درجات حرارة قياسية.. موجة الحر الشديد تضرب نصف الكرة الأرضية الشمالي
يُتوقّع أن تتخطى درجات الحرارة مستويات قياسية في النصف الشمالي من الكرة الأرضية الإثنين وأن يتسبب ذلك بحرائق غابات، في تجلٍّ جديد لظاهرة التغيّر المناخي. وأصدرت دول في أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية تحذيرات صحية وأجرت عمليات إجلاء للسكان.
وقالت وكالة الفضاء الأوروبية إن أوروبا قد تسجّل هذا الأسبوع أعلى درجة حرارة فيها على الإطلاق تحديدًا في جزيرتَي صقلية وسردينيا الإيطاليتَين حيث من المتوقّع أن تصل الحرارة إلى 48 درجة مئوية.
درجات حرارة قياسية في اليابان
كما أصدرت السلطات في اليابان تحذيرات لعشرات الملايين من سكانها الأحد من التعرض لضربة شمس في 20 مقاطعة من مقاطعات البلاد الـ47، بعدما سُجّلت درجات حرارة شبه قياسية في أجزاء كبيرة منها.
وحذّرت قناة "إن إتش كي" اليابانية من أن ارتفاع الحرارة يهدّد الحياة فيما تلامس عتبة 40 درجة مئوية في العاصمة طوكيو ومناطق أخرى.
وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية اليابانية تجاوز درجة الحرارة القياسية البالغة 41 درجة مئوية والتي سُجّلت في مدينة كوماغايا عام 2018.
سجلت بعض المناطق اليابانية الأحد أعلى درجات حرارة منذ أربعة عقود، بما في ذلك بلدة هيرونو في محافظة فوكوشيما حيث بلغت 37,7 درجة مئوية.
الحر يؤثر على أكثر من 80 مليون شخص
في الولايات المتحدة، توّقعت هيئة الأرصاد الجوية الوطنية (NWS) أن تبلغ موجة الحر "واسعة النطاق وشديدة الوطأة" ذروتها في الولايات الجنوبية والغربية، وتأثر أكثر من 80 مليون شخص بتحذيرات الحرّ الشديد أو التحذيرات من ارتفاع درجات الحرارة الأحد.
وسجّلت منطقة وادي الموت بولاية كاليفورنيا الأميركية، وهي واحدة من أكثر المناطق سخونة في العالم، درجة حرارة شبه قياسية وصلت إلى 52 مئوية بعد ظهر الأحد.
في غضون ذلك، تكافح فرق الإطفاء في ولاية كاليفورنيا لإخماد عدة حرائق غابات بما فيها حريق في مقاطعة ريفرسايد اجتاح أكثر من ثلاثة آلاف هكتار وأدى إلى إجلاء أعداد كبيرة من السكان.
حرّ قاتل في أوروبا
وفي أوروبا، حيث يزداد الاحتباس الحراري بنسبة تبلغ ضعف المعدل العالمي وفقًا لخبراء، نبّهت السلطات الإيطاليين إلى ضرورة الاستعداد "لأشدّ موجة حر في الصيف وأيضًا واحدة من أشدّ موجات الحرّ على الإطلاق".
وأصدرت إيطاليا إشعار تنبيه أحمر يضع 16 مدينة في حالة تأهب بما فيها روما وبولونيا وفلورنسا.
ومن المتوقع أن تسجّل روما الإثنين 40 درجة مئوية وما يتراوح بين 42 و43 مئوية الثلاثاء لتحطم درجة الحرارة القياسية التي سُجّلت في أغسطس/ آب 2007 وبلغت 40,5 مئوية. ولليوم الثالث على التوالي، يتواصل إغلاق الأكروبوليس في أثينا خلال ساعات ذروة الحرارة.
وفي رومانيا، يُتوقّع أن تلامس الحرارة 39 درجة مئوية الإثنين في معظم أنحاء البلاد.
وأعلنت هيئة الأرصاد الجوية الوطنية في إسبانيا، الإثنين أن البلد سيسجّل "درجات حرارة عالية بمستويات غير طبيعية" بالنسبة لهذا الموسم، مشيرة إلى أنها قد تتجاوز 44 درجة مئوية في مدينة قرطبة في الأندلس في الجنوب.
وفي الصين، أعلنت خدمات الأرصاد الجوية الإثنين تسجيل 52,2 درجة مئوية في شمال غرب البلد الأحد وهي درجة حرارة قياسية لمنتصف يوليو/ تموز.
أمطار غزيرة
رغم موجة الحرّ، شهدت أجزاء من آسيا هطول أمطار غزيرة. ففي كوريا الجنوبية، كافح عناصر الإنقاذ الأحد للوصول إلى أشخاص محاصرين في نفق غمرته المياه بعد هطول أمطار غزيرة في الأيام الأخيرة تسببت بفيضانات وانزلاقات تربة أودت بحياة 37 شخصًا على الأقلّ ولا يزال تسعة أشخاص مفقودين على أثرها.
كما عُثر في شمال اليابان الأحد على جثة رجل في سيارة غمرتها المياه، بعد أسبوع من مقتل سبعة أشخاص في ظروف جوية مماثلة في جنوب غرب البلد.
وفي شمال الهند، تسببت الأمطار الموسمية المتواصلة في مقتل ما لا يقل عن 90 شخصًا بعد حرّ شديد.
ويكثر حدوث الفيضانات وانهيارات التربة خلال الأمطار الموسمية التي تشهدها الهند عادة، لكن الخبراء يقولون إن التغيّر المناخي يزيد من تواترها وشدّتها.
محادثات صينية أميركية
وعلى الصعيد الدبلوماسي، أجرى المبعوث الأميركي للمناخ جون كيري الإثنين في بكين محادثات مع نظيره الصيني شيه تشن هوا، ما يشكل استئنافًا للحوار حول ملف المناخ البالغ الأهمية بالنسبة للبلدين، أكبر مسببين للتلوث في العالم.
وتعتبر إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أن المناخ هو أحد المجالات التي يمكن أن تتعاون فيها قوتان تدور بينهما منافسة حادّة.
تسارع الظواهر الطبيعية المتطرفة
ويصعب أن يُعزى حدث مناخي معيّن إلى التغيّر المناخي، لكن العديد من العلماء يشددون على أن الاحترار العالمي - المرتبط بالاعتماد على الوقود الأحفوري - هو السبب في موجات الحرّ الشديد.
وكانت مستشارة الاتحاد الأوروبي في شؤون البيئة والتغيير المناخي شادن دياب قد أشارت في حديث سابق إلى "العربي" من القاهرة إلى أن العالم يرى ويلمس نتائج التغير المناخي، ومنها ارتفاع درجات الحرارة والفيضانات والكوارث الطبيعية المتطرفة. وإذ أكدّت أن هذا الأمر ليس بجديد لكنها لفتت إلى أن الظواهر الطبيعية المتطرفة تتسارع بشكل كبير جدًا.
وأوضحت أن بعض الظواهر مثل ظاهرة "النينيو" أو احترار المحيطات تسرّع هذه الظواهر الطبيعية.
وحذّرت المستشارة من أن العالم سيدخل مرحلة حرجة ابتداء من عام 2030. وقالت: "ليس لدينا الوقت بل بضع سنوات فقط لكي نعالج هذا الأمر"، مشددة على أهمية تحرك الدول التي تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية عن التلوث لجهة الالتزامات البيئية والانتقال نحو الطاقة النظيفة.