قدّم كل من إنتر الإيطالي وبرشلونة الإسباني، في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، مباراتين تاريخيتين اتّسمتا بغزارة الأهداف، واللمحات الفنية، والندية العالية، شكّلت متعة كروية خالصة لجماهير اللعبة حول العالم.
وانتزع إنتر بطاقة التأهل بعدما عاد بتعادل ثمين من ملعب برشلونة في مباراة الذهاب بنتيجة 3-3، قبل أن يحقق فوزًا مثيرًا بنتيجة 4-3 على أرضه في لقاء الإياب، ليتأهل إلى النهائي الذي سيُقام في مدينة ميونخ الألمانية، بمجموع 7-6 في المباراتين.
وشهدت مباراة الإياب لحظات مشبعة بحماسة كرة القدم، سواء من خلال الأهداف الغزيرة، أو الاشتباكات الجانبية بين اللاعبين، إلى جانب التألق اللافت للثنائي الشاب لامين يامال وبيدري، فيما تألق الحارس السويسري يان سومر، الذي استحق عن جدارة لقب رجل المباراة.
اعتراض على التحكيم
ولم تخل المباراة من التدخلات التحكيمية، التي اعتبرها برشلونة مجحفة، لا سيما الهدف الثاني لإنتر الذي جاء عن طريق ضربة جزاء، راجع بها حكم اللقاء البولندي شيمون مارتشينياك، تقنية الفيديو قبل أن يحتسبها.
وبدا المدرب الألماني لبرشلونة هانسي فليك، ممتعضًا من قرارات مارتشينياك عقب اللقاء، فيما اشتكى لاعبوه ودكة البدلاء مما اعتقدوا أنها لمسة يد داخل المنطقة من مدافع إنتر أتشيربي، وكذلك خطأ من الظهير دينزل دمفريس ضد جيرارد مارتن خلال البناء لهدف التعادل الذي مدد المباراة إلى وقت إضافي.
وقال فليك في مؤتمر صحافي: "لا أريد أن أتحدث كثيرًا عن الحكم لكن كل القرارات المتعلقة بوقائع مثيرة صبت في صالح (إنتر)".
وأضاف: "أنا محبط، لكن ليس من فريقي. لقد حاولوا كل شيء. هذه هي الطريقة التي تسير بها الأمور"، وتابع: "الألم يعتصرني، قام فريقي بعمل ممتاز. لا أحب التحدث عن الحكم، أخبرته بما أفكر فيه لكنني لن أكرر هنا ما قلته".
وصبت تصريحات بيدري في الاتجاه نفسه، إذ قال لاعب برشلونة بعد المباراة لبرنامج "El Partidazo de Cope": "هذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها هذا الأمر معنا مع هذا الحكم، وأعتقد أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) يجب أن ينظر في ذلك. هناك أمور يصعب تفسيرها".
وأضاف: "كانت هناك العديد من المواقف، وكل مرة كانت النسبة متساوية (50/50)، كانت القرارات تذهب لصالحهم. وبخصوص ركلة الجزاء على لامين، التي تحولت إلى ركلة حرة، لم يمنح ميختاريان بطاقة صفراء، والتي كان من المفترض أن تكون الثانية له."
وكان الحكم قد ألغى ركلة جزاء لبرشلونة بعد عرقلة لامين يامال، حيث أصر حكم الفيديو المساعد (VAR) على أن العرقلة كانت خارج منطقة الجزاء.
وذهب يامين لامال، نجم برشلونة الموهوب، لأبعد من المباراة، حيث اختار أن يوجه رسالة مؤثرة إلى جماهير برشلونة عبر حسابه الشخصي على موقع "إنستغرام".
وقال لامال: "لقد بذلنا قصارى جهدنا، لم يكن الأمر ممكنًا هذا العام، لكننا سنعود، ولن نتوقف حتى نعيد هذا النادي إلى مكانه الطبيعي، إلى القمة".
وأضاف: "سأفي وعدي وأجلبها إلى برشلونة، لن نتوقف حتى نحقق ذلك، لكن أمامنا نهائي آخر الأحد، وعلينا جميعًا أن نكون معًا. فيسكا برشلونة!".
يومان من البكاء
في الجهة الأخرى، كانت الاحتفالات تسود المشهد، لا سيما لدى النجم الأرجنتيني لاوتارو مارتينيز لاعب فريق إنتر، الذي تمكن من تسجيل إنجاز فردي كبير له في تاريخ النادي.
وعادل لاوتارو رقم مواطنه هرنان كريسبو بتسجيله الهدف التاسع له في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، وهو الرقم الذي سبقه إليه كريسبو في موسم 2002/2003.
ولم تكن رحلة لاوتارو بالسهلة، فالأرجنتيني الذي سجل أمس وفي مباراة الذهاب، كاد ليكون خارج التشكيلة الأساسية بسبب الإصابة التي أدت لخروجه لاحقًا من الملعب واستبداله.
وتعافى لاوتارو قبل المباراة لكنه كشف في تصريحات أدلى بها لمحطة سكاي سبورت، بأنه قضى يومين من البكاء بسبب الإصابة خوفًا من استبعاده في المباراة، وقال: "في أول يومين، حلست في البيت أبكي، لكن قمنا بعمل رائع مع الجهاز الطبي وتمكنت من العودة". وأضاف: "لقد وعدت عائلتي بأني سأكون في الملعب اليوم".
واتهم لاعبو إنتر في المباراة، مدافع برشلونة إينيغو مارتينيز بالبصق على زميلهم فرانشيسكو أتشيربي الذي سجل الهدف الثالث، ليعاد النتيجة في آخر لحظات المباراة.
وأظهرت كاميرات التلفزيون لاحقًا لقطات لمارتينيز بدا فيها وكأنه يقوم بالبصق فعلًا، لكن عند سؤاله عن الحادثة، نفى اللاعب أنه بصق على لاعب إنتر قائلًا عبر "موندو ديبورتيفو": "أتشيربي احتفل بالهدف في أذني، غضبت، لكن البصق لم يكن موجهًا نحوه؛ لو كان كذلك، لكنت قد تعرضت للطرد".
وأضاف المدافع أنه ينضم إلى مدربه هانسي فليك في انتقاد الحكم، بعد أن شهد عدة قرارات جاءت ضد فريقه.
أما هدف أتشيربي فكان فصلًا آخر من المباراة التي لن تنسى في ذاكرة عشاق اللعبة، إذ أنقذ المدافع البالغ من العمر 38 عامًا فريقه في اللحظات الأخيرة بنهاية هجمة لم يتوقع أن يكون هدافها.
وأتشيربي كان يوم أمس "عريس إنتر" الذي حاكى قصة بطولية في مسيرته الطويلة، والتي اجتاز فيها مرض السرطان، والاكتئاب، والإدمان من الكحول، في واحدة من قصص كواليس كرة القدم الدرامية، التي تضيف الكثير من المعاني في الساحرة المستديرة.
