الإثنين 25 مارس / مارس 2024

"ديوان".. قصة مكتبة مصرية تكيّفت مع تغيّر الأزمان

"ديوان".. قصة مكتبة مصرية تكيّفت مع تغيّر الأزمان

Changed

تملك مكتبة ديوان 9 فروع في مصر (واشنطن بوست)
تملك مكتبة ديوان 9 فروع في مصر (واشنطن بوست)
منذ 20 عامًا، تقدّم مكتبة "ديوان" نكهة فريدة وجلسة مريحة وسط فوضى الحياة اليومية في القاهرة، من انكماش اقتصادي، وثورة، وانقلاب عسكري، وقمع حرية التعبير.

في منتصف أحد الشوارع الرئيسة الصاخبة في حي الزمالك بالعاصمة المصرية القاهرة، تقدّم مكتبة "ديوان" الهدوء والثقافة لزوارها تزّينها نكهة القهوة وفناجينها.

منذ حوالي 20 عامًا، تقدّم مكتبة "ديوان" نكهة فريدة وجلسة مريحة وسط فوضى الحياة اليومية في العاصمة المصرية.

ووفقًا لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أنشئت المكتبة عام 2002، في وقت كان يُعتبر فيه إنشاء مكتبة كهذه "شذوذًا" في القاهرة، حتى أن البعض حذّر مؤسسيها من أن "مشروعهم محكوم عليه بالفشل في ظل البيروقراطية المصرية، وانخفاض معدلات القرّاء، والقدرة الشرائية".

وعادة ما تكون المكتبات مملوكة إما لدور النشر أو للحكومة، وتتضمّن كتبًا قديمة مهترئة وأكلها الغبار. ولهذا، حلمت واصف وشقيقتها هند وصديقتهما نهال شوقي، بنوع مختلف من المكتبات متعددة اللغات تسمح للقراء بتصفّح أعمال مؤلفين مصريين أسطوريين مثل نجيب محفوظ، الحائز على جائزة نوبل، وأيضًا مجموعة واسعة من الأصوات الناشئة من جميع أنحاء العالم العربي، وكذلك من الولايات المتحدة وأوروبا. 

كما هدفت واصف وشريكاتها إلى إنشاء مكان تشعر فيه النساء بالأمان من التحرّش الجنسي، ومتجر لا يبيع الكتب فحسب، بل يعمل على الارتقاء بالمجتمع.

واغتنمت الفتيات الثلاث الفرصة لتحقيق حلمهن خلال فترة كانت تشهد فيها القاهرة زخمًا إبداعيًا، على أمل أن تستطيع المكتبة أن تملأ فجوة واضحة، فدخلن في شراكة مع صديقهن زياد بهاء الدين وزوج شوقي آنذاك علي الدسوقي.

مكتبة ديوان

فقرة مفقودة في المشهد الأدبي

بدأ المشروع في الزمالك، وهو حي يسكنه أبناء الطبقة الغنية إلى حد كبير، حيث حصلوا على مساحة في مبنى قديم ساحر يضمّ صالة ألعاب رياضية.

"نظرًا لعدم وجود مكتبات مماثلة في القاهرة، يجب أن يبدأ كل شيء من الصفر، بدءًا من عملية الحصول على الكتب وحتى تعويض النقص الواسع في أرقام ISBN، وهو نظام التعريف الدولي لمبيعات الكتب"، كتبت نادية واصف، المؤسسة المشاركة للمكتبة، في مذكراتها التي صدرت الشهر الماضي.

واستوحوا تصميم مكتبتهم من مكتبات عالمية مثل شكسبير في باريس، وريزولي في نيويورك، حيث عرضوا كتبًا باللغة الإنكليزية والعربية، يتوسّطها مقهى مريح يجذب القرّاء للبقاء للقراءة أو الدردشة.

وسريعًا ما أدرك بعض سكان القاهرة، أن المكتبة كانت مثل فقرة حاسمة مفقودة في المشهد الأدبي للمدينة، واستمتعوا بالمتجر. 

واستضافت "ديوان" حفلات إطلاق الكتب وتوقيعها، وهي أحداث كانت حتى ذلك الحين نادرة الحدوث في مصر. وتوافد سكان القاهرة على المتجر لشراء الروايات وكتب التنمية الذاتية والشعر والطبخ وغيرها.

وقالت الكاتبة المصرية ياسمين الرشيدي: إن المكتبة "غيّرت التجربة. قدّمت المكتبة هذه المساحة التي لم تكن موجودة من قبل في القاهرة".

مكتبة ديوان

التكيّف مع العصر

مع مرور الوقت، توسّعت "ديوان"، وافتتحت فروعًا جديدة لها. كان أصحابها يعلمون أن التحدي يتمثّل في الحفاظ على الجوهر الخاص للمتجر الرئيسي. كان أداء بعض المتاجر أفضل من غيرها، ولم تستمرّ كلها.

وبعد 9 سنوات، اندلعت ثورة "25 يناير"، مطلقة معها ثورة فكرية وكتّابًا جددا. ووسط هذه الاضطرابات، خشي مؤسسو "ديوان" من المستقبل، فاختارت واصف وشقيقتها مغادرة البلاد. لكنّ شوقي بقيت في مصر، وانضمت إلى موظفين سابقين في المكتبة لتشكيل فريق جديد لإدارة الفروع.

وتواصل مكتبة "ديوان" التكيّف مع العصر، بعد أن افتتحت تسعة فروع في مصر، بما في ذلك موقعها الرئيسي في الزمالك، كما أن هناك شاحنتان للكتب، ومتجرا موسميا واحد على الساحل. ولا تزال رفوفها تحمل كتبًا للكتّاب اللامعين، بينما تستضيف مقاهيها مجموعات من الأصدقاء والجيران، وتجتذب الحشود لإطلاق الكتب وتوقيعها.

وقالت واصف، في مذكراتها: "أشعر أن ديوان هي ابنة القاهرة. لقد نجت، أصيبت بكدمات عدة مرات، كحالنا جميعًا. الأمر يتعلق بالقدرة على التحمّل، والإنسان مجرد جندي في هذه المعركة".

المصادر:
ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close