تختلف الاحصائيات العالمية حول عدد الدول في العالم، نظرًا لوجود بعض النزاعات على بعض المناطق.
وبينما تُشير بعض الإحصائيات إلى وجود 245 دولة حول العالم، تعترف الأمم المتحدة بـ193 فقط. بينما تحظى الفاتيكان ودولة فلسطين بوضع "دولتين مراقبتين غير عضوين".
ورغم أن بعض الدول المعترف بها هي دول حديثة العهد، لم تنضمّ أي دولة جديدة إلى الساحة العالمية بشكل رسمي خلال السنوات الـ14 الماضية.
ويعود ذلك إلى أنّ الاستقلال غالبًا ما يكون عملية طويلة ومعقدة. فمطالبة دولة أكبر بالتنازل عن جزء أصغر أو إعادة أرض إلى سكانها الأصليين، ليس عرضًا جذابًا للعديد من الدول الكبرى.
لكن قد نشهد خلال عام 2027، نشوء دولة جديدة.
ما هي الدولة الجديدة المحتملة؟
في جنوب المحيط الهادئ الجميل، بين جزر سليمان وبابوا غينيا الجديدة وأستراليا، تقع جزيرة بوغانفيل.
وبمساحة تصل إلى 9300 كيلومتر مربّع، تتميّز بوغانفيل بأنّها جزيرة استوائية خلابة، مغطّاة بالغابات في معظمها.
وتضمّ الجزيرة عددًا من البراكين النشطة والخاملة، ويصل ارتفاع أعلاها إلى 2715 مترًا. ويعتمد الاقتصاد الرئيسي في الجزيرة على تعدين النحاس.
يبلغ عدد سكان بوغانفيل 300 ألف نسمة فقط، أي ما يُعادل تقريبًا حجم جزيرة هاواي الكبرى (الجزيرة الرئيسية).
وتُعدّ بوغانفيل جزءًا من بابوا غينيا الجديدة المجاورة. ومن الناحية الجغرافية، تُشبه جزر سليمان إلى حد كبير من حيث العناصر البركانية والغابات المطيرة.
ويزعم سكانها أنّ لديهم تداخلًا ثقافيًا أكبر مع شعب جزر سليمان، وهو ما أدى إلى توترات طويلة الأمد مع البر الرئيسي لبابوا غينيا الجديدة.
كيف نجحت عملية الاستقلال في بوغانفيل؟
كانت بوغانفيل محورًا للعديد من السياسات الدولية على مدار السنوات الـ70 الماضية.
وكما هو متوقّع، كانت مسيرة الاستقلال طويلة ومعقّدة بالنسبة لسكان بوغانفيل. ويعود ذلك إلى تاريخ الجزيرة.
فمنذ عام 1886، خضعت الجزيرة لسيطرة الإمبراطورية الألمانية، بينما استعمرت الإمبراطورية البريطانية بقية جزر سليمان.
وخلال الحرب العالمية الأولى، احتلت أستراليا وبريطانيا الجزيرة، وبعد ذلك أصبحت غينيا الجديدة الألمانية السابقة إقليم غينيا الجديدة، وكانت تحت إدارة أستراليا.
في الحرب العالمية الثانية، احتلّ اليابانيون الجزيرة، ما أدى إلى بعض المعارك المروعة في المحيط الهادئ. وبعد ذلك، عادت مرة أخرى إلى السيطرة الأسترالية.
عام 1949، ضمّت أستراليا بوغانفيل إلى إقليم بابوا وغينيا الجديدة، رابطةً بذلك المنطقتين لأول مرة. وظلّ هذا الوضع قائمًا حتى عام 1975، عندما نالت بابوا غينيا الجديدة استقلالها.
في ستينيات القرن العشرين، قامت بابوا غينيا الجديدة بإنشاء منجم بانغونا الضخم للنحاس في جزيرة بوغانفيل، ما أثار غضب السكان المحليين.
عام 1974، أصبحت بوغانفيل جمهورية جزر سليمان الشمالية لمدة عام؛ ولكن مع حصول بابوا غينيا الجديدة على استقلالها، سعت لاستعادة الجزيرة، ما أدى إلى اندلاع الحرب الأهلية في بوغانفيل بين عامي 1988 و1998.
تم التوصل إلى اتفاق سلام عام 2001، وأصبحت بوغانفيل تعمل كمنطقة تتمتع بالحكم الذاتي تحت حكم بابوا غينيا الجديدة، وهي الخطوة الأخيرة قبل أن تصبح دولة مستقلة بالكامل.
طريق طويل وشاق أمام بوغانفيل
وأظهر استفتاء غير ملزم أُجري عام 2019، أنّ 98.3% من سكان بوغانفيل يرغبون في الاستقلال عن بابوا غينيا الجديدة. وهذا رقم ضخم يصعب تجاهله، بالنظر إلى أنّ 87.4% من السكان صوّتوا في الاستفتاء.
مع ذلك، فإن بابوا غينيا الجديدة ليست مُلزمة بقبول نتائج الاستفتاء. كما أنّ الاضطرابات السياسية الناجمة عن هذا الاستفتاء، أدت إلى انتشار شائعات مفادها أنّ بابوا غينيا الجديدة ستُوافق على استقلال بوغانفيل بحلول عام 2027.
وإذا أرادت بوغانفيل أن تنال استقلالها، سيكون أمامها طريق طويل وشاقّ.
فهي منطقة فقيرة للغاية، على الرغم من أنّها تتمتع بثاني أعلى دخل للفرد بين مقاطعات بابوا غينيا الجديدة الـ20، وأعلى متوسط عمر متوقّع، وأقل معدّل وفيات رضع، وثاني أدنى نسبة من السكان غير الملتحقين بالمدارس، وفقًا لإذاعة "أن بي آر نيوز" (NPR News).
كما أنّ اقتصادها الصغير انهار بسبب الحصار العسكري السابق.
ولا تزال بوغانفيل تكافح للتعافي من حرب أهلية طويلة ومدمّرة أودت بحياة ما بين 10 آلاف و15 ألف شخص، وهو عدد هائل في مساحة صغيرة كهذه.
كما أنّ الجزيرة غير متطورة للغاية، إذ لا توجد طرق معبّدة فيها. بينما تُستخدم ناقلات الجنود المتبقية من الحرب كمركبات نقل عام.
