عادة ما يتم تصنيف المطاعم وفق نظام "النجوم الخمس" من قبل بعض المواقع المتخصّصة أو النقاد، إلا أن مؤسسات الأكل الفاخرة غالبًا ما يتم تقييمها وفق دليل ميشلان، الذي يمنح ثلاث نجوم كحدٍ أقصى.
ويشير اسم "دليل ميشلان" بشكل أساسي إلى الدليل الأحمر، وهو أقدم وأشهر دليل أوروبي للفنادق والمطاعم، والذي يمنح نجمة ميشلان للمطاعم، وهي جائزة موجودة في عالم الضيافة منذ أكثر من قرن.
وتطورت "جائزة ميشلان" لتصبح رمزًا للجودة والتميز في مجال المأكولات والمطاعم. لكنّ القصة وراء تصنيف ميشلان واحدة من أكثر القصص إثارة للاهتمام في العالم، وربما من أغربها.
أكثر من ذلك، هل تعلمون أن هناك علاقة بين نجمة ميشلان وشركة تصنيع الإطارات الشهيرة التي تحمل الاسم نفسه؟
التاريخ غير المتوقع لدليل ميشلان
في التفاصيل، تعود القصة إلى عام 1900، عندما أسّس الأخوان ميشلان، إدوارد وأندريه، شركة "ميشلان" لتصنيع الإطارات في فرنسا. وكانت هذه الشركة تعمل في مجال صناعة الإطارات للسيارات والشاحنات والدراجات الهوائية.
وفي محاولة للترويج لشركتهما وزيادة المبيعات، قرر الأخوان ميشلان إصدار دليل سياحي للسائقين، يحتوي على معلومات عن المطاعم والفنادق في فرنسا. وكانت فكرة الدليل أن يساعد السائقين في اختيار المطاعم المناسبة لهم أثناء سفرهم.
وبحسب موقع "بابولار ميكانيكس"، تألّف دليل ميشلان الأول من 35 ألف نسخة وشمل خرائط، إلى جانب إرشادات حول كيفية إصلاح الإطارات وتغييرها، بالإضافة إلى قائمة بمطاعم وفنادق، وميكانيكيين، ومحطات وقود على طول الطرق الشعبية في فرنسا.
ونظرًا لوجود بضع مئات من السيارات فقط في جميع أنحاء فرنسا حينها، تم تقديم الدليل مجانًا على أمل خلق طلب على السيارات بشكل عام، وبالتالي زيادة الطلب على إطارات ميشلان تحديدًا.
تطور نظام تصنيف نجمة ميشلان
وخلال العقد الأول الذي تلا أول تجربة، توسع دليل ميشلان بسرعة وأصبح متاحًا في جميع أنحاء أوروبا وكذلك شمال إفريقيا، ولكن سرعان ما اكتشف الشقيقان أن الدليل لا يزال غير كافٍ لمساعدة السائقين في اختيار المطاعم المناسبة بشكل فعال.
فقد كانت معايير الجودة والتميز في المطاعم متغيرة وغير موثوقة. ولذلك قررا تطوير نظام تصنيف للمطاعم يستند إلى تقييم محترف يتم منحه من قبل مفتشين خاصين.
إلا أن التصنيف الفعلي لنجمة ميشلان لم يبصر النور حتى عشرينيات القرن الماضي، وذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، حيث أراد الأخوان الفرنسيان تحسين الدليل الأول وجعل المحتوى أكثر تعمقًا، مع التخلص من الإعلانات؛ لذلك قررا البدء في تحصيل الأموال مقابل الدليل.
وهكذا بدأت العلاقة بين شركة ميشلان لتصنيع الإطارات ونجمة ميشلان.
أول تصنيفات نجمة ميشلان
بحسب موقع "مدرسة أوغست إسكوفيه لفنون الطهي"، تم إصدار أول تصنيفات ميشلان التي تتضمن نجمة عام 1926. حينها، تم منح المطاعم المختارة، والتي كانت جميعها في فرنسا، نجمة واحدة إذ تم اعتبارها "مؤسسة طعام راقية".
بعد ذلك، وتحديدًا عام 1931، توسع نظام التصنيف ليصبح تصنيف ميشلان من فئة 3 نجوم لتحديد المطاعم المميزة التي تقدم تجارب طعام استثنائية، والذي يستمر حتى اليوم.
ونجوم ميشلان الثلاثة تعني:
نجمة واحدة: مطعم جيد جدًا.
نجمتان: طهي ممتاز يستحق الانعطاف من أجله.
ثلاث نجوم: مطبخ استثنائي يستحق رحلة خاصة.
من المهم ذكر أنه على عكس معظم أنظمة تصنيف المطاعم بحسب النجوم، فإن النجمة الواحدة ليست شيئًا سيئًا. فأي عدد من نجوم ميشلان يُمنح لمطعم يشير إلى شرف عظيم وإنجاز نادر.
وعام 1955، وبعد تداعيات الحرب العالمية الثانية على أوروبا قررت شركة ميشلان منح تقدير خاص باسم "بيب غورمان" للمطاعم "ذات الطعام الطيب، بأسعار معقولة".
دليل ميشلان في القرن الحادي والعشرين
في المقابل، لم يشتهر تصنيف نجمة ميشلان في الولايات المتحدة حتى عام 2005، حين بدأ بالتركيز فقط على المأكولات الفاخرة في مدينة نيويورك.
أما اليوم، فيراجع دليل ميشلان المطاعم الفاخرة في جميع مدن العالم لكنه يشتهر بشكل استثنائي في أميركا وتحديدًا في شيكاغو، ونيويورك، ولوس أنجلوس، ولاس فيغاس، وسان فرانسيسكو.
كما يغطي الدليل لحدّ الآن 37 دولة في جميع أنحاء أوروبا، وآسيا، وأميركا الشمالية، وأميركا الجنوبية.
وأصبح الحصول على نجمة أو أكثر من ميشلان معيارًا مهمًا للمؤسسات السياحية الفخمة، وتكريمًا كبيرًا للطهاة، فضلًا عن أنها أصبحت مرجعية مهمة للسياح وعشاق الطعام حول العالم.
وتوسعت شركة ميشلان بصورة كبيرة لتشمل على مدار السنوات تصنيفات للفنادق، ويسعى العديد من الطهاة وأصحاب المطاعم إلى الحصول على هذا التصنيف المرموق.
معايير دليل ميشلان
ووفق موقع "دليل ميشلان"، أكثر خمس دول ضمت مطاعم حاصلة على نجمة ميشلان عام 2022 كانت:
فرنسا: 758
اليابان: 554
إيطاليا: 432
ألمانيا: 384
الولايات المتحدة: 276
أما المعايير الـ 5 لتقييم المطاعم من قبل مفتشي ميشلان، فهي:
1. جودة المنتجات.
2. تفوق النكهات وتقنيات الطبخ.
3. شخصية الطاهي المتمثلة بتجربة تناول الطعام.
4. القيمة مقابل المال.
5. تطابق التقارير بين زيارات جميع المفتشين.
يذكر، أنه نظرًا للتوقعات العالية جدًا التي يخلقها الحصول على نجمة أو أكثر من تصنيف ميشلان، يطالب بعض أصحاب المطاعم بإزالة تصنيف النجوم الخاص بهم، لأنهم يشعرون أن التوقعات الي يخلقها هذا النظام قد تحد من إبداع الشيف في المطبخ.