًا للذكور - ديلي ميل
عدد السعرات الحرارية المستهلكة يوميًا للذكور - ديلي ميل

ولدى الإناث، استحوذت البحرين أيضًا على العدد الأكبر من السعرات الحرارية المستهلكة يوميًا في عام 2020، وبلغ 2106 بارتفاع بنسبة 11% عما كان عليه في عام 1990. 

ومن بين الدول العربية الـ22، سجلت السعودية الارتفاع الأكبر في عدد السعرات الحرارية المستهلكة من قبل الإناث في عام 2020 مقارنة بعام 1990 وبلغ 15%. 

عدد السعرات الحرارية المستهلكة يوميًا للإناث - ديلي ميل
عدد السعرات الحرارية المستهلكة يوميًا للإناث - ديلي ميل

وسجلت كل من الصومال والسودان وموريتانيا الارتفاعات الأقل في عدد السعرات المستهلكة من قبل الإناث وبلغت 4 و5 و6% على التوالي. 

اتجاهات استهلاك الغذاء في العالم العربي

ويشير تقرير المنظمة العربية للتنمية الزراعية، السنوي لأوضاع الأمن الغذائي العربي إلى أن أبرز اتجاهات استهلاك الغذاء في العالم العربي بين عامي 2019 و2023 تمثلت بالتالي: 

  • زيادة استهلاك الحبوب، حيث ارتفع متوسط المتاح للاستهلاك من الحبـوب في الوطن العربي من 4.249 مليون طن في عام 2022 إلى 294 مليون طن في عام 2023، بزيادة قدرها 44.6 مليون طن.
  • استهلاك الغذاء النباتي، حيث لا يزال متوسط نصيب الفرد من السلع النباتية في الوطن العربي أعلى من المتوسطات العالمية. يشمل ذلك زيادة طفيفة في استهلاك الخضروات بمقدار 2.2 كيلوغرام والدرنات بمقدار 0.6 كيلوغرام. وتعكس هذه الزيادات تحسنا في توافر هذه المنتجات، والتي ربما ترجع إلى تحسينات في الممارسات الزراعية المحلية وتوسيع الاستثمارات في القطاع الزراعي.
  • تغيير في استهلاك المنتجات الحيوانية، حيث انخفض استهلاك اللحوم الحمراء بمقدار 0.1 كيلوغرام واللحوم البيضاء بمقدار 0.6 كيلوغرام. ويأتي ذلك نتيجة لتغيرات في الأذواق الغذائية لدى سكان المنطقة، أو التغيرات في أسعار السلع ومدى توفرها.

وبحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو"، يزداد استهلاك الأغذية المصنعة في المناطق شبه الحضرية والريفية في بعض البلدان. كما بات استهلاك الخضروات والفاكهة والدهون والزيون أكثر اتساقًا في المناطق الريفية.

وبلغ متوسـط الإمدادات اليومية من البروتين للفرد في الدول العربية، نحو 79.2 غرامًا في عام 2023، وهو أقل من المتوسط العالمي البالغ نحو 83.9 غرامًا للفرد في اليوم. ويُعَدّ البروتين النباتي المصدر الأساسي للبروتين في معظم الدول العربية.

وبلغ متوسط الإمدادات اليومية من الدهون للفرد في الدول العربية نحو 80.86 غرامًا في عام 2023، وهو أقل من المتوسط العالمي البالغ نحو 89.01 غرامًا للفرد في اليوم. وتحظى بعض الدول مثل الكويت والسعودية بمعدلات أعلى من الدهون مقارنة بمتوسط العالم.

ويسجّل اليمن والسودان والعراق معدلات أقلّ من المتوسط العالمي، مما قد يشير إلى وجود فجوات غذائية وتفاوت في مستويات الإمدادات الغذائية بين الدول العربية.

واقع الأمن الغذائي في العالم العربي

بحسب تقرير المنظمة العربية للتنمية الزراعية، السنوي لأوضاع الأمن الغذائي العربي، بلغ عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية في العالم العربي في عام 2023، نحو 8.59 مليون شخص، أي نحو 9.12% من سكان المنطقة، وهو معدل أعلى بكثير من المتوسط العالمي البالغ 2.9%.

