استشهد شاب فلسطيني فجر اليوم الجمعة متأثرًا بجروح أصيب بها برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي شمال الخليل بالضفة الغربية المحتلة، فيما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها بشأن استخدام القوات الإسرائيلية أسلحة متفجرة أثناء العملية في نابلس.
وأعلنت مصادر طبية في المستشفى الأهلي في الخليل، استشهاد الشاب محمد إسماعيل جوابرة (22 عامًا)، متأثرًا بجروح أصيب بها، أمس الخميس، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال، في مخيم العروب شمال الخليل، حسب وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا".
وأوضحت المصادر الطبية لوكالة "وفا"، أن الشهيد جوابرة ادخل للعناية المكثفة في المستشفى الأهلي بحالة حرجة للغاية جراء إصابته بالرصاص الحي في الرأس، ما أدى إلى تلف جزء كبير من الدماغ، وعملت الطواقم الطبية جاهدة لإنقاذ حياته إلا أنه فارق الحياة متأثرًا بجروحه.
وكان جوابرة أصيب برصاص قناصة الاحتلال، أثناء مساعدته لجيرانه بالقرب من منزله في المخيم، حيث تعمد جنود الاحتلال إطلاق الرصاص الحي بكثافة صوب منازل المواطنين في المخيم.
وباستشهاد الشاب جوابرة، يرتفع عدد الشهداء الذين قضوا منذ بداية العام الجاري برصاص جيش الاحتلال والمستوطنين إلى 65 شهيدًا، بينهم 4 برصاص المستوطنين، و13 طفلًا، وأربعة مسنين، وأسير في سجون الاحتلال.
وكان آلاف الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة قد لبوا فجر اليوم الجمعة نداء مجموعة "عرين الأسود"، التي دعت إلى النزول للشوارع نصرة للمقاومة وتنديدًا بجرائم الاحتلال الإسرائيلي.
ورفع المشاركون في المظاهرات الأعلام الفلسطينية وصور شهداء نابلس وجنين والقدس، وسط هتافات وشعارات داعمة للمقاومة.
تغطية صحفية: "الشبان يرددون القسم خلال مسيرة بنابلس تلبية لنداء عريــن الأســود". pic.twitter.com/xzR2JFx2SF
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) February 23, 2023
قلق أممي ودعوة لوقف تصاعد العنف
وعلى صعيد ردود الفعل، أعربت الأمم المتحدة، الخميس، عن قلقها إزاء تصاعد دائرة العنف في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة على خلفية اقتحام الجيش الإسرائيلي مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية.
جاء ذلك في بيان صادر عن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، حول استشهاد 11 فلسطينيًا وإصابة 100 على الأقل بجراح "بالذخيرة الحية في عملية إسرائيلية بنابلس أعقبتها هجمات فلسطينية بالصواريخ على إسرائيل وغارات جوية شنتها الأخيرة على غزة".
وتطرق البيان إلى استشهاد فلسطينيين من بينهم صبي وثلاثة رجال مسنين، وإصابة الكثيرين خلال العملية الإسرائيلية، والقصف الجوي وإطلاق الصواريخ بين إسرائيل وفصائل فلسطينية مسلحة في قطاع غزة.
وجدد تورك دعوته الأخيرة إلى وقف ما وصفه بـ"التصعيد اللامنطقي" المتزايد والذي "يضر بحقوق كل من الفلسطينيين والإسرائيليين".
وأبدى المفوض السامي القلق أيضًا بشأن استخدام القوات الإسرائيلية أسلحة متفجرة أثناء العملية في نابلس.
"هذا أبوي".. صرخات ممرض فلسطيني ارتقى والده بين يده، تُلخص مجزرة #نابلس التي راح ضحيتها 11 فلسطينياً وعشرات المصابين#فلسطين@AnaAlarabytv pic.twitter.com/YtgxbO1txQ
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) February 23, 2023
وقال: إن "تنفيذ عملية باستخدام مقذوفات متفجرة تطلق من معدات محمولة كتفًا وغيرها من الأسلحة المرتبطة عادة بالأعمال العدائية في منطقة مكتظة بالسكان وفي وضح النهار في وقت مزدحم بأنشطة الناس، يشير إلى تهاون مقلق بحياة وأمن المارة".
وشدد المسؤول الأممي على ضرورة إجراء عمليات قوات تنفيذ القانون بالامتثال التام لقانون حقوق الإنسان الدولي، بما في ذلك ضمان التحقيق في جميع أعمال القتل والإصابات الخطرة، بما يتوافق مع المعايير الدولية.
حدادا على شهداء #نابلس.. الإضراب الشامل يعم مختلف مدن الضفة الغربية #فلسطين تقرير: عميد شحادة pic.twitter.com/mDzqruVY0E
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) February 23, 2023
ويوم الخميس، عَمَّ الأراضي الفلسطينية إضراب شامل للتنديد بقتل الجيش الإسرائيلي 11 فلسطينيًا وإصابة العشرات بالرصاص الحي خلال اقتحامه مدينة نابلس.
والأربعاء، أعلن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، أن بلاده طلبت عقد اجتماعات طارئة لكل من مجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، لتوفير "الحماية الدولية" للشعب الفلسطيني، فور "العدوان الإسرائيلي" على نابلس.
ولاقى الاقتحام الإسرائيلي لنابلس إدانات عربية واسعة صادرة من وزارات الخارجية في كل من قطر والسعودية والإمارات والكويت وسلطنة عمان والبحرين ومصر والأردن، بجانب منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية والبرلمان العربي، ومطالبات بتدخل دولي، وفق بيانات رسمية منفصلة.
"طابع العنف الشديد"
وبشأن تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بأن حكومته ستضع على قائمة ضرب "العدو" أينما كان بالقوة، يرى الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين أن تصريحات نتنياهو، وتلك التي أدلى بها وزير الحرب الإسرائيلي تندرج تحت إطار الاستمرار في ذات النمط من العمليات التي شهدتها مدينة نابلس.
ويضيف في حديث إلى "العربي"، من رام الله، أن هذا النمط من العمليات تحول إلى مجزرة ليس فقط باغتيال المقاومين، بل وكذلك ضد عشرات المدنيين الفلسطينيين.
ويوضح أن هذا الأمر يشير إلى أن المرحلة القادمة سوف تأخذ طابع العنف الشديد ضد ظواهر المقاومة الفلسطينية في محاولة لمنع انتشارها وتمددها إلى مناطق أخرى خارج نطاق نابلس وجنين.
ويضيف، أن هذا التطور مهم في عملية "كاسر الأمواج" التي نقترب من الذكرى السنوية الأولى لإطلاقها في مارس/ آذار من العام الماضي دون أن تحقق أهدافها.
ويرى أن المتغير الجديد أن هناك حكومة إسرائيلية فيها مكونات فاشية تعتقد بأن الوقت حان من أجل حسم الصراع وليس إدارته مع الفلسطينيين.
ويتابع شاهين أن إسرائيل أوصلت رسالة واضحة للسلطة الفلسطينية بأن هذا النمط من التعامل مع ظاهرة المقاومين هو النمط المطلوب، وهي تريد أن ترفع السقف فيما يتعلق بمطالبها.
ويرى أن المواقف الدولية تكتفي بالشجب والاستنكار، وإسرائيل تستطيع أن تتعايش عشرات السنوات القادمة مع بيانات الشجب والاستنكار كما حدث طيلة العقود الماضية.
وفيما يشير إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس نفسه يقول بأن هناك أكثر من 700 قرار اتخذ من قبل الأمم المتحدة على مستوى الجمعية العامة ومجلس الأمن دون أن ينفذ أي قرار منها، يقول إن عباس يعيد الكرة والذهاب مرة أخرى إلى ذات المكان الذي تتحكم فيه موازين قوى لا تخدم القضية الفلسطينية، وتمتلك الولايات المتحدة فيها حق الفيتو.
ويشدد شاهين على أن الذهاب مرة أخرى إلى مجلس الأمن أو الأمم المتحدة لطلب الحماية للشعب الفلسطيني يجب أن يأخذ بعين الاعتبار أن هناك قوة أساسية في العالم هي الحامية الأولى لإسرائيل، وتمتلك حق الفيتو، وهي لن تسمح للفلسطينيين بالتمتع بالحماية.، وعلى العكس هي سوف تواصل حماية إسرائيل.
ويوضح المحلل السياسي أن الدبلوماسية باتجاه الأمم المتحدة وغيرها من الهيئات الدولية هي سياسة صحيحة لكنها عرجاء، لأنها لا يمكن أن تحقق تقدمًا ما لم يتم دعمها بعوامل القوة الفلسطينية، أي بتطوير الحالة الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام وتوحيد الفعل الشعبي والمقاوم الفلسطيني وتنظيمه ضمن إطار واضح ومحدد وتحت إطار قيادة وطنية موحدة هي التي تصدر التعليمات والأوامر.
ويخلص شاهين إلى أن ما تشهده الأراضي الفلسطينية من تصعيد قد يشكل أيضًا إحدى الأوراق التي يستخدمها نتنياهو من أجل محاولة الضغط على معارضيه الذين يقبعون في شوارع تل أبيب بعشرات الآلاف، من خلال تضخيم المخاطر وتوحيد الموقف الإسرائيلي.