أقال الرئيس التونسي قيس سعيّد، مساء الخميس، رئيس الحكومة كمال المدوري بعد أقل من عام على تعيينه دون إيضاح الأسباب، وعيّن سارة الزعفراني الزنزري خلفًا له.
وأفاد بيان للرئاسة التونسية صباح اليوم الجمعة عبر فيسبوك، بأن قرار سعيّد بإقالة المدوري صدر مساء أمس الخميس.
ولم يوضح البيان سبب إقالة المدوري الذي تولى رئاسة الحكومة في أغسطس/ آب 2024 خلفًا لأحمد الحشاني.
"عصابات إجرامية في المرافق العمومية"
وفي سياق متصل عيّن الرئيس التونسي الجمعة، صالح الزواري وزيرًا جديدًا للتجهيز والإسكان خلفًا للزعفراني، بحسب البيان الرئاسي.

وخلال اجتماع لمجلس الأمن القومي اليوم الجمعة قال سعيّد: "العصابات الإجرامية تنشط في عديد من المرافق العمومية. وقد آن الأوان لوضع حد لها وتحميل المسؤولية لأي مسؤول مهما كان موقعه ومهما كانت طبيعة تقصيره أو تواطئه".
ودعا الرئيس الزعفراني -في اجتماع نقلته صفحة الرئاسة على موقع فيسبوك- إلى "المزيد من تنسيق العمل الحكومي وتذليل الصعوبات لتحقيق انتظارات الشعب التونسي".
وانتقد سعيّد في الأشهر الماضية أداء الوزراء بشكل متكرر، قائلًا: إن الأداء لم يرق للمستوى المطلوب وإن "انتظارات" الشعب التونسي عالية.
وأضاف: "سنواصل معركة التحرير حتى ينعم جميع المواطنين بالعدالة.. سنواصل إحباط كل المؤامرات".
وفي إشارة إلى تردي الخدمات العمومية وتواتر شكاوى التونسيين، قال سعّيد: "يكفي من الخلل ومن عدم تحمل المسؤولية ويكفي من التنكيل بالمواطنين"، لافتًا إلى ما وصفه بـ"اللوبيات والكارتالات تجد في قصر الحكومة من يخدمها ويحميها".
"ثالث رئيس حكومة في أقل من عامين"
وتعد رئيسة الحكومة الجديدة سارة الزعفراني (62 عامًا) -وهي مهندسة حاصلة على درجة الماجستير في الجيوتقنية- ثالث من يتولى رئاسة الوزراء في تونس في أقل من عامين، ورابع رئيس للحكومة منذ إجراءات الرئيس سعيّد الاستثنائية في 25 يوليو/ تموز 2021.

وسبق أن تولت الزعفراني مهام وزارة التجهيز الإسكاني بحكومة نجلاء بودن منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2021، وبقيت في المنصب حتى تعيينها رئيسة للحكومة، وكانت قبل ذلك مديرة عامة للجسور والطرقات بالوزارة ذاتها.
والزعفراني هي ثاني امرأة تقود الحكومة في تونس بعد نجلاء بودن، التي كانت قد شغلت المنصب من أكتوبر/ تشرين الأول 2021 حتى أغسطس/ آب 2023.
وتعاني تونس صعوبات اقتصادية ومالية كبيرة، مع نمو محدود بنسبة 0,4% في العام 2024، ونسبة بطالة تبلغ 16%، وديون تعادل نحو 80% من ناتجها المحلي الإجمالي.
ويتمتع الرئيس بسلطات كاملة تمكنه من إقالة الوزراء والقضاة. وفي أغسطس/ آب 2024، قام بتغيير شامل عيّن خلاله المدوري رئيسًا للحكومة، وهو موظف حكومي سابق متخصص في الشؤون الاجتماعية.
إجراءات استثنائية للرئيس سعيّد
وأقيلت بودن في فترة تأزم فيها الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالخصوص مع فقدان العديد من المواد الأساسية كالخبز المدعوم. وتم تعيين إطار سابق في البنك المركزي أحمد الحشاني، والذي تمت إقالته بدوره الصيف الفائت.
وفي 6 فبراير / شباط الماضي، أقال سعيّد، أيضًا في منتصف الليل، وزيرة المالية سهام نمصية البوغديري وعيّن محلّها القاضية مشكاة سلامة الخالدي.
كما غيّر 19 وزيرًا مبررًا قراره بـ"المصلحة العليا للدولة" وضرورات "للأمن الوطني".
وتأتي هذه التعيينات وسط جو سياسي مضطرب مع عشرات المعارضين المسجونين، بعضهم منذ عامين، بالإضافة إلى رجال أعمال وشخصيات إعلامية.
وفي صيف 2021، أقال الرئيس التونسي قيس سعيّد رئيس الحكومة وجمّد البرلمان ليحله لاحقًا بشكل كامل.
ومنذ ذلك الحين، قام بتعديل الدستور لإعادة تأسيس نظام رئاسي حيث يتمتع فعليًا بكل السلطات، وسط تنديد المعارضة ومنظمات تونسية ودولية بتراجع في الحقوق والحريات في تونس.
وأعيد انتخاب سعيّد في 6 أكتوبر/ تشرين أكتوبر 2024 بأغلبية ساحقة (أكثر من 90%) في انتخابات تميزت بمشاركة منخفضة جدًا بلغت أقل من 30%.