كما ارتفع عدد المتضريين من نقص التغذية بنحو 9.75% منذ عام 2000، مع تركز هذه المعاناة بشكل أساسي في الدول منخفضة الدخل والدول التي تعاني من النزاعات مثل السودان واليمن وسوريا.

وقد تأثر وضع الأمن الغذائي في المنطقة بشكل أساسي بالتغيرات المناخية التي أضعفت الإنتاج الزراعي في المنطقة، من خلال تدهور الإنتاجية الزراعية الناتج عن نقص المياه، وزيادة انتشار الآفات والأمراض الزراعية، ما يهدّد ويضعف مساهمة الإنتاج المحلي في استقرار إمدادات الغذاء.

انخفـض اسـتهلاك اللحـوم الحمـراء  في الدول العربية في عام 2023- غيتي
انخفـض اسـتهلاك اللحـوم الحمـراء في الدول العربية في عام 2023- غيتي

وبحسب التقرير، قدر عدد سكان الوطن العربي في عام 2023 بنحو 473 مليون نسمة يشكلون حوالي 6.5% من سكان العالم. وتشكل معدلات النمو السكاني المرتفعة نسبيًا في الوطن العربي تحديًا لمسارات وجهود التنمية والأمن الغذائي، ويقدّر معدل النمو السنوي للسكان بنحو 0.2% بين عامي 2015 و2023، مقارنة بنحو 1.1% للعالم خلال الفترة نفسها.

وقد حدّد تقرير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو" العالمي للأزمات الغذائية السنوي لعام 2024 والذي يقدم تحليلات وأدلة بشأن الأمن الغذائي الحاد والذي يتطلب مساعدة إنسانية عاجلة لإنقاذ الأرواح وسبل العيش، 19 بلدًا يعانون من أزمات غذائية كبرى طويلة الأمد بينها دولتان عربيتان وهما سوريا واليمن. 

تأثير البطالة وتقلبات الأسواق

ويشير تقرير المنظمة العربية للتنمية الزراعية إلى أن المنطقة العربية تعتمد بشكل كبير على استيراد الحبوب والزيوت والسكر من الخارج، حيث تستورد ما بين 40 إلى 60% من احتياجاتها من القمح، ونحو 85 إلى 90% من احتياجاتها من زيت زهرة الشمس، الأمر الذي يجعل المنطقة عرضة لتقلبات الأسواق العالمية والتغيرات الجيوسياسية.

كذلك يؤثر ارتفاع معدلات البطالة على الواقع الاقتصادي حيث يرفع نقص فرص العمل من احتمال تعرض السكان لانعدام الأمن الغذائي والمجاعة.

وشهد معدل البطالة في الوطن العربي تقلبات بين عامي 2013 و2023، وبلغ ذروته عند 24.11% في عام 2020، وهو أعلى معدل خلال السنوات العشر الأخيرة. ويمكن تفسير هذا الارتفاع بأنه نتيجة تأثير جائحة كوفيد-19 التي أدت إلى انكماش اقتصادي عالمي، وتوقف العديد من الأنشطة الاقتصادية.

أسعار الغذاء ونصيب الفرد من الدخل القومي

كما تأثر الأمن الغذائي بارتفاع أسعار الغذاء في عدد من الدول العربية، ولاسيما في السودان حيث ارتفعت أسعار الغذاء بنسبة 70%، وفي لبنان حيث ارتفت أسعار الغذاء بنسبة 50%. 

ويعد نصيب الفرد من الدخل القومي أحد العوامل المؤثرة على الأمن الغذائي، حيث يتحكم بالقوة الشرائية للأفراد وبالتالي قدرتهم على شراء الغذاء. 

واستنادًا إلى واقع الدخل القومي في البلدان العربية، يمكن تقسيم دول العالم العربي إلى مجموعات:

  • مجموعة ذات نصيب الفرد المنخفض، أي من صفر إلى 3 ملايين دولار أميركي، وتشمل السودان والصومال واليمن وجزر القمر وسوريا وموريتانيا.
  • الدول التي يتراوح فيها متوسط نصيب الفرد بين 3 و9 ملايين دولار أميركي، وتشمل الأردن والجزائر والعراق والمغرب وتونس وجيبوتي وفلسطين وليبيا ومصر ولبنان. 
  • الدول التي يرتفع فيها نصيب الفرد من الدخل القومي ويتراوح بين 9 و70 مليون دولار أميركي، وتشمل عمان والبحرين والمملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر. 

تغيّر المناخ يهدد الغذاء

وبحسب دراسة "تحديات الأمن الغذائي في ظل التغيّر المناخي"، التي أعدّها اتحاد المصارف العربية، يُشكل تغيّر المناخ تحديًا كبيرًا أمام الأمن الغذائي والتنمية المستدامة في المنطقة العربية، ويؤثر بشكل غير متناسب على الفئات الأكثر فقرًا وضعفًا. 

يواجه عدد من دول العالم العربي ندرة المياه حيث أصبحت حالات الجفاف أكثر تواترًا- غيتي
يواجه عدد من دول العالم العربي ندرة المياه حيث أصبحت حالات الجفاف أكثر تواترًا- غيتي

وقد أدى الطقس المتطرّف والكوارث الطبيعية، إلى نزوح ثلاثة أضعاف عدد الأشخاص الذين تسبّبت الحروب بنزوحهم خلال عام 2019، بحسب البنك الدولي. 

ويشير البنك الدولي إلى أن أكثر من 95% من هذه الكوارث الطبيعية كانت نتيجة المخاطر المرتبطة بالطقس مثل العواصف والفيضانات. فعلى سبيل المثال، تعرّضت ليبيا لعاصفة غير مسبوقة، مما أدى إلى سقوط آلالف الضحايا وتدمير واسع النطاق للبنية التحتية والمنازل.

وجراء تغيّر المناخ، ترتفع درجة حرارة المنطقة العربية بمعدل ضعف المتوسط العالمي. وفي حلول العام 2050، من المتوقع أن تكون المنطقة العربية أكثر دفئًا بمقدار 4 درجات مئوية، وهو أعلى بكثير من هدف اتفاق باريس للمناخ البالغ 5.1 درجة مئوية.

الجفاف ونقص المياه

كما يواجه عدد من دول العالم العربي ندرة المياه، حيث أصبحت حالات الجفاف أكثر تواترًا وشدة ما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها القطاع الزراعي، بما في ذلك ندرة المياه. وتشير تقديرات البنك الدولي أنه في حلول العام 2050، يُمكن أن تؤدي ندرة المياه المرتبطة بالمناخ إلى خسائر اقتصادية تعادل 14% من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة العربية. 

كما تتعرض نحو 45% من إجمالي المساحة الزراعية في المنطقة للملوحة واستنزاف مغذيات التربة.

فمن بين أكثر 17 دولة تعاني نقص المياه في العالم، هناك 11 دولة عربية. كما يؤدي النمو السكاني السريع والتوسع الحضري إلى زيادة الضغط على موارد المياه الطبيعية الشحيحة أصلًا.

وبحسب دراسة اتحاد المصارف العربية، يعتبر سكان المنطقة أكبر مستهلكي المياه يوميًا للفرد في العالم، لا سيما في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يبلغ متوسط استخدام الفرد اليومي من المياه حوالي 560 لترًا. وبالإضافة إلى انخفاض نسبة هطول الأمطار وزيادة تواتر حالات الجفاف، فإن تغيُّر المناخ سيختبر بشدة قدرة المنطقة على توفير المياه لسكانها وصناعاتها.

كما يؤثر انخفاض نسبة هطول الأمطار على الإنتاج الزراعي الذي يعتمد على الأمطار بنسبة 70% والذي يتركز بشكل أساسي في الجزائر والعراق والمغرب والسودان وسوريا وتونس. وتشير التقديرات إلى أن قلّة المحاصيل يُمكن أن تنخفض بنسبة تصل إلى 30% في عالم أكثر دفئًا بمقدار درجتين مئويتين، وبنسبة 60% تقريبًا في عالم أكثر دفئًا بمقدار 4 درجات مئوية. 

تابع القراءة

المصادر

موقع التلفزيون العربي