يقول مراقبون، إن السينما الغربية أصبحت في العقود الأخيرة تخضع لمعادلات وحسابات سياسية، تخدم مصالح جهات أو حكومات معينة، ما أدى إلى خفض مستوى الأعمال السينمائية من نواحي التأليف والإخراج، وحتى الانتشار والقبول الجماهيري.
وشكّل الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية جزءًا من هذه المعادلة، إذ عمدت السينما الغربية خلال 75 عامًا إلى تبييض جبهة الاحتلال، وترجيح كفّة التعاطف الدولي لصالحه في أعمالها السينمائية، ومحاولة إظهار جنوده في صورة بطولية.
وتعد الأمثلة في هذا المجال كثيرة، أبرزها فيلم The Red Sea Diving Resort الذي يحكي قصة مجموعة جواسيس يهرّبون لاجئين إلى إسرائيل بحجة إنقاذهم من مصير مأساوي. كما يعد فيلم The Debt الذي يتحدث عن عملاء للموساد يؤدُّون مهمة للقبض على نازي هارب من الأمثلة أيضًا.
دعوات لمقاطعة "كابتن أميركا"
وبحسب النقاد، فإنّ هوليوود مستمرة في السير على النهج ذاته، ولكن يبدو أنها تواجه اليوم مأزقًا بطرحها الفيلم الجديد لسلسلة "كابتن أميركا" بسبب إحياء شخصية إسرائيلية تظهر في صورة بطلة خارقة تدعى "صبرا" وتجسّدها ممثلة أميركية عملت في وقت سابق مجنَّدة متطوعة بجيش الاحتلال.
وقد قوبل العرض الأول للفيلم بدعوات واسعة لمقاطعته، إذ تجمَّع عشرات المتظاهرين خارج صالة العرض في هوليوود رافعين شعارات كتب عليها "يجب أن ترحل صبرا" و شعار "ديزني تدعم الإبادة الجماعية" و"قاطعوا كابتن أميركا" ورددوا عبارات تدعم تحرير فلسطين.
ما قصة صبرا؟
وتعود حكاية "صبرا" هذه الشخصية الإسرائيلية التي أثارت ضجة واسعة في العالم، إلى ثمانينيات القرن الماضي عندما طرحت شركة "مارفل" هذه الشخصية في قصصها المصوَّرة، التي كانت تنشر في المجلات، بصفتها عميلة لجهاز الموساد، ترتدي زيًا بألوان العلم الإسرائيلي وتتمتع بقوى خارقة تساعدها في القضاء على شخصيات عربية.
أما عن اسم صبرا، فينتقده كثيرون كون التسمية تأتي مشابهة لمذبحة صبرا وشاتيلا التي نفذها الاحتلال الإسرائيلي عام 1982.
وقد نشرت حركة مقاطعة إسرائيل بيانًا على حسابها في إكس، قالت فيه إن نحو 30 مؤسسة ثقافية وفنية فلسطينية دعت لمقاطعة الفيلم لأنه يروّج لنظام الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي ويساهم في تلميع جرائمه بحقِ الفلسطينيين.
تفاعل واسع مع حملة المقاطعة
وقد أخذت الدعوة إلى مقاطعة الفيلم في الانتشار خارج المجتمعِ المهتمِ بالقضية الفلسطينية وتفاعل معها مؤثرون في أنحاء العالم، من بينهم الناشط البرازيلي لوكاس فيبرارو، نشر فيديو دعا فيه إلى مقاطعة الفيلم وعدم ترويجه.
وقوبل ظهور "صبرا" مرة أخرى في ميادين العمل الفني، بردود فعل رافضة من ناشطين على مواقع التواصل.
وكتبت الكاتبة والإذاعية سمر جارة: "ظهور الشخصية الصهيونية صبرا في أفلام مارفل وإسنادها إلى ممثلة صهيونية ومجنَّدة سابقة بجيش الاحتلال "شيرا هاس"، لا يعني إلّا موافقة ومباركة من مارفل وديزني لجرائم الإبادة والتطهير العرقي التي يرتكبها الجيش الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني".
وأردف ديفيد قائلًا: "يحتوي عالم Marvel على مئات الشخصيات التي لم يتمّ تقديمها حتى الآن في السينما ومع ذلك، فهم قرّروا أن يدرجوا شخصية صبرا بالذات في الفيلم الجديد مع أنّها تمثل جندية في جيش الاحتلال الإسرائيلي".
وتقول إستريّا كان "ستان لي" وهو مؤلف قصص مارفل "ليشعر بخيبة أمل شديدة إذا اقترح أحد الحمقى إضافة قاتل صهيوني إلى فيلمه. يفترض أن يكون فيلم كابتن أميركا منارة أمل للجميع ولكنّ ما يجري أمر مقزز، صبرا ليست بطلة، وهناك أسباب عديدة لقطع مسيرتها الكوميدية على الفور".