توصلت دراسة كبرى إلى أن نصف سكان العالم قد يعانون من أحد اضطرابات الصحية العقلية مثل الاكتئاب أو القلق بحلول سن الـ75 عامًا.
وبحسب صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، فقد اعتمد باحثون من كلية الطب بجامعة هارفارد وجامعة كوينزلاند في أستراليا على نتيجة عقدين من استطلاعات منظمة الصحة العالمية.
وجمع الباحثون البيانات من مقابلات أجريت وجهًا لوجه مع 156331 شخصًا من 29 دولة حول العالم بين عامي 2001 و2022، ونُشرت نتائج الدراسة في مجلة "لانسيت سايكياتري".
النساء أكثر عرضة لاضطرابات الصحة العقلية
وتوقع الباحثون أن شخصًا واحدًا من كل اثنين يمكن أن يُصاب باضطراب واحد على الأقل في الصحة العقلية عند بلوغه سن الشيخوخة، وهي زيادة كبيرة عن تقدير عام 2019 البالغ واحد من كل ثمانية.
وبلغ الخطر الإجمالي للإصابة بمرض عقلي خلال حياة الفرد 46% للمشاركين الذكور وزيادة طفيفة بنسبة 53% للإناث.
وكانت النساء أكثر عرضة للإصابة باضطراب ما بعد الصدمة على وجه التحديد، بينما كان الرجال أكثر عرضة لتعاطي الكحول.
كما كان الاضطراب الاكتئابي الكبير والرهاب النوعي شائعًا بشكل متساوٍ بين الجنسين.
أزمة عالمية
ويسلط التحليل الأخير الضوء على حقيقة أن أزمة الصحة العقلية لم يتم احتواؤها في الولايات المتحدة بل وصلت إلى أبعاد عالمية.
وشكلّت المقابلات جزءًا من مسح الصحة العقلية لمنظمة الصحة العالمية الذي يتكون من بيانات تم جمعها من 29 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية واليابان وأستراليا ونيوزيلندا والمكسيك والعديد من دول أوروبا وأميركا الجنوبية وإفريقيا.
ونقلت الصحيفة عن الدكتور جون ماكغراث، المؤلف الرئيسي للدراسة والباحث في الصحة العقلية في معهد الدماغ التابع لجامعة كوينزلاند قوله: "إن أكثر الاضطرابات المزاجية شيوعًا هي الاكتئاب الشديد أو القلق. وتختلف مخاطر بعض الاضطرابات العقلية بحسب الجنس".
تأثير الواقع الاقتصادي
وكانت دراسة بريطانية سابقة قد أشارت إلى أن زيادة تكلفة المعيشة لها تأثير واضح على الصحة العقلية.
ووفقًا للبحث التي أجرته شركة إدارة الأصول "بي أم أو" وشمل 2000 بالغ في المملكة المتحدة، قال 28% من الأشخاص: "إن أزمة تكلفة المعيشة كان لها تأثير سلبي على صحتهم العقلية".
وبحسب استطلاع الرأي، كان أكثر الفئات عرضة للتأثر الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 26 و41 عامًا، إذ انتابهم شعور بالقلق بشأن الموارد المالية.
وكان الاختصاصي في علم النفس العيادي فيصل الطهاري قد اعتبر في حديث سابق إلى "العربي" من الرباط أن مقاربة تأثير المجال الاقتصادي الاجتماعي على الصحة النفسية والعقلية، تُبنى على مستوى التوازن النفسي للإنسان المرتبط بوضعه الااقتصادي والاجتماعي.
وإذ أكّد الطهاري أن المال لا يخلق السعادة، اعتبر أنه قادر على توفير توازن في حياة الفرد عبر منحه القدرة على تدبير شؤون حياته باستقلالية.
وأشار إلى عدم وجود أرقام تعكس واقع الصحة العقلية والنفسية في العالم العربي عمومًا، "لكن تقارير كل بلد عربي على حدى تبين بشكل جلي وجود مشاكل على مستوى الصحة العقلية والنفسية